حينما يتحول الطبيب إلى داعشي يستمد قواه من تلك التنظيمات الإرهابية التي تخضع عمليًا لحسابات قوى خارجية، وحينما يتحول المهندس إلى عقل مدبر لتصنيع لمتفجرات لاستهداف أبرياء، إذًا هناك خلل، ويبرز السؤال الأهم كيف نجحت تلك الجماعات في تحويل طبيب إلى داعشي. ولعل ذلك ما ظهر جليًا خلال الأيام الحالية التي تعيشها مصر حاليًا، لاستهداف متعمد من التنظيمات الإرهابية لقوات الجيش والشرطة والمدنيين، وخاصة المناطق الملتهبة في سيناء. عمليات ضبط متتالية تعلنها الأجهزة الأمنية في القبض على عناصر إرهابية بحوزتهم العديد من الأسلحة والمتفجرات، في طريقهم لتنفيذ تلك العمليات الإرهابية. منذ الوهلة الأولى تعتقد أن تلك العناصر والأفراد التي تعلن الأجهزة الأمنية القبض عليهم، لا يحصلون على تعليمهم الكافي ويمرون بعوامل نفسية ويخضعون ل"غسيل مخ" من قبل تلك التنظيمات باسم الدين، لكن المفاجأة الكبرى، أن تجد تلك الجماعات تحتوي على عناصر من المتفوقين علميًا، بل ومعظمهم ينتمون إلى كليات القمة، من طب أو صيدلة وهندسة ومن ضباط وأساتذة جامعيين. «المصريون» استطلعت رأي خبراء في الشئون والحركات الإسلامية للإجابة عن السؤال الصعب وهو كيف يتحول الطبيب والمهندس إلى إرهابي..؟ من جانبه، يرجع عمار على حسن، الخبير في الحركات الإسلامية، انتماء عدد من طلاب الكليات العملية مثل الهندسة والطب والصيدلة والعلوم إلى الجماعات المتشددة مقارنة بالكليات النظرية إلى عدة عوامل أولها أن هذه الكليات، تركز عليها الجماعات في عملية التجنيد في صفوف الطلبة، كي تستثمر الخريجين فيما بعد. وأضاف حسن، في تصريحات ل"المصريون"، أن الدراسات العملية لا تمنح صاحبها قدرة على المساءلة والجدل التي تكون لدى خريجي الكليات الإنسانية أو النظرية، وبالتالي يصبح طالب الكليات العملية مثاليًا لجماعة تقوم على السمع والطاعة. واستطرد عمار، قائلًا: فيما يتعلق بجفاف الدراسات التطبيقية مما يجعل الدارسين في حاجة إلى ما يروي ظمأهم الروحي، وهنا تطرح الجماعات الإسلامية المسيّسة تصورها لهم باعتباره الدين، وتضمن إقبالًا شديدًا منهم عليه. ومن جانبه، قال الدكتور أحمد غباشي، الخبير في الحركات والشئون الإسلامية، إن الجماعات المتطرفة تلجأ إلى خريجي الكليات القمة مثل الطب والصيدلي والهندسة، لبناء قياداتها ولجأت إلى حيل ماكرة وهي عملية التنشئة الاجتماعية للفرد فيتم بناء الفرد داخل الجماعة على مبدأ السمع والطاعة حتى يتم تأهيله علميًا وتبدأ الجماعة في الاستعانة به. وأضاف غباشي، في تصريحات ل"المصريون"، أن الجماعات التكفيرية طورت من نفسها ولا تعتمد على الفكر القديم المبنى على استقطاب الفقر والجهل والمرض للانضمام لتلك الجماعة، لكنه أكثر دموية في حالة استقطاب عملاء منهم. وتابع غباشي، أن الجماعات تعتمد في بناء فردها على السمع والطاعة، وعلى الفرد أن يلغى عقله ولا يخضع إلا لتوجهات تلك الجماعات التي ليس لها علاقة بالإسلام، وإنما هي تجارة باسم الدين الإسلامي. وتابع الخبير في الحركات الإسلامية، أن تلك الجماعات، تعتمد على تلقين أعضائها فن صناعة الموت، وهو الإنسان الذي يقدم على الموت