تسبب مقتل الشاب «أحمد» على أيدى ملتحين فى السويس فى حالة من الرعب والقلق اجتاحت الشارع المصرى، ولاسيما أن هذا الحادث قد جاء على أثر مقتل اثنين من الموسيقيين فى الشرقية على أيدى متشددين إسلاميين، ورافق الحادثين تحرشات واعتداءات ضد النساء اللائى لا يرتدين الحجاب، والمحجبات اللائى يرتدين ملابس عادية فى كل شوارع الجمهورية من ملتحين، بل من منتقبات أيضا مما شكّل حالة من الاستقواء لدى المتشددين الإسلاميين بوصول «مرسى» الى كرسى الرئاسة، متصورين أن البلد قد صار بلدهم وحدهم وأنهم قد صاروا مطلقى العنان فيها لفرض أجندتهم. المشكلة هنا فى رد الفعل على كل هذه الأحداث والحوادث، فبدلا من التصدى لها بقوة القانون فوجئنا بالحرية والعدالة ينفى ضلوعه فيها ويدينها ورئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى يكتب على تويتر رفضه وإدانته لها، والواقع أن الرفض والإدانة هما حال من لا يملك سلطة، أما من يملكها، فهو مطالب بالفعل الحاسم والتصدى. الأسوأ من هذا أنه باتت هناك نغمة تتردد الآن على لسان الإسلاميين، بل على لسان بعض الرموز الوطنيين من المثقفين تدعى أن ما يحدث ما هو إلا مؤامرة ل«شيطنة الإسلاميين» وأن أمن الدولة وراء كل ما يحدث.. المشكلة هنا أن هذه النظرية تتجاهل كثيراً من الحقائق: الحقيقة الأولى هى أن ما يحدث الآن منذ وصول «مرسى» سبق أن حدث من قبل على أيدى الإسلاميين، وإلا فمن قتل فرج فودة، ومن اعتدى على نجيب محفوظ، ومن الذى كان يقوم بخطف البنات المسيحيات القاصرات فى صعيد مصر وتزويجهن وأسلمتهن وإعلان ذلك من ميكروفونات المساجد، ومن الذى كان يستهدف محال الذهب المملوكة للأقباط بفتوى تستحل أموالهم.. بل أليس ما يردده أعضاء الجمعية التأسيسية مثل الشيخ ياسر برهامى من آراء ضد المرأة والأقباط - دليلاً على غلو هذا التيار؟! أما ما يحدث الآن وما يتوالى حدوثه فهو يتردد بناء إما على ضحايا لا يستطