أتابع عن قرب حروب الفيفا والسيد بلاتر للدفاع عن حقوق رعاة الفيفا والمونديال.. الشركات الكبرى التى دفعت قرابة المليار ومائتى مليون دولار للانفراد بكل حقوق الإعلان داخل هذا المونديال وملاعبه واستخدام شعاراته وألوانه فى الترويج لمنتجاتها.. ولا أظن أن الفيفا وبلاتر سينجحان أكثر من ذلك فى إبقاء هذا الملف الشائك مغلقاً كما كان دوماً.. فقد بدأت صحافة العالم مؤخرا التقليب فى أوراق هذا الملف وصفقاته وأسراره.. وإذا كان الصحفى الإنجليزى ديفيد يالوب قد نشر كتاباً قبل سنوات بعنوان »كيف سرقوا اللعبة»، فضح فيه ثمن أصوات أعضاء اللجنة التنفيذية والسيد بلاتر نفسه كلما اجتمعوا ليسندوا تنظيم المونديال لأى دولة.. فإننى أتوقع كتاباً جديداً عن الفيفا وإمبراطورية الإعلان والرعاية.. فهناك ألف وخمسمائة حرب خاضها الفيفا حتى الآن، دفاعاً عن حقوق الرعاة، لم تكن الشركات الراعية فيها كلها صاحبة حق.. وإنما كانت شركات تدفع الكثير فوق المائدة وتحت المائدة ويمنحها ذلك الحق فى أن تطلب من الفيفا ما تشاء، بعيداً عن العقود الرسمية وحدودها.. وكالعادة كان هناك غلابة وفقراء كثيرون يدفعون الثمن.. منهم على سبيل المثال الباعة الجائلون وأصحاب الأكشاك والمأكولات فوق العربات الصغيرة، الذين منعت الفيفا تواجدهم حول ملاعب المونديال لمسافات هائلة، حماية لحقوق الرعاة.. ولم أفهم ما هو التهديد الذى يمثله بائع فقير فوق الرصيف لهؤلاء الرعاة المتوحشين الكبار.. وربما كانت أشهر وأكبر هذه الحروب حتى الآن هى تلك التى خاضها الفيفا ضد شركة بيرة هولندية أرسلت ستاً وثلاثين فتاة جميلة للملعب أثناء مباراة هولندا والدنمارك جميعهن يرتدين الثياب القصيرة باللون البرتقالى واعتبر الفيفا أن مشهد هؤلاء الجميلات معاً فى المدرجات بهذا اللون بمثابة إعلان للشركة الهولندية، فتم القبض على هؤلاء النساء جميعهن فى الحال ثم أطلق سراحهن بعد قليل، باستثناء باربارا كاستين وميرت نيوبورت، اللتين بقيتا فى قسم الشرطة مهددتين بالحبس ستة أشهر، وفقا لقانون جنوب أفريقيا والفيفا معاً.. وبعد ساعات تم إطلاق سراحهما مع طلب قاس من الفيفا بعدم تواجدهما مستقبلاً داخل أى ملعب طيلة فترة المونديال.. وعلى الرغم من أن هؤلاء الفتيات لم يحملن فى أيديهن أو فوق ثيابهن أى إشارة للشركة الهولندية.. فإن الفيفا حرص على طردهن وطالب الشرطة بالقبض عليهن بتهمة ارتداء ثياب فاضحة لا تليق.. بينما الكل يعلم أنها لم تكن أزمة ثياب أو أخلاق وإنما هى تضارب فى حقوق ودفاع حار عن مصالح ومكاسب.. وإذا كان رئيس الشركة الهولندية قد أرسل فيما بعد رسالة ساخرة لبلاتر يشكره فيها لأنه بما قام به قدم أقوى وأفضل دعاية لشركته فى العالم كله ربما لم تحظ بها أى من الشركات الراعية التى دفعت المليار والمائتى مليون دولار، أى ما يعادل ثلث دخل الفيفا من هذا المونديال.. فإن الأمر يبقى أهم وأخطر من مجرد الشكر والسخرية والجميلات وثيابهن المثيرة والفاضحة.. فهناك أسرار أخرى أقسى وأهم.. فعلى سبيل المثال هناك حديث بلاتر الدائم عن موقع «تويتر» المنافس ل«فيس بوك».. وهل هو مجرد هوى مجانى أم كلام مدفوع الثمن.. فمن يدرينا أن بلاتر لا يبيع كل كلماته وتصريحاته ويقبض الثمن تماماً مثلما اكتشفنا أن خناقة بيليه ومارادونا هى فى الأصل مجرد إعلان متفق عليه مع محال «لوى فيتون» فى باريس؟! [email protected]