وهو مقتنع أن هذا في سبيل الدعوة، اعتمادًا على المقولة الشهيرة "عندما يقف الأخ موقف المتحكم، فإن العقل يستبدل مكانه بالرصاص". وأوضح غباشي، أن تلك التنظيمات الجهادية تختلف عن نظيرتها السياسية، لأن قياداتها يحاولون الاستفادة من كل الأعضاء فيما يخص تنفيذ العمليات فيقومون باستقطاب كل فرد قادر على تنفيذ الفكرة القتالية، سواء من الناحية الفكرية والعملية ويقومون بتوظيف أعضائها، كل في مجاله الطبيب والمهندس والكميائي وغيرهم، وحتى إن كان هؤلاء الأفراد غير مقتنعين بأفكار التنظيم، فمن الممكن أن يقوم بمهمة محددة مقابل الحصول على المال. وتابع غباشى، أن هناك عوامل نفسية تساعد التنظيمات الإرهابية في استقطابه، منها قد يكون مشردًا بلا سكن وبلا مأوى وقد يكون لا يملك المال من أجل الزواج وقد تكون النفسية الخاصة به لديها الاستجابة بالفعل من أجل فعل كل شيء سيئ خاص بالتطرف والإرهاب, وبناء على هذا الكلام يكون الشاب فرصة من الفرص السهلة لدى التنظيمات والجماعات الإرهابية؛ من أجل تحقيق العمليات الخاصة بالانتقام من جميع البشر, ثم يتم العمل على مسألة إغراء الشاب بالكثير من الأموال والنساء والكثير من الأشياء التي قد لا يستطيع الحصول عليها في حياته الطبيعية, كما أن ذات الشاب يجد نفسه في لمح البصر قد أصبح بالفعل يملك القوة وتدمير البشر من خلال العمليات الإرهابية شديدة الخطورة والتعقيد وهذه هي الكارثة بل المصيبة الكبرى. ويقول دكتور هاشم بحري، رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن هناك عوامل نفسية لدى الفرد ما يجعله مؤهلًا لقبول الأفكار المتطرفة، وتأتي غالبًا عن طريق تربيته والنظام التعليمي. أوضح بحري، في تصريحات صحفية، أن التقييم السيئ للذات أحد الأسباب التي تؤدي إلى إقبال الشخص على الانضمام لهذه التنظيمات تحت راية الجهاد والشهادة في سبيل الله، قائلًا: "اللي شايف أنه أفسد في الدنيا، أو أنه صفر على الشمال، ولم يحقق أي شيء، تصبح الشهادة هي المخلص له مما يعتقده مفاسد الدنيا، خصوصا أن التنظيمات تروج لأنها الهدف الأسمى الذي يجب أن يكون لدى كل مسلم، للدفاع عن الإسلام، وهي القضية الكبرى التي تعوض لديه شعوره بالنقص وعدم إنجاز أي شيء مهم في حياته من وجهة نظره". ويفسر حديث بحري حالة إسلام يكن على سبيل المثال، فخريج كلية الحقوق، لم يمضِ على تخرجه عدة أشهر حتى انخرط وسط إحدى المجموعات التي تدعو إلى الجهاد في سوريا، ثم سافر إلى هناك معلنًا انضمامه إلى تنظيم داعش. أما الدكتور أحمد مهران أستاذ القانون، ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية, أكد أن نسبة كبيرة من المجندين في التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط من خريجي الجامعات، وأن أكثر تلك الطلاب هم من خريجي الهندسة والطب. وتابع مهران، في تصريحات ل"المصريون"، أن «عقلية الهندسة والطب» تجعل طلاب العلوم فريسة سهلة للتجنيد في الحركات الإرهابية بسبب المواد العلمية الصعبة التي يقوم الطالب بدراستها وعدم وجود وعي كافٍ لدى الطلاب وعدم التثقيف, ويوجد العديد من تلفيق الجرائم من قبل الجهاز الأمني لبعض الطلاب لمجرد