السيسي اندهش من خطاب مرسي الأخير وقال «مفيش فايدة».. المجلس العسكري قدر تظاهرات 30 يونيو ب 4 مليون مواطن.. ومرسى قال «كل اللى خرجوا ميجوش 120 ألف» مرسي لم يرفض الاستفتاء على بقاءه وطالب التأجيل .. السيسي كان سيقنع الجماهير بالاستفتاء بدلًا من العزل إذا وافق مرسي تم إعداد كرسي لرئيس الحرية والعدالة في بيان 3 يوليو ولكنه لم يحضر.. أطواق النجاة التي ألقى بها السيسي وأهدرها مرسي
كشف الكاتب الصحفي ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، والمقرب من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تفاصيل جديدة عن أحداث ما قبل 3 يوليو 2013. وقال رزق في مقاله المنشور ب "أخبار اليوم" اليوم: "أتذكر إلحاح زملائي بأسئلتهم حين تأخرت ساعات الليل دون أن يصدر عن الجيش بيان في ختام مهلة الأيام السبعة التي حددها وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي يوم 23 يونيو لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق لحماية مصر وشعبها". وأضاف:" كل الأسئلة كانت صياغات مختلفة لاستفسار واحد حائر: هل يمكن أن يتخلي عنا الجيش؟! لم أكن أحتاج لأن أسأل، كي أرد عليهم: ومنذ متي تخلي الجيش عن الشعب؟!، ومع ذلك اتصلت وسألت وعرفت أن هناك بيانا سيذاع في اليوم التالي، وفي الموعد المحدد أذيع البيان، أو بالأدق الإنذار الأخير، الذي أعطي مهلة 48 ساعة، كفرصة أخيرة لتحقيق مطالب الشعب، وإلا سيكون لزاما علي القوات المسلحة استناداً لمسئوليتها الوطنية والتاريخية أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف علي تنفيذها بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة". وتابع: "بعد البيان.. تجددت أسئلة زملائي: لماذا مهلة إضافية؟!.. ألم يقل الشعب كلمته؟!.. ماذا لو استجاب مرسي؟!.. إن الوقت قد فات.. وانتهت صلاحية مطلب إجراء استفتاء علي رئاسته.. فلن يقبل الشعب إلا برحيله هو وإزاحة نظام الإخوان عن صدر البلد، وللحق كنت عن نفسي أتعجل صدور بيان يعلن عزل مرسي استجابة لإرادة الشعب بعد أن فاضت بنا المكاييل، برغم أني كنت أدرك مقاصد المهلة الثانية!، وكنت أعرف أن الفريق أول السيسي يريد أن يقطع الطرق علي أي مزاعم قد تقال فيما بعد، بأن ما جري هو انقلاب وليس ثورة شعبية، وكان هذا هدفه حين أعطي مهلة الأيام السبعة. فالذي يخطط لانقلاب، لا يعلن عن موعده". ومضى قائلا:" كنت أعلم أن الفريق أول السيسي يرغب في أن يرضي ضميره أمام الله والشعب وأيضا أمام التاريخ، فلا يقال في المستقبل، إنه أغلق نافذة، كان يمكن أن يمر منها بصيص ضوء". وأفاد رزق، أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي كان يتمسك بعبارة "لعل وعسى" وهو يقدم نصيحة مخلصة للرئيس الأسبق محمد مرسي تلو أخري يصدها، وهو يفتح له فرصة جديدة من بعد فرصة يهدرها. وأشار إلى أن ذروة الأحداث بدأت منذ ديسمبر 2012، قائلًا:" بدأت بإعلانه الدستوري الذي أصدره يوم 22 نوفمبر ووصف بأنه انقلاب دستوري علي القضاء ودولة المؤسسات، ثم حصار الإخوان وحلفائهم للمحكمة الدستورية العليا الذي كان مطلع شهر ديسمبر وكان لايزال مستمرا، ثم أحداث مظاهرات الثلاثاء الكبير يوم 4 ديسمبر التي أحاطت بقصر الاتحادية، والتي أعقبتها