اعتماد مجموعات التقوية في المدارس، قرار جديد أصدره وزير التربية والتعليم الدكتور الهلالي الشربيني، معلنًا إعادة استنساخ المنظومة التي أثبتت فشلها بعد تطبيقها قبل سنوات. وكانت وزارة التربية والتعليم، قد أطلقت مبادرة مجموعات التقوية بالمدارس في محاولة لمواجهة مافيا الدروس الخصوصية منذ تسعينيات القرن الماضي، إلا أن هذه المجموعات باءت بالفشل في تحقيق غايتها وتوغلت الدروس الخصوصية بشكل كبير، الأمر الذي أدى إلى عزوف الطلاب عن المدارس والاكتفاء بالدروس الخصوصية الخارجية، قبل أن تعيد الوزارة اعتماد المنظومة وبأسعار مرتفعة كرسوم للطلاب في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وأكد الدكتور الهلالي، في تصريحات له مؤخرًا ضرورة تفعيل القرار الوزاري رقم (53) لسنة 2016، والخاص بمجموعات التقوية المدرسية، تحقيقًا للصالح العام؛ باعتبارها البديل لمواجهة الدروس الخصوصية، مشيرًا إلى أن القرار ينص على أن تنظم مجموعات تقوية اختيارية في بعض المواد الدراسية بجميع المدارس الرسمية للطلاب؛ بهدف تحسين المستوى العلمي لهم بتلك المواد، مقابل سداد اشتراكات مناسبة.
وأضاف الوزير، أن اشتراك الطالب بهذه المجموعات اختياريًّا سواء داخل المدرسة المقيد بها أو أية مدرسة أخرى يختارها، ويعلن عن قيمة الاشتراك، والمواعيد، وأماكن الدراسة، وأسماء المعلمين القائمين بالتدريس فى لوحة إعلانات كل مدرسة في مكان ظاهر، قائلًا: "مجموعة التقوية المدرسية تتكون من ثمانية دروس شهريًّا في المقرر الواحد بواقع حصتين كل أسبوع، ومدة الحصة الواحدة ستون دقيقة، كما تنظم المدارس الابتدائية والإعدادية التي يوجد بها ضعف في مهارات القراءة والكتابة لدى بعض الطلاب مجموعات تقوية في اللغة العربية تعتمد على طريقة القرائية والبرامج المعدة بمعرفة الوزارة، وذلك بالتنسيق مع توجيه مادة اللغة العربية". وشدد الوزير، أنه لا يجوز أن يزيد عدد طلاب مجموعة التقوية عن خمسة وعشرين طالبًا، وتنظم المجموعات الدراسية وفقًا لضوابط بدء العمل بهذه المجموعات اعتبارًا من شهر سبتمبر من كل عام دراسي، وينتهي قبل بدء الامتحانات، وتعقد المجموعات داخل المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي، مع جواز عقد البعض منها أيام الإجازات، ويجوز للمعلم الذي يشترك في المجموعات الدراسية أن يقوم بالتدريس في أكثر من مجموعة بدون حد أقصى، مع الالتزام بأعداد الطلاب في كل مجموعة، وعدم دمج أكثر من مجموعة فى مجموعة واحدة. وللطالب حرية اختيار المجموعة التي يتلقى فيها المجموعات الدراسية في ضوء الجدول المعلن المتضمن أسماء المعلمين، كما يحظر على أي معلم إعطاء دروس خصوصية بأي حال من الأحوال داخل المدرسة أو خارجها، وإلا تعرض للمسئولية القانونية.