إعلانه موقفه السياسى. "داعش" يعلن عن حاجته لخريجي الطب والهندسة وأعلن حساب "شئون سنية" المهتم بنشر أخبار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، عن حاجة التنظيم لخريجي كليات الطب، والهندسة، والتمريض، والإدارة، والاتصالات، وطلب الحساب من الذين يجدون في أنفسهم الكفاءات من السنة التقدم والالتحاق واصفين ذلك ب"دعم المجهود". دراسة: المهندسون أكثر الفئات ميلًا للتطرف وفي دراسة أعدها الباحثان "ديجو جامبيتا" و"ستيفان هيرتوج"، في كتابهما المعنون ب"مهندسو الجهاد"، أن فئة المهندسين هي أكثر الفئات ميلًا للانضمام لجماعات متطرفة، ويسعى الكتاب الذي عرضه المركز الإقليمي ضمن إصدارات مايو، للربط بين التخصصات التعليمة والانضمام لجماعات العنف المسلح. واعتمدت الدراسة على أبحاث أكاديمية، ووثائق حكومية، ومواقع لمنظمات جهادية، بالإضافة إلى مسح لصحف الشرق أوسطية في الفترة من 2000 إلى 2010، وراجع الباحثان الحالات التي نظر فيها القضاء في دول غربية والتي ثبت فيها تورط الأفراد في العمليات الإرهابية، واستبعاد من لم يتم التأكد من تورطهم، بما في ذلك المعتقلين فى جوانتانامو. خلص الباحثان إلى أن غالبية المنضمين لحركات الجهاد الإسلام بمنطقة الشرق الأوسط من دارسى التخصصات النخبوية، وتوصلوا إلى أن غالبية الجهاديين الذكور درسوا الطب والهندسة والعلوم، مقارنة بالعلوم الاجتماعية والآداب والفنون. صيدلي يحول منزله لمصنع متفجرات قالت وزارة الداخلية إن الأجهزة الأمنية بالقاهرة تمكنت من ضبط "صيدلي"، قام بتحويل مسكنه لتصنيع القنابل شديدة الانفجار بمنطقة حدائق القبة، واستخدامها فى العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة، وعثر داخل مسكنه على عدد من الأسلحة النارية والطلقات والقنابل المعدة للتفجير وأدوات تصنيع المتفجرات، وأمر اللواء أسامة الصغير مدير أمن القاهرة، بإخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيقات. وبمواجهته أمام اللواء محمد قاسم، مدير مباحث العاصمة، اعترف بحيازته للمضبوطات بقصد التصنيع لاستخدامها فى العمليات الإرهابية. تحرر عن ذلك المحضر رقم 2701 لسنة 2014م إدارى القسم وتولت النيابة العامة التحقيق. أطباء وضباط متهمون بالانضمام ل"داعش" وكانت جهات التحقيقات أمرت بحبس 10 متهمين 15 يومًا على ذمة التحقيق فى اتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية وحيازة أسلحة ومفرقعات والتخطيط لتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية واغتيال شخصيات ومسئولين بإحدى الدول العربية، وشملت قائمة المتهمين كلاً من "هشام.م.خ" و"أحمد.ع.ا" إضافة إلى 4 ضباط سابقين وطبيب، و4 متهمين آخرين. مهندس بحوزته مادة "تي إن تي" وكانت الأجهزة الأمنية بالجيزة، ألقت القبض على مهندس بمنيل شيحة، يقوم بتصنيع القنابل، لاستخدامها في أحداث العنف ضد قوات الشرطة. وضبطت بحوزته قنبلة وكمية كبيرة من مادة (تى. إن. تى)، التى يتم استخدامها في تصنيع المتفجرات، وأمر اللواء كمال الدالي مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، بإحالته إلى النيابة، التي تولت التحقيق.