عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف الشهر الجارى، تظهر العديد من التجليات لفوز تركيا من المحاولة الانقلابية الفاشلة والعديد من الفرص التى يجب أن يقتنصها النظام الحاكم فى تركيا, ويعد أبرز تلك النقاط التى أغتنمها النظام الحاكم فى تركيا هى إعادة الاصطفاف بين كل القوى السياسية من مختلف أطيافها العلمانية والقومية والكردية، فقد وقفت المعارضة التركية موقفًا واحدًا ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة ودعمت الديمقراطية بسبب المعاناة التى شهدتها تركيا من ويلات الحكم العسكرى عقب حدوث أربعة انقلابات عسكرية فى غضون 56 عامًا خلفت وراءها مئات الآلاف من الضحايا والمعتقلين والمشردين، وبعد فشل المحاولة الانقلابية واجتمع الرئيس التركى أردوغان بقادة حزب الشعب الجمهورى المعارض "كمال كليتشدار أوغلو" وزعيم الحزب القوميين الأتراك "دولت بهيتشلي" فى القصر الرئاسى بالعاصمة أنقرة. الاستفادة الثانية الكبرى للمحاولة الانقلابية الكشف عن العناصر التابعة لجماعة فتح الله جولن والمتغلغلة داخل مؤسسات الدولة فكان أقرب المستشارين العسكريين للرئيس التركى وبعض قادة الجيوش من الذين أيدوا وشاركوا فى المحاولة الانقلابية الفاشلة وبعض الموظفين والعاملين فى الكثير من الأجهزة الحساسة فى الدولة مثل الشرطة والقضاء. الظهير الشعبى القوى الذى يتمتع به النظام الحاكم فى تركيا, فبعد إعلان بيان الانقلاب وإعلان السيطرة على مقاليد الأمور فى البلاد واحترام تركيا لكل المواثيق والمعاهدات الدولية -بحسب بيان الانقلاب-, ظهر الرئيس التركى أردوغان عبر مكالمة فيديو على تطبيق "فيس تايم" على شاشة قناة سى إن إن الناطقة باللغة التركية وخاطب الشعب بالنزول إلى الشوارع والميادين والمحافظة على التجربة الديمقراطية وهو ما ترجمه سريعًا الشعب ونزل بالآلاف إلى الشوارع والميادين وقام بمناهضة الانقلابيين وتجلت من خلال الصور التي انتشرت. وما زال هناك الفكر الانقلابي موجود داخل العقلية العسكرية التركية وتجلى ذلك من خلال مشاركة العديد من الضباط من مختلف الرتب في المحاولة الانقلابية الأخيرة وهو ما يعكس بدوره وجود فكر انقلابي داخل الذهنية العسكرية التركية ويتجلى ذلك من خلال الانقلابات العسكرية التى شهدتها تركيا فى الأعوام الماضية واستناد هؤلاء الانقلابيين للمادة الثانية للدستور التركى والتى تنص على وجوب التدخل بانقلاب عسكرى للحفاظ على مبادئ الجمهورية التركية وتجرى الآن المحاولات التى من شأنها إعداد دستور جديد للبلاد يحد فيه من الصلاحيات الواسعة الممنوحة للقوات المسلحة التركية فى دستور عام 1982 والمعمول به حاليًا فى تركيا. وكشفت المحاولة الانقلابية عن وجوه الكثير من الأعداء للحكومة التركية وتورط دول عربية وأجنبية وراء دعم وتمويل الانقلابيين وظهرت مواقف بعض الدول التي أيدت المحاولة الانقلابية وانتقدت بعض ذلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية حيال المتورطين والضالعين فى الانقلاب الفاشل.