قالت وكالة "رويترز", إن المشهد في مصر بعد مرور 3 سنوات على المظاهرات الحاشدة في 30 يونيو 2013 ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين, يتميز بالقتامة وتزايد ما سمتها القبضة الأمنية بشكل غير مسبوق, حسب تعبيرها. وأضافت الوكالة في تقرير لها في ذكرى 30 يونيو, أن القبضة الأمنية, التي استهدفت في البداية الإسلاميين, امتدت لتشمل أيضا نشطاء ليبراليين وعلمانيين, كما استهدفت شخصيات بارزة مثل هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات, ومنظمات حقوقية, وفرقة "أطفال شوارع" التي تقدم أعمالا فنية ساخرة, بالإضافة إلى ترحيل المذيعة اللبنانية, التي تحمل الجنسية البريطانية, ليليان داوود. وتابعت " نقيب الصحفيين المصريين واثنان من زملائه, يواجهون أيضا المحاكمة, وذلك للمرة الأولى في تاريخ هذه المؤسسة الصحفية". واستطردت الوكالة " حتى المئات من طلاب الثانوية العامة الذين كانوا يحتجون على تأجيل امتحاناتهم بعد تسريب الامتحانات تم تفريقهم بالقوة, وظهرت تغريدة على تويتر مصحوبة بصورة لمطاردة بعض رجال الشرطة للطلاب جاء فيها: الماضي يجري وراء المستقبل". وأشارت "رويترز" أيضا إلى أن ما زاد من قتامة المشهد, وأصاب كثيرين بالصدمة في مصر, أن الأوضاع الاقتصادية ازدادت سوءا, ووصل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ سبعة أعوام, بالإضافة إلى نقص العملة الصعبة, حسب تعبيرها. وكانت صحيفة "التليجراف" البريطانية, قالت أيضا إن ترحيل الإعلامية البريطانية من أصل لبناني ليليان داوود من مصر في 27 يونيو, بعد ساعات من إنهاء تعاقدها مع قناة "أون تي في" التليفزيونية المصرية الخاصة, يأتي في سياق ما سمتها حملة "القمع" المتواصلة في البلاد ضد حرية الإعلام, حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 28 يونيو, أن هذه الحملة ظهرت بوضوح في اعتقال عدد من الصحفيين, ووقف برنامج الإعلامي الساخر باسم يوسف, بالإضافة إلى التصعيد ضد نقابة الصحفيين منذ مطلع مايو الماضي. وتابعت " السلطات تشن حربا على حرية الإعلام, بالتزامن مع حملتها ضد المعارضين", حسب تعبيرها. واستطردت " الرواية الرسمية بررت ترحيل ليليان داوود من مصر بانتهاء تصريح إقامتها"، مشيرة إلى أن السبب الحقيقي عكس ذلك. ونسبت الصحيفة إلى أحد المسئولين, قوله :" إن ليليان داوود تجاوزت الخطوط الحمراء في برنامجها التليفزيوني, ولن يسمح لها بالعودة إلى مصر, كنوع من العقاب". وكانت ليليان, التي عملت في السابق مراسلة لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي", تقدم برنامج "الصورة الكاملة" الحواري, على قناة "أون تي في" التليفزيونية المصرية الخاصة. وفي 27 يونيو, صرح زياد العليمي ، محامي ليليان، بأن 8 رجال بزي مدني "اقتحموا" منزل موكلته، وأخبروها أنهم من "مباحث الجوازات"، و"أجبروها على الخروج معهم لترحيلها من مصر، ورفضوا السماح لها بإجراء أي اتصالات", حسب تعبيره. ونسبت وسائل إعلام مصرية إلى العليمي, قوله أيضا :" إن داوود فسخت في 27 يونيو تعاقدها مع قناة (أون تي في)، وعادت إلى منزلها، فاصطحبها رجال مدعين أنهم من مباحث الجوازات"، مشيرًا إلى أن ابنة "داوود", التي تبلغ "10 أعوام", هي التي أخبرته بما حدث. وبدورها, نقلت "رويترز" عن مصادر أمنية قولها إن شرطة الجوازات اصطحبت ليليان داود من منزلها إلى المطار, حيث استقلت طائرة شركة مصر للطيران المتجهة إلى بيروت, فيما ذكرت "الجزيرة" أنه تم تبرير ترحيل ليليان داوود بانتهاء تأشيرة الإقامة الخاصة بها, بعد إنهاء تعاقدها مع قناة "أون تي في". وفي 29 يونيو, انتقدت ليليان, الطريقة التي تعاملت بها السلطات المصرية معها إبان ترحيلها من مصر ، مشيرة إلى انخفاض سقف الحريات في مصر, بحسب رأيها. وفي لقاء مع إذاعة "بي بي سي", قالت ليليان :"أستغرب نزول سقف الحريات إلى تلك الدرجة، وبخاصة إذا ما قارنا هذا السقف بحجم الحريات التي كانت متاحة قبل 5 سنوات، وما رأيناه تلك الأيام لم نره من قبل حتى في ظل حكم الإخوان". وأضافت "لم أنتقد الرئيس في برنامجي والجميع يمكنه الاطلاع على حلقاتي، لكني أتبنى القضايا العامة بحكم عملي، وأؤكد أنه لا يعنيني شخص الرئيس بقدر ما تعنيني طريقة إدارته للبلاد", بحسب قولها. وتابعت أن ما سمته اقتحام منزلها تم بعد ساعة واحدة إثر الإعلان عن إنهاء عقدها مع "أون تي في"، وكل شيء جرى أمام ابنتها ذات الأحد عشر عاما. وأوضحت أنها باعتبارها أمّا لفتاة مصرية، وكانت متزوجة من مواطن مصري، وحاملة لجواز سفر بريطاني، كانت تتوقع معاملة أفضل خاصة وأنها كانت مستقرة بمصر ولديها ممتلكاتها. وأكدت أنها كانت تتناول القضايا العامة فق القواعد المهنية المعمول بها, وأعربت عن أسفها لما سمته انحدار سقف الحريات في مصر إلى درجة لم تكن حتى في "عهد حكم الإخوان", قائلة :" السلطات في مصر لا تتحمل أي رأي مغاير، لم نكن نتخيل أن سقف الحريات سينزل لهذا المستوى مقارنة مع خمس سنوات مرت، للأسف -حتى إني مضطرة أقولها- في سنة حكم الإخوان, لم نشهد ما شهدناه في هذا الوقت". وسبق لليليان أن تناولت في إحدى حلقات برنامجها "كيف تبنى دولة الاستبداد من خلال تغييب الحقائق وإرهاب الناس؟"، واستضافت ثلاثة أشخاص معروف عنهم معارضتهم للنظام. وبحسب تقارير إعلامية مصرية أيضا, فإن ليليان تضامنت مع منظمي وقفة ضد قانون التظاهر، كما أنها هاجمت النظام بمقدمة وصفت بالنارية في إحدى حلقات برنامجها، واصفة الوضع القائم ب"الدولة الغائبة".