ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    الحكومة توافق على تعديل قانون الأزهر واستمرار المعلمين حتى نهاية العام الدراسي    البورصة المصرية تربح 23.1 مليار جنيه بختام تعاملات الخميس 27 نوفمبر 2025    الحكومة تقرر تسجيل غير القادرين ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل تلقائيًا    جيش الاحتلال يعلن تنفيذ عمليات في جنين بدعم جوي    قلوب تتخطى الحدود.. توزيع آلاف الطرود الغذائية والمساعدات الشتوية من مصر لقطاع غزة    رئيس دولة الإمارات يبعث رسالة خاصة للزعيم عادل إمام.. تعرف عليها    الزمالك ينقل تدريباته لاستاد بيتر موكابا استعدادا لمواجهة كايزر تشيفز    محامي رمضان صبحي يكشف تطورات قضية المنشطات    تعرف على مواعيد مواجهات الفراعنة في البطولة العربية بالأردن    حبس 14 رجلا وسيدة بتهمة استغلال الأطفال في أعمال التسول واستجداء المارة    قرار وزاري جديد لإعادة هيكلة دراسة وامتحانات مدارس STEM والموهوبين    أحمد السلمان: مهرجان الكويت المسرحي موعد مع الإبداع والاكتشاف    سفير الإمارات يزور عادل إمام في منزله (صور)    بعد وصولها للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد.. جلال برجس يكشف عوالم روايته معزوفة اليوم السابع    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    أبوريدة: نتمنى التوفيق لجميع المنتخبات.. ووفرنا كل أسباب النجاح    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    مُصطفي غريب ضيف آبلة فاهيتا "ليلة فونطاستيك.. السبت    الإعلان عن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد.. بينهم 7مصريين    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    «التأمين الصحى الشامل» يقرر تحديث أسعار الخدمات الطبية بدءًا من يناير 2026    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    اكتمال النصاب القانوني لعمومية اتحاد الكرة لمناقشة تعديلات لائحة النظام الأساسي    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    وصول الطائرة البابويّة إلى مطار أنقرة وبداية الرحلة الرسوليّة الأولى للبابا لاوون ال14 إلى تركيا    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    خبراء الأرصاد يتوقعون طقسًا خريفيًا مائلًا للبرودة بالقاهرة الكبرى    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    قرارات جديدة من وزير التربية والتعليم | تفاصيل    بسبب الإهمال.. استعباد مدير ووكيلي مدرسة في قنا    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    انقلاب سيارة نقل ثقيل على طريق الإسكندرية الصحراوي دون إصابات    بسبب تعاطيهم الحشيش.. إنهاء خدمة 9 من العاملين أثناء أدائهم للعمل الحكومي    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    قبل موتها المفاجئ.. المذيعة هبة زياد تكشف تعرضها للتهديد والابتزاز    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    ارتفاع حصيلة الفيضانات وانزلاقات التربة في إندونيسيا إلى 19 قتيلا    "إسرائيل ليست على طريق السلام مع سوريا".. كاتس يشير إلى خطة جاهزة في اجتماع سري    الجيوشي: الحكم بعودة التعليم المفتوح بشهادته الأكاديمية خاص بالجامعات الحكومية فقط    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وَجَعُ اَسْمُهُ المَدَنِيَّةُ
نشر في المصريون يوم 06 - 02 - 2012

ثمة اختلاف فى جهة السير بين فريقى المدنى والدينى كهوية لهذا الوطن الذى بدا متكشفاً أكثر من عادته بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ،تحديداً منذ الجلسة الإجرائية التى تمت ببرلمان الوطن فى جلسته التاريخية، وهذا الاختلاف يتجسد من خلال محورين أساسيين ؛ محور المصطلح ، ومحور الاستخدام والتطبيق ، فلكل فريق من أنصار المدنى والدينى خارطة طريق تحدد وجهته وخطابه ، و نكاد نجزم بأنهما يريدان الخير لمصر وإن تباينت الرؤى والطروحات المقدمة .
ولقد غفل عن الفريقين مقولة إمامنا المرادى أحد أقطاب التصوف الرشيد البعيد عن مظاهر الدروشة والدجل والمظاهر البدعية التى خالطت الإسلام القويم ، حينما يقول : " اجعل أكثر أحوالك فى اليقظة صمتاً ، وأكثر صمتك فى الأمور عبرة ، فإن فى كثرة صمتك راحة لقلبك " ، ومفاد هذه المقولة البليغة أن كلا الفريقين لا يريد أن يستشرف المشهد السياسى بمنأى عن الفصيل الآخر المرابط بالشاطئ الآخر .
لذا فترى كل فصيل ( الدينى / المدنى) يرى فى الفصيل الآخر لغطاً وريبة ،وأصبح كل فريق منهما يدشن للتيار المغاير له أيديولوجياً وتنظيرياً حملات تكاد تكون مسعورة رغم أنهما يستظلان بمرجعية واحدة مطلقة ألا وهى المرجعية الدينية الإسلامية .إلا أن الفصيل الدينى يؤكد على مرجعية الحاكمية الإسلامية لكل شئون الحياة ومختلف مناحيها ، بينما يظن الفصيل المدنى على أن المرجعية الدينية منوطة فقط بضبط القواعد الاجتماعية والأعراف المجتمعية دون إقحامها بصورة مباشرة فى الشأن السياسى.
