أزمة جوليو ريجينى وتيران وصنافير سببها مواقع التواصل الاجتماعى وارتفاع الأسعار بسبب الدولار مقتل النائب العام وحرائق مصر وفشل مفاوضات سد النهضة كلها من وراء أفعال الإخوان محللون: النظام يلجأ إلى الأساليب الملتوية للتغطية على فشله فى عدد من القضايا
يواجه النظام الحالي مجموعة من المشكلات التي تؤرق استقراره بدءًا من مشروع سد النهضة مرورًا بقضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي جعل العالم كله يقف ضد الحكومة المصرية والنظام السياسي، واتهامهما بالتقصير في تقديم معلومات سليمة عن الحادثة، وانتهاءً بأزمة ارتفاع الدولار الذي وصل سعره إلى ما يقارب 11 جنيهًا، الذي ترتب عليه ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار، ولم يجد النظام حلولاً لكل هذه المشكلات ولكنه استخدم ووضع حلولاً بديلة عن ذلك، فحمل فشله إلى من أسماهم "أهل الشر" والذي يقصد بهم جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى تحميل مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "فيس بوك" مسئولية كل الأحداث خلال المرحلة الماضية، التي كان آخرها تسريب امتحانات الثانوية العامة، الأمر الذي جعل مسئولين حكوميين يطرحون فكرة غلق مواقع التواصل الاجتماعي. كما كان ارتفاع الدولار حلاً سحريًا للنظام للتغطية على الفشل الاقتصادي الذي تشهده مصر حاليًا من ارتفاع في أسعار الأدوية والسلع الغذائية.
وفى إطار ذلك كله تستعرض "المصريون" لجوء النظام الحاكم إلى تبريرات جديدة لتحميلها فشله في عدم وجود حلول لكل مشكلاته.
الإخوان.. شماعة النظام المتجددة دائمًا ومنذ 30 يونيو الماضى يحمل النظام الحاكم حاليًا أي حادثة أو تفجيرات أو مشكلات وعقبات تواجهه إلى جماعة الإخوان المسلمين، فالتقصير الأمني الذي شهدته مصر خلال المرحلة الماضية أوجدت الحكومة له سببًا وهى الإخوان كما حملت مقتل النائب العام إلى الإخوان، وفى أزمة سد النهضة وجد الإخوان المسلمين طرفًا في المسألة حيث حملهم السيسى مسئولية فشل المفاوضات، كما حمل النظام مسئولية الحرائق التي شهدتها مصر خلال الشهر الماضى إلى جماعة الإخوان المسلمين لتبقى جماعة الإخوان هى الشماعة المتجددة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسى.
مواقع التواصل الاجتماعي تدخل المعركة يتهم دائمًا الرئيس عبد الفتاح السيسى وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "فيس بوك" بأنها وراء خلق حالة من البلبلة وإثارة الرأي العام فدائمًا يخرج في خطاباته ينتقد مواقع التواصل الاجتماعي وأنها وراء أزمة مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، وجزيرتي "تيران وصنافير".
ويعتبر السيسى دائمًا أن وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، السبب في تفاقم الأزمات بسبب ما يتم نشره دون التأكد من صحة المعلومة، في محاولة منه لإلقاء اللوم على الإعلام وهذه المواقع.
الدولار.. السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار ارتفعت الأسعار في مصر منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى بطريقة كبيرة كما أنها تتواصل بالتزامن مع شهر رمضان، والذي يستهلك فيه المواطنين كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات ترتفع عن معدلاتها العادية، ووفقًا لتقرير جهاز الإحصاء الرسمي، فقد ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر خلال شهر مايو إلى 12.9%، وهو أعلى معدل حققه منذ شهر يوليو من عام 2014، بزيادة قدرها 3.2% عن شهر إبريل الماضي. وجاءت أسعار الحبوب والخبز على رأس القائمة، حيث سجلت ارتفاعًا بنسبة 8.4%، تليها الفاكهة بنسبة 5.2%، ثم الخضراوات واللحوم والدواجن بنسبة 3.8% فقد وصل سعر كيلو الليمون إلى 40 جنيهًا وشهدت سوق اللحوم ارتفاعًا جنونيًا وصل إلى 90 جنيهًا للكيلو، وارتفع كيلو الفراخ إلى ما يقارب 40 جنيهًا. ولم تجد الحكومة أي حلول واقعية لحل أزمة ارتفاع الأسعار ولكنها وجدت شماعة جديدة لها وهى أنها أعلنت أن سبب ارتفاع الأسعار هو ارتفاع الدولار الذي وصل إلى ما يقرب من 11 جنيهًا.