مذبحة مروعة في اليوم التالي ارتكبتها عصابات الإخوان ضد المتظاهرين العزل!.. ومن بعدها صدور الإعلان الدستوري المصري الذي أعلنه مرسي يوم 8 ديسمبر، وحاول به الالتفاف علي أزمة إعلانه الدستوري الأول". وأردف،:"مساء يوم 11 ديسمبر 2012.. فوجيء الشارع السياسي بمبادرة يطلقها الفريق أول عبدالفتاح السيسي، لدعوة رئيس الجمهورية محمد مرسي ورئيس الوزراء وممثلي القوي السياسية وشباب الثورة والأزهر والكنيسة والقضاء والإعلام، إلي لقاء حوار لجمع الشمل المصري، في القرية الأوليمبية للدفاع الجوي بطريق القاهرة الجديدة، وفي صباح يوم 12 ديسمبر 2012 اتصلت بالفريق أول عبدالفتاح السيسي أسأله عن سر الدعوة. قال: «كما تري هناك أزمة سياسية طاحنة، والنذر تشير إلي ما هو أسوأ، ووجدت أن من واجب القوات المسلحة كمؤسسة وطنية أن تبادر لتهدئة الاحتقان، وأن تعطي للرئيس مرسي غطاء يحفظ له مكانة منصبه، هو مظلة القوات المسلحة، ليعمل من أجل تنقية الأجواء مع قوي المجتمع».
.وتابع،:" عرفت أن مرسي كان علي دراية مسبقة بالمبادرة قبل أن يعلنها وزير الدفاع فقد اتصل السيسي بمكتب الرئيس، ورد عليه مدير المكتب أحمد عبدالعاطي، وأبلغه وزير الدفاع بالاقتراح، وقال له: «اعرض علي الرئيس وخليه يكلمني». بعدها بقليل اتصل مرسي بالسيسي وقال: إنها فكرة رائعة، وطلب التحرك لتنفيذها!". وقال،:"وبينما كنت أتأهب للذهاب إلي اللقاء.. تلقيت مكالمة تفيد بإرجائه إلي أجل غير مسمي، وأدركت أن مكتب الإرشاد، تدخل كما هي العادة، وأحبط المبادرة. وعلمت أن مرسي اتصل بالفريق أول السيسي وتراجع عن ترحيبه بالاقتراح. وكان هذا هو أول طوق نجاة لا يلقي له بالاً". "وحل شتاء السخط ومن بعده ربيع الخماسين، تكررت النصائح والتنبيهات المخلصة، وتعددت أطواق النجاة، وفي الحادي عشر من مايو 2013 دعا الفريق أول السيسي نخبة من الشخصيات العامة والإعلاميين والفنانين والرياضيين إلي حضور مراسم تفتيش حرب بالفرقة التاسعة المدرعة في دهشور، وتحدث السيسي أمام الحضور، غير أنه قوطع أكثر من مرة من بعض الشخصيات، وكانت فحوي مداخلاتهم هي دعوة الجيش إلي النزول وتخليص البلاد فوراً من حكم الإخوان أي دعوة الجيش إلي القيام بانقلاب عسكري، ولكن السيسي رد عليهم بوضوح قائلا: « إن نزول الجيش في انقلاب سيعيد البلاد 40 عاما إلي الوراء وأن الأسلم هو التغيير عن طريق صندوق الانتخاب»". وكان السيسي، مازال يؤمل في أن تسفر جهوده التي لم تنقطع خلال الشهور السابقة عن إقناع الرئيس ونظامه بحل الأزمة السياسية الطاحنة والقطيعة التي تسبب فيها بقراراته وممارسات جماعته مع قوي المجتمع بلا استثناء، ويريد أن يقول إن فكرة الانقلاب ليست موجودة في أدبيات القوات المسلحة، ويطرد الفكرة من أذهان الحضور ومن ثم الجماهير. وأضاف رزق،:" قبيل مأدبة الغداء في نهاية اللقاء صعدت إلي المنصة الرئيسية وانتحيت جانباً بالفريق أول السيسي سألني عن رأيي في كلمته. فقلت: «إن الحضور قد يفهمها علي غير ما قصدت. قد يتصورون أن الجيش لن ينزل حتي إذا نزلت الملايين في ثورة، وسيتخلي عنهم. من جانب آخر قد يظن الإخوان أن كلمتك هي «كارت أبيض» لهم ليفعلوا ما يريدون بالشعب وهم آمنون من ردة فعل الجيش» ثم سألته: «هل هذا ما قصدت؟! فقال: قطعا