ووسط حالة الهلع من أقطاب التيار المدنى أو إن شئنا الفصيل الليبرالى من التصاعد المفاجئ للتيارات الدينية التى سرعان ما عبرت عن توجهها السياسى، نجد الفصيل الدينى يكيل عظيم الاتهامات لليبرالية والمدنية ويجعلها قاصرة على الحرية المطلقة للفرد ويوجه لصدرها سهماً مباغتاً لأنها تقف حجر عثرة أمام حركة الإصلاح الدينى التى تشهدها البلاد منذ ثورة يناير المجيدة .
الأمر الذى خلق حالة من الجدال المستدام فى أن كل تيار مناوئ للآخر بدلاً من أن يبين مناقب نظرته الاستشرافية لهذا الوطن الذى يستحق كل جهد ، راح يخيف الطرف الآخر ، ليس هذا فقط بل قدم صورة لدولته الافتراضية لأن الدستور لم يعد حتى لحظتنا الراهنة على أنها إما تشدد مطلق وحاكمية مستبدة ورجعية ترفض التنوير، أو تحرر دائم دونما قيود أو سلطان بشرى ينتهى بنا إلى التعهر والفجور. وكلا الفريقين يلعب على البعد الاقتصادى ودوره فى النهوض بهذا الوطن دون أن نستبين النظام الاقتصادى فى ظل أى من الدولتين الافتراضيتين.
وهذه هى نقطة المفارقة بين الطرفين ، فأنصار الدولة الدينية لا يسعون لتقديم أنفسهم على أنهم مدنيون بالفطرة ، إلا أنهم يستندون إلى مرجعية دينية ثابتة قوامها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التى لا عوج فيها ولا عوض عنها لأنهما باختصار شديدين دستور يجمع بين الأصالة والمعاصرة ويقيم علاقة متوازنة بين الزمانى والتاريخى ، ولا يستطيع أن ينكر جاحد القدرة الخلاقة للقرآن الكريم وللسنة النبوية فى إدارة شئون البلاد والعباد ، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى من يطبقها وكيف يطبقها دون إخلال بالنهج الإسلامى القويم.
وأنصار الدولة المدنية هم أيضاً لا يقيمون وزناً لقاعدة مهمة مفادها أن المدنية لا تعنى الخروج بالحرية من باب الالتزام تجاه الآخر إلى طريق لا سلطان عليه ، بل إن المدنية فكرة قديمة جداً أسسها وكرس لها نبينا المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) ، والمستقرئ لدولة الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) فى المدينة يدرك المقاربة الرشيقة بين حياة المرء الشخصية وبين القواعد الثابتة الراسخة والتى تجعله يمارس حياته وحرياته بصورة تتواءم مع مجتمعه دون خلل أو عصيان أو خروج عن مقتضيات الحياة الاجتماعية .
لكن معظم أنصار الدولة المدنية يتغافلون قصداً أن الليبرالية التى تغلف الدولة المدنية تبلورت فى ظل ارتباط وثيق بتطور النظام الرأسمالى لتبرير حقوق الطبقة البرجوازية الصاعدة إزاء النظام القديم ، واعتمدت فى ذلك على عدد من النظريات مثل الحريات الطبيعية ومبدأ المنفعة والعقد الاجتماعى أى أن الحقوق الليبرالية أو المدنية الحديثة ارتبطت فى بدايتها بالطبقات العليا فى مجتمعاتها الأوروبية الغربية .
ورغم أن فكرة المقاربة بين الدينى والمدنى لاتزال حائرة بين قطبى الجدال السياسى هذه الأيام ، إلا أن لها مهاداً تاريخياً ضارباً فى القدم، ورغم ذلك لا يزال يسعى معظم المنظرين العرب لاقتناص لحظة مقاربة بين الدينى والسياسى، والحق أن هذه اللحظة قد تحققت منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة تقريباً، حينما مكث النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) فى المدينة المنورة، واستطاع أن يؤسس دولة فى صورتها الأولية، هذه الدولة البسيطة فى أنظمتها ومؤسساتها هى التى سمحت ولأول مرة فى تاريخنا العربى للتعايش بين الدينى والسياسى.
ولكن المشكلة الحقيقية فى الخلاف بين مصطلحى الدينى والمدنى هى طريقة التطبيق ، والفهم الصحيح للدين الإسلامى الرشيد الذى لا يعرف الإفراط أو التفريط ، ولا يعرف عبر عصوره الرشيدة صيحات الغلو والتكفير ، بل إننى لا أغالى أو أبالغ حينما أقرر أن الإسلام هو أول دين سماوى يؤكد على فكرة التنوير والأخذ بعوامل النهضة الحقيقة وهى نفس الأفكار والآراء التى يرددها المدنيون متغافلين هذا النسق الإسلامى الذى يبحث عن عقل واعٍ وذهنٍ صافٍ لتطبيقه ، والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل .
الدكتور بليغ حمدى إسماعيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.