النمام كاذب حتى لو قال صدقًا، والنميمة صفة ذميمة وممقوتة، فقد وشى واشٍ بعبد اللَّه بْن همام السلولي إِلَى زِيَاد، وكان زياد جبارًا، فَقَالَ لَهُ إن ابْن همام هجاك، فرد عليه وما علمك؟ قَالَ أنا جاره وأعلم الناس بِهِ، فَقَالَ أجمع بينكما؟ فَقَالَ ذاك إليك، فأدخله وراء حجاب، وبعث إِلَى ابْن همام، فأحضره ثُمَّ قَالَ لَهُ بلغني أنك هجوتني، فَقَالَ لَهُ مَا فعلت ذَلِكَ أصلحك اللَّه، ولا أنت لذلك بأهل، فَقَال إن فلانًا أبلغني، وأخرج الرجل إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ابْن همام أتشهد أني هجوت الأمير، فَقَالَ نعم، فأطرق ابْن همام قليلًا، فأجاب ابن همام مخاطبًا رجل السوء: أنت امرؤ إما ائتمنتك خاليًا********فخنتُ، وإما قلت قولًا بلا علمِ! فأنت من الأمر الذي كان بيننا ******بمنزلةٍ بين الخيانةِ والإثمِ! وحينها تهلل وجه الأمير ورد الواشي متسربلًا بالخزي؛ وقد ذهب عجز البيت الثاني مثلًا يجرى على الألسن، فأعجب زياد بجوابه وأدناه وأمر له بعشرة آلاف درهم، وأقصى الساعي، ولم يقبل منه، وصدق عز من قائل في محكم التنزيل: "وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ" (سورة فاطر - الآية 43)، وقد روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "لا يدخلُ الجنةَ نَمَّامٌ". (المصدر:صحيح مسلم).