لا.. موقفنا واضح.. نحن مع إرادة الشعب حيثما ذهبت»، وفي نهاية حفل الغداء.. تحدث الفريق أول السيسي موجها الشكر للحضور.. ثم اختتم كلمته بعبارة ذات مغزي قائلا: «ماتستعجلوش.. علشان خاطري ماتستعجلوش»، وكانت رسالة السيسي في هذا اللقاء ذات شقين متلازمين. أولهما أن الجيش لن يقدم علي انقلاب، وثانيهما أن الجيش لن يتخلي عن الشعب". "وفي أعقاب اللقاء.. اتصل الفريق أول السيسي بالرئيس مرسي وقال له: «الآن لديك فرصة لإطلاق مبادرة حقيقية أنا دفعت الثمن من كلامي، وأدفع هذا الثمن لأني خائف علي بلدي من بكرة، الآن صنعت لك غطاء لكي تتحدث وتطلق مبادرة، فلن يقول أحد إنها جاءت تحت ضغط من أي أحد، سواء القوي السياسية أو المؤسسة العسكرية» ولكن هذه المرة أيضا أطاح مرسي بطوق النجاة". ومع حلول يونيو 2013 بدأت الأمور تتجه إلي طريقها المحتوم، وفي يوم 22 يونيو 2013 كان المجلس الأعلي للقوات المسلحة مجتمعاً في مقر الأمانة العامة بكوبري القبة، خرج المجلس بتقدير موقف قوامه أن الجماهير ستنزل إلي الشارع يوم 30 يونيو بأعداد تتراوح بين 4 إلي 6 ملايين مصري، وأن الشواهد تقول إن مجريات الأحداث ستقود حتما إلي حرب أهلية في غضون شهرين، ستكون خارج القدرة علي السيطرة، ولن يستطيع الجيش حينئذ أن يحول دون تداعياتها. كان الرأي الذي أجمع عليه القادة دون استثناء، أنه لو نزلت الجماهير، فلابد أن يتدخل الجيش، وعلي ضوء تقدير الموقف، طلب السيسي من القادة أن يذهبوا جميعاً إلي قصر القبة لإطلاع الرئيس مرسي علي رأي المؤسسة العسكرية، ووجد مرسي القادة أمامه في قصر القبة، وقال له السيسي: أنا لن أتحدث. لقد تحدثت كثيراً. وسأترك قادة القوات المسلحة الكبار، ليقول كل منهم رؤيته، واستمع مرسي إلي القادة، وكالعادة وعد خيراً، ولم ينجز وعده، ومع ذلك طلب السيسي من أعضاء المجلس الأعلي أن تترك له الفرصة لبذل مزيد من الجهود حتي اللحظة الأخيرة لعل وعسي". "وفي اليوم التالي 23 يونيو أبلغ الفريق أول السيسي، الرئيس مرسي بمبادرة طرحها، تتضمن المطالب التي يجمع عليها الناس وكان سقفها الأعلي هو الاستفتاء علي الرئيس، وكان السيسي يتمني أن يستجيب لها ويعرض نفسه علي الشعب للاستفتاء علي استمرار رئاسته، فلو وافق علي بقائه، لما كان لأحد أن يتحدث بعد ذلك، وأطلع السيسي مرسي علي تفاصيل مهلة الأيام السبعة، قبل أن يعلن عنها في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمسرح الجلاء وكالعادة أيضا أهدر مرسي وإخوانه الفرصة" طوق النجاة الأخير لمرسي كان يوم الأربعاء 26 يونيو، عندما جلس معه لمدة ساعتين حتي الواحدة ظهراً يقنعه بأن يكون خطابه الذي سيلقيه بعد ساعات، خطابا تصالحياً يتضمن مخرجاً مقبولاً، وطرح عليه عدة حلول، ثم طلب مرسي من السيسي أن يجلس مع الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة ليرتب معه الخطوط العريضة للخطاب، ولكن الخطاب الذي ألقاه مرسي في آخر ساعات الليل، جاء مناقضاً لكل ما اتفق عليه، وحينئذ قال السيسي لنفسه وهو يتابع الخطاب مندهشاً: خلاص مفيش فايدة"، ومع ذلك لم يتوقف عن محاولاته اليائسة في لقاءاته مع مرسي خلال الأيام التالية لعل وعسي". غضب مرسي من بيان مهلة الثمانية والأربعين ساعة الذي أذيع بصوت مذيع