خبراء وتحليل الدكتور رضا مسعد، مساعد وزير التربية والتعليم السابق، أكد في تصريح خاص ل" المصريون"، أن منظومة مجموعات التقوية معتمدة منذ تسعينيات القرن الماضي وفي عهد وزير التعليم الأسبق حسين كامل بهاء الدين، إلا أنه يصدر قرارًا وزاريًا بتجديدها وتحديد أعداد الطلاب في الفصول وأسعار المجموعات والحصص الدراسية". وأضاف مسعد: "مجموعات التقوية في المدارس تأتي لخدمة الطلاب غير القادرين على الحصول على دروس خصوصية، إلى جانب المدرس غير القادر على فتح مراكز للدروس الخصوصية فتكون بمثابة دعم اجتماعي للتلميذ الفقير والمدرس أيضًا، خاصةً أن لدينا 30 % من طلاب المدارس فقراء ولا يستطيعون الحصول على الدروس الخصوصية بيد أن الطلاب المقتدرين لا يفضلونها ويلجأون للدروس الخصوصية". وأردف مساعد الوزير السابق: "العائد من هذه المجموعات من حق المدرس بنسبة 100 % إلا أنه مفترض استقطاع نسبة 5 % للمدرسة من خلال استخدام القاعات الدراسية وإشراف مديري المدارس، رافضًا تحديد نسبة أكبر من ذلك لتوزيعها على مديري الإدارات التعليمية وديوان عام الوزارة" مشددًا، في الوقت ذاته على أن هذه الدروس ليست بديلًا عن الدروس الخصوصية وتسير معها بالتوازي ولن تستطيع القضاء عليها ومن يروج لذلك واهم وغير مدرك للواقع المعاش". واتفق معه الخبير التربوي كمال مغيث، قائلًا: "ارتفاع كثافة الفصول وتدهور مرتبات المعلمين، وتدني المستوى العلمي للمعلم كانت سببًا في انتشار الدروس الخصوصية، فيحين انتهجت الدولة الكثير من الطرق لمواجهة الدروس الخصوصية ولكن بشكل سطحي ما أدي إلى فشلها جميعًا ومنها مجموعات التقوية". وأضاف مغيث: "مجموعات التقوية، تخلق تفاوتًا طبقيًا بين الطلاب، كما أن رفع الوزارة لأسعار الدروس لن يحل الأزمة بل سيزيدها وعلى الوزارة أن تسعى إلى إيجاد سياسات فاعلة لمواجهة الدروس الخصوصية ورفع الدور الثقافي والتعليمي للطلاب بالمدارس".
ساسة ونواب وانتقد الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدرسات السياسية والقانونية، اتجاه الدولة لرفع أسعار مجموعات التقوية رغم فشل المنظومة بالأساس في مواجهة الدروس الخصوصية أو رفع كفاءة الطلبة والمعلمين للنهوض بالعملية التعليمية. وقال مهران، في تصريحات خاصة، ل"المصريون"،:" وزارة التعليم تسعى لفتح باب استنزاف أموال أولياء الأمور لأن الوزارة بتقول الفلوس اللى تروح للدروس الخصوصية تيجي للوزارة أحسن في ظل فشل تقديم خدمة تعليمية جيدة لرفع مستوى التعليم والطالب وتحريك التنمية الثقافية". وحذر مهران، من غضب أولياء الأمور حال رفع أسعار هذه المجموعات والتي لا تغني عن الدروس الخصوصية فيسما يضطر الأهالى إلى الاشتراك لأبنائهم بها خوفًا من تعنت المدرسين للطلاب في الامتحانات، قائلًا: "أتوقع أن تحدث حالة من الغضب والاحتجاج من أولياء الأمور في ظل رفع أسعار مجموعات التقوية بالمدارس وفي ظل الأزمة الاقتصادية الحالية". النائبة ماجدة نصر، عضو مجلس النواب عن محافظة الدقهلية، انتقدت قرار وزارة التربية التعليم بزيادة أسعار المجموعات الدراسية على الطلاب، قائلةً،:" هذا ليس حلا للنهوض بالعملية التعليمية، في حين أن مجموعات التقوية والدروس الخصوصية وجهان لعملة واحدة، ومن المفترض أن يكون هناك تنظيم أكثر للنهوض بالتعليم. وأضافت ماجدة: نؤيد فرض الوزارة زيادة أسعار مجموعات التقوية بالمدارس ولكن بهدف استغلالها في بناء المدارس الجديدة وتدريب المعلمين وتأهيلهم مع تشريع قوانين تجرم الدروس الخصوصية، وهو الأمر الذي سيؤدي للقضاء على الدروس الخصوصية، فيما الحال على أرض الواقع يدل على فشل التعليم في المدارس، ولابد من اعتماد مبدأ الثواب والعقاب للمعلمين حتى يتم تطوير المنظومة التعليمية بالمدارس. شاهد الصور..