"ثورة يناير ليست إلا بداية جديدة في طريق لن ينتهي.. "مقولة شاهندة مقلد المولودة عام 1938 في قرية كشميش بمركز تلا بمحافظة المنوفية. بسبب مواقفها المعارضة للسلطة في مصر آنذاك عاشت ظلمة السجن أكثر من مرة، ورثت مقلد النضال منذ صغرها عن والدها ضابط الشرطة، الذي زرع فيها حب الفلاحين والعمال، وأكملت النضال مع زوجها صلاح حسين الذي كافح ضد الإقطاع. خاضت شاهندة وزوجها صراعًا مريرًا مع بقايا الإقطاع في مصر والذي لم تقض عليه إصلاحات الرئيس جمال عبد الناصر وتوزيع الأراضي على الفلاحين المحرومين من ملكية الأرض، حيث انتهت بمقتل رفيق دربها صلاح حسين في عام 1966، فتوعدت بمواصلة نضال زوجها من أجل الفلاحين. بعد رحيل زوجها كتب عليها أن تخوض الصراع بمفردها وتربي أبناءها الثلاثة في الوقت نفسه، بإمكانيات مالية بسيطة وفي ظل ظروف صعبة وسلطة جائرة كانت غالبًا ما تخضعها إلى الإقامة الجبرية أو السجن في بعض الأحيان، ولاسيما في عهد الرئيس أنور السادات. بعد هزيمة يونيو 1967 تطوعت شاهندة ومعها 70 فلاحًا في صفوف المقاومة الشعبية، كما التقت بأشهر مناضل ثوري عرفه التاريخ الحديث، وهو تشي جيفارا، وذلك عندما كان يرافق الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ليطلعه على إنجازات ثورة يونيو، ثم تناولوا الغداء في منزل السادات بقرية ميت أبوالكوم، لتنتهي الزيارة بعقد مؤتمر في قرية شبين الكوم، حيث كانت شاهندة حاضرة، كما التقت شاهندة أيضًا، بالفيلسوف الوجودي سارتر، الذي جاء ليعلن تضامنه مع قرية كشميش. عانت مقلد، ظلمة السجن مرتين في عهد السادات، الأولى في السبعينات بسبب مظاهرة في حلوان، لم تشارك فيها، والثانية مع مئات المثقفين في سبتمبر 1981، وكتب لها الراحل أحمد فؤاد نجم آنذاك قصيدة :"النيل": "النيل عطشان يا صبايا.. يا شاهندة وخبرينا، يا أم الصوت الحزين، يا أم العيون جناين، يرمح فيها الهجين، إيش لون سجن القناطر، إيش لون السجانين، إيش لون الصحبة معاكي". خلعت "مقلد"، ثوبها الأسود بعد اغتيال السادات ، وبقيت تناضل ضد نظام حسني مبارك، وشاركت في الاحتجاجات والمظاهرات التي نظمتها حركة «كفاية»، إلى أن انتفض الشعب في 25 يناير 2011، وأطاح بمبارك. اتخذت حياة مقلد منحى أكثر مأساوية من ذي قبل، بعد استشهاد شقيقها في حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل عام 1970، ومقتل ابنها الأصغر في ظروف غامضة بالعاصمة الروسية موسكو حيث كان يقيم هناك.