عسكري، وكان معه السيسي في مكتبه وتلا عليه البيان قبل اذاعته بالتليفزيون ورد مرسي قائلاً: كل اللي خرجوا ما يجوش 120 ألفاً!.. فقال له السيسي: سوف أحضر لك سيديهات مشاهد المظاهرات" كان اللقاء الأخير للسيسي مع مرسي يوم 2 يوليو قبل 24 ساعة من انتهاء المهلة الثانية والأخيرة ولم يبد مرسي أي مرونة تجاه الاستفتاء، وظل علي فقدانه البصيرة بعد البصر، وفي يوم الثالث من يوليو، وقبيل ساعات معدودة من انتهاء المهلة، طلب السيسي من معاونيه الاتصال بثلاث شخصيات لإجراء محاولة تدخل أخيرة مع الرئيس مرسي لاقناعه، وكان الثلاثة هم الدكتور محمد سليم العوا، والدكتور هشام قنديل، والدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري وصهر مرسي "وظهيرة نفس اليوم علمت بالصدفة بوجود الدكتور أحمد فهمي في مبني القيادة المشتركة، واتصلت به وعرفت أنه ذاهب للقاء الرئيس لمعرفة رأيه فيما طرح عليه وبعدها هاتفته من جديد، وعرفت أن كل ما يطرحه الرئيس هو تغيير وزاري، واجراء انتخابات برلمانية، ثم بعد ذلك يتم الحديث عن مسألة الاستفتاء، وكان واضحاً إذن، أن الإخوان يستبعدون تدخل الجيش لإنفاذ إرادة الجماهير، وكان رهانهم علي أن الجيش سيحجم خوفا من المواجهة" وهكذا صدر بيان 3 يوليو، ولعلنا لا ننسي مشهد الفريق أول السيسي، وهو يقف صلباً، فارداً ذراعيه علي منصة الخطابة في ثقة ورضا نفس، وهو يتلو البيان، في حضور ممثلي ألوان الطيف المصري الجالسين من حوله، بينما كان هناك مقعد شاغر، أعد لرئيس حزب الحرية والعدالة، لكنه رفض الحضور". أذكر أنني بعد ثلاثة أسابيع من ثورة يونيو، التقيت الفريق أول السيسي لمدة ساعتين، في لقاء غير صحفي بمقر وزارة الدفاع، يومها سألته: كيف استمررت في طرح اقتراح اجراء استفتاء علي رئاسة مرسي، حتي يوم الثالث من يوليو، برغم أن الوقت تخطي هذا الاقتراح، وأن المطلب الجماهيري الوحيد منذ الثلاثين من يونيو هو عزل مرسي، وازاحة نظام الإخوان؟، ورد الفريق أول السيسي قائلا: لو كان وافق كنت سأبذل قصاري جهدي لإقناع الجماهير بفكرة الاستفتاء". وأردف رزق،:"أذكر أن المشير السيسي في لقاء له مع الإعلاميين قبل استقالته للترشح للرئاسة أشار إلي وزير الدفاع واثنين من قادة الأفرع كانوا علي يمينه ويساره، قائلا: لو كانوا أخرجوني من منصبي، لوجدوا الفريق أول صدقي صبحي ولو أخرجوه، لوجدوا الفريق عبدالمنعم التراس أو الفريق يونس المصري، ولو أخرجوهما لوجدوا غيرهم من قادة القوات المسلحة علي نفس الموقف في الانحياز لإرادة الشعب". "السيسي كان يرفض الترشح لرئاسة الجمهورية مكتفياً بالدور الذي أداه لبلاده، وأذكر أنني حين التقيته يوم 21 يوليو 2013، سألته إذا كان يفكر في الترشح، لاسيما أن هناك رغبة جماهيرية تعلو في هذا الاتجاه. فابتسم، وطلب من اللواء عباس كامل أن يأتي له ببيان كتبه يستعد لإذاعته بعد قليل، وأخذت البيان من الفريق أول السيسي، كان مكتوباً في ثلاث ورقات زرقاء بخط يده، يقول إنه لا يفكر ولا يعتزم الترشح لرئاسة الجمهورية، وأن قمة طموحه ومبعث فخره أنه يتولي قيادة جيش مصر العظيم، وحينها رجوته بإخلاص أن يلغي البيان أو يؤجله بعض الوقت، وقلت إنه حينما يأتي الوقت، ربما لا يقدر علي مقاومة إرادة شعبية غلابة تدعوه للترشح".