أخطر شيء يمكن أن يمهد لنجاح الانقلاب العسكري في أي دولة، إصابة الطرف الآخر بالتوتر والإحباط، وتمدد حالة اليأس على نطاق واسع، ما يمنح الانقلابيين قوة إضافية لإحكام سيطرتهم على مقاليد الأمور، لذلك كانت كلمة السر في إجهاض الانقلاب التركي رفع الآذان. الأتراك لجأووا إلى أحد أقدم وسائل العالم عبر التاريخ، تحالف القرن الأول الهجري وال21 الميلادي، بحسب تعبير موقع هفنجتون بوست الأمريكي. صدعت مكبرات المساجد بالتكبير، والآذان، ودعوة المواطنين للنزول للشوارع والميادين، تحركت مساجد أنقرة واسطنبول، وإزمير، وبورصة، وأضنة، وقونية، دون أن يحسب الانقلاب لها أي حساب. مآذن لم تكن في الحسبان، لا يمكن تكميم أفواهها كما فعلوا مع التليفزيون التركي، ولا يمكن إملاء رسالة على مكبراتها، كما فعلوا مع المذيعة التركية تيجان كاراش. يصعب وربما يستحيل قصفها كما فعلوا مع البرلمان التركي، لا يمكن قطع بثها كما فعلوا مع القمر الصناعي "ترك سات" بقصف مقر إدارته في العاصمة انقرة. يقول ديفيد هيرست رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي، إنه لإلحاق الهزيمة بالانقلاب لجأ الرئيس التركي إلى هاتفه النقال (الآيفون)، ولجأت المساجد إلى سماعاتها التي انطلق منها صوت التكبير قبل ساعات من طلوع الفجر، وسارع الزعماء السياسيون من كافة الملل والنحل، وبعضهم يناصب الرئيس الخصومة والعداء، إلى المطالبة بكل وضوح ودونما مواربة بدحر الانقلاب، ثم بدأ رجال الشرطة بإلقاء القبض على الجنود المشاركين في المحاولة الانقلابية. تقول الصحفية التركية آصلي آيدن طاشباش "لقد تحركت المساجد وانطلقت أصوات الآذان تصدح في غير وقتها، ما لمس وتراً حساساً في نفوس مؤيدي حزب العدالة والتنمية أدى فوراً إلى شحنهم". مع تكبيرات الىذان وتحركات الحشود ، بدأ التحول في ميزان القوى بشكل حاسم لصالح الرئيس أردوغان، وانتزع أهالى إسطنبول السيطرة على المطار ما مهّد لهبوط طائرة أردوغان فيه حوالي الساعة 3:20 فجراً حيث قوبل بالحشود الغفيرة من الجماهير المؤيدة الهاتفة في مشهد كان الضربة النفسية القاضية التي أتت على آمال قادة الانقلاب.