صرح فاروق حسنى، وزير الثقافة فى اجتماع المجلس الأعلى للثقافة الأسبوع الماضى بأن «مؤتمر المثقفين» المقرر انعقاده فى وقت لاحق ليس من أجل وضع خطة للوزارة الحالية التى يقودها منذ عقدين ويزيد، وإنما لوضع خطة وزير الثقافة القادم الذى سيأتى بعده! وهذا أغرب تصريح لوزير الثقافة لأن المنطق البسيط يفترض أن على ذلك الوزير القادم وضع خطة وزارته بنفسه سواء عن طريق مؤتمر للمثقفين أو من دون أى مؤتمر، لا أن ينفذ خطة وضعها الوزير السابق، والأصل أن تكون هناك أهداف استراتيجية ل«الدولة» من وجود وزارة تسمى «الثقافة» يعمل على تحقيقها كل الوزراء الذين يتولون هذه الوزارة، كل بأسلوبه الخاص، وبناء على الخطة التى يضعها مع قيادات أجهزة الوزارة الذين يختارهم لتنفيذها. وإذا كان ثمة دور ل«المثقفين» أو الرأى العام بين الكتاب والأدباء والشعراء والمفكرين والفنانين فى مجالات الإبداع الفنى من مسرح وسينما وموسيقى وفنون تشكيلية وعمارة فهو المساهمة فى تحديد الأهداف الاستراتيجية لوزارة الثقافة، وليس وضع خطة تنفيذية لهذا الوزير أو ذاك، فضلاً عن أن البيروقراطية المصرية لم تسمح أبداً بأن يتجاوز دور الرأى العام وضع توصيات، وربما لن تسمح بغير ذلك على المدى المنظور. وتعبر لجان المجلس الأعلى للثقافة عن قطاع عريض من الرأى العام للمثقفين فى مصر بالفعل، وتغنى عن عقد مؤتمر عام.. وربما تكون المشكلة الأساسية فى بنية المجلس الأعلى أن مقررى تلك اللجان ليسوا من أعضاء المجلس، أما إذا كان المقصود من المؤتمر العام أن يشمل من يرفضون عضوية اللجان، أو من يفضلون عدم التعاون مع وزارة الثقافة على أى نحو لسبب أو آخر أو حتى من دون سبب لأن الأصل فى المثقف أن يكون مستقلاً، والأصل فى الثقافة ألا ترتبط بوجود أو عدم وجود وزارة، فهؤلاء لن يقبلوا الدعوة إلى المؤتمر العام اتساقاً مع مواقفهم. والرغبة الحكومية فى ضم المستقلين تحت جناحها أثر من آثار نظم حكم الحزب الواحد الشمولية التى لا تريد لأحد أن يكون مستقلاً أما فى نظم الحكم الديمقراطية التى تقوم على تداول السلطة بين الأحزاب، فالمثقفون هم الذين يؤسسون الأحزاب، وهم الذين يتداولون السلطة، وبالتالى لا يوجد مثقف حكومى وآخر مستقل، وإنما الجميع مستقلون ويحترمون الاختلاف بينهم. [email protected]