النظام يبحث دومًا عن مبررات لتعليق أخطائه عليها الخبراء من جانبهم أكدوا أن استخدام النظام الأساليب الملتوية إزاء التعامل مع أزمة ارتفاع سعر الدولار واستغلاله كوسيلة للتعتيم على القرارات خاصة رفع أسعار السلع بأشكالها بأنه عمل غير جائز أخلاقيًا وسياسيًا، فيقول الدكتور خالد متولي عضو حزب الدستور، إن فشل النظام المتنامي في إيجاد حلول قوية للمشكلات التي تقابله يعبر ذلك عن هشاشته.
وأضاف متولي أنه قد يبدو النظام مسيطرًا على مقاليد الحكم وأركان الدولة، غير أنه بنظرة متمعنة نجد أن هذا الحكم يزداد فشلاً مع الوقت، يتلمس المواطن العادي هذا الفشل من ارتفاع حاد في الأسعار إلى حد التخمة وهذا ما نلاحظه جميعًا خاصة في شهر رمضان، إلى جانب ذلك الارتفاع الرهيب للعملات الأجنبية وتدنى سعر الجنيه المصري أمامها وخصوصًا الدولار. وتابع عضو حزب الدستور: "ليس فشل النظام فقط في السياسة الداخلية الأسوأ الفشل في السياسة الخارجية ما يجعله يلقى هذا الفشل دومًا على شماعة جماعة الإخوان المسلمين ومواقع التواصل الاجتماعي وليس هناك أدل على ذلك من فشله في تسريبات امتحانات الثانوية العامة لسنوات متكررة دون السيطرة عليها". وأكد متولي أن النظام الحاكم يبحث دومًا عن شماعة لتعليق أخطائه، وإن لم يجد شماعة لاخترعها لأنه لن يستطيع الصموت أمام غضب الشارع المتنامي ضده خاصة ممن أيدوه إلا أنه يبحث عن مبررات واهية يعلق عليها أخطاءه.
أساليب النظام الملتوية غير جائزة أخلاقيًا وسياسيًا من جانبه قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن استخدام النظام الأساليب الملتوية إزاء التعامل مع أزمة ارتفاع سعر الدولار واستغلاله كوسيلة للتعتيم على القرارات خاصة برفع أسعار السلع بأشكالها، عمل غير جائز أخلاقيًا وسياسيًا، لافتًا إلى أن الدولة تهدف بذلك إلى تحويل المسار عنها في العبء الكبير الذي تسأل عنه في الأزمة الاقتصادية. وأكد نافعة أهمية التعامل مع الأزمة الاٌقتصادية من جانب النظام بقدر من الشفافية وليس بإخفاء أخطائه، معتبرًا أن المكاشفة هى أخطر الطرق لإظهار الأخطاء ومعالجتها والتوصل لحلها معللاً قوله بأن اتباع النظام لتلك الأساليب الملتوية من عدم المصارحة بحقائق وأسباب الأزمة لها نتائج وخيمة. وأضاف نافعة أن استخدام النظام لشماعة "فيس بوك" كونه المسئول عن تسريب امتحانات الثانوية ما هو إلا طريق يكشف عن تعرية النظام وفشله ومسئوليته عما يحدث من تسريب الامتحانات ملمحًا إلى أن عملية التسريب للامتحانات عملية حدثت منذ زمن قريب إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في ترويج فكرة تسريب الامتحانات. وأوضح نافعة أن هناك عملية تعتيم كاملة ساعدت على تعرية النظام منها الإفلات من خلال تنفيذ وعود بمشروعات اقتصادية فضلاً عن زيادة عدد المعتقلين وبحث ملف حقوق الإنسان إلى جانب القضايا الأمنية الشائكة