الأسبوع الأخير كله حوادث سطو مسلح وإغلاق هاويس إسنا واحتجاز الخبراء الصينيين وأحداث بورسعيد ومحمد محمود مرة أخرى، وجميعها تؤكد أن الزاوية الأمنية تحتوى على انفلات، وأن السلطات الأمنية غائبة تمامًا، فهناك عناصر فشلت أن تحرق مصر فى مناسبة 25 يناير 2012، وفشلت فى إيصال البلد إلى حرب، ولا يمكن أن تكون حوادث الأسبوع الماضى من غير تدبير. هناك من يريد أن تدخل البلاد فى حرب أهلية وتتدخل جهة ما لغرض انقلاب عسكرى، ومن الغريب أن يحدث ذلك بعد يوم من تصفيق مجلس الشعب لوزير الداخلية على غير حق، وكأنه لا يوجد جهاز أمنى، ويوضح تراخيًا أمنيًّا لدخول الجمهور أكثر من مرة. طالبنا أكثر من مرة بتغيير 730 لواءً من دفعة حبيب العادلى، ولم ينقل مدير أمن واحد، ولا أحد يريد التطهير فى وزارة الداخلية، ومن غير المعقول ولا المقبول أن تدخل الشرطة - وهى هيئة ذات صفة عسكرية – فى إضراب، ولم تقام المباراة فجأةً، فكان يجب أن يكون هناك تأمين جيد لها. من الوارد أن يكون ما حدث مقصودًا، والنتيجة واحدة فى النهاية، وهى أننا أمام كارثة حقيقية بأن هناك حالة انفلات أمنى شديدة، وما حدث اليوم يؤكدها، ويؤكد أن الشرطة لم ترجع إلى أخذ دورها حتى الآن، وأن المنظومة "الخائبة" التى كانت تنظم عمل الشرطة أيام العادلى ما زالت موجودة، ولا دراية لها بالأمن الحقيقى، فلم تقدر قوات الأمن الموقف السليم وتعيين القوات اللازمة وحماية الجمهور الضيف، خاصةً أن هناك خلفيات لا بد أن تكون موجودة لدى جهات الأمن عند وضع خطة التأمين. إن ما حدث يرقى إلى شبه حالة التعمُّد، مع عدم قدرة أحد على الجزم بشىء فى ظل حالة الضبابية التى نعيش فيها، كما أن السعادة على وجوه القتلة ضربة موجعة وجهتها قوى الشر إلى الشعب المصرى، فتبتسم آن باترسون فى سعادة، وشفيق يقهقه، والجمل يحتفل. وظن المجلس العسكرى، أنه بالصبر وسعة الصدر والتسامح يمكنه احتواء قوى الشر فى المجتمع المصرى، وغاب عنه أن هؤلاء لا يرضون بأقل من الإبادة والتدمير الكامل لمصر وشعبها، وبالتالى آن الأوان لبعض الحزم، فالمطلوب من قوى الخير فى المجتمع المصرى: الشعب والبرلمان والجيش والأزهر، رباطة الجأش، والتماسك، والنظر فى إجراءات حازمة. إن ما حدث جاء متزامنا مع مجموعة من الحوادث الإجرامية التى تنم عن رغبة مبيتة لأطراف مشبوهة لنشر الفوضى والعنف وعدم الاستقرار فى البلاد، وتلك الجريمة وغيرها يتحمل مسئوليتها جميع الأطراف وعلى رأسهم المجلس العسكرى والأمن الوطنى واتحاد الكرة، لسابق علمهم بحدوث أعمال عنف فى المباراة. بات من المؤكد أن هناك أطرافا تسعى بدعم داخلى من فلول النظام السابق، وخارجى من بعض الدول التى تخشى من نهضة مصر، لعرقلة مسيرة التحول الديمقراطى التى شهدتها البلاد مؤخرا، والتى أسفرت عن تشكيل أول برلمان منتخب فى تاريخ مصر والوطن العربى، بعد عقود من الظلم والاستبداد، وتغيب الوعى وحرمان الجماهير من المشاركة السياسية الفعالة. وتطورات الأحداث التى تشهدها مصر تعكس رغبة حقيقة لبعض الجهات والأطراف للانقلاب على الشرعية، مما يستدعى وعيا جماهيريا عاليا، وتضافر لجهود كل الفئات والأطراف السياسية والشعبية لحماية الثورة ومكتسباتها، والتصدى لتلك المخططات الخبيثة التى تستهدف أمن واستقرار البلاد، وتفويت الفرصة على من يحاول الانقلاب على الشرعية السياسية والقانونية التى سطرها شهداء مصر وشبابها بدمائهم فى مختلف ميادين البلاد، وتلك المحاولات والمخططات أصبحت مفضوحة والجماهير المصرية أصبحت واعية وتعلم جيدا من يقف خلفها، ولن تدع الفرصة لأحد للعبث بأمن واستقرار الوطن. د. عادل عامر - دكتور فى الحقوق والقانون العام