بالغة الأهمية التى لم يتم البت فيها مثل مقتل الباحث الإيطالي ريجيني. وأشار نافعة إلى أنه ليس كون جماعة الإخوان المسلمين كجماعة قوية ومنظمة وتمكنها من استغلال صفوفها الثانية والثالثة بعد حبس قياداتها أن تكون هى الشماعة التى يعلق عليها النظام مسئولية إحداث الانفجارات والحرائق التي شهدتها البلاد مؤخرًا. وأكد نافعة أن النظام يعلق فشله على الإخوان في المشكلات والأزمات التي تواجهه كنوع من الهروب من المسئولية، مشيرًا إلى أنه على الرغم من وجود جماعة الإخوان إلا أن هناك عددًا كبيرًا من المعتقلين في السجون من الفصائل السياسية المختلفة ليسوا إخوانًا مؤكدًا أن الشفافية تعد هى مشكلة النظام وليس فقط مع الإخوان بل مع كل الطوائف السياسية وإن هذا ليس بجديد بل هو ورث سياسي منذ ما قبل ثورة 25 يناير.
السيسى اعترف بفوضى الأسعار في إفطار الأسرة المصرية وعلى السياق نفسه قال الدكتور عبد المطلب عبد الحميد أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق، إن ارتفاع سعر الدولار ليس هو العامل المؤثر والوحيد على ارتفاع موجة الأسعار للسلع بأشكالها فهناك ما يسمى ب"مافيا الاستيراد" الذين يقومون بتشكيل "ستوكات أو مخزون" ما يعود بالمليارات على أصحابها ويدعمها ضعف الحكومة من إهمال مسئوليتها عن ضبط الأسعار بما يسمح بالاستغلال ورفع الأسعار غير المشروع وغير المبرر. وأكد الخبير الاقتصادي أيضًا انهيار الطبقة الوسطى حيث إنها الأكثر تضررًا لافتًا إلى أهمية توزيع الدخل وفقًا للعدالة الاجتماعية فيعيش الكادحون في مصر على نحو من الموت والسبات العميق ليزداد الغنى غنى ويزداد الفقير فقرًا. وأكد عبد المطلب أهمية وجود جهة أو رقابة حكومية أو مواجهة كحل لأزمة الأسعار وليس بالشعارات الخداعة فضلاً عن محاولة التخفيف من خلال كراتين الدعم التموينية من جانب القوات المسلحة والبطاقات التموينية وإضافة الخبز على البطاقة. وأشار الخبير الاقتصادي إلى دور البرلمان الكبير في بحث طرفي الإيرادات والواردات والدعم النقدي فضلاً عن مناقشة الإنتاج المحلى والاهتمام بإنتاج السلع الأساسية ووضع إستراتيجية كبيرة وبرنامج عمل محدد وتحديد هامش للربح في ظل وجود الحكومة الواعية والمراقبة والمهتمة بترشيد التكاليف وتحديد الفاقد وتقليله فضلاً عن التخطيط لرفع مستوى سعر الجنيه المصرى. كما أكد عبد المطلب أهمية دور الحكومة فى عمليات ضبط آليات السوق وعدم التقاعس عن مواجهة الأزمات بحيث تباع السلعة بشكل يرضى المستهلك ويستفيد به المنتج من بيعه. وأوضح الخبير الاقتصادي أن التأثير المباشر لرفع الدولار هو رفع سعر الواردات فضلاً عن التأثير غير المباشر على السعر المباشر ملمحًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى قد اعترف في إفطار الأسرة المصرية بأنه على يقين كبير بالفوضى الشديدة فى الأسعار التي لا تخضع إلى أي قواعد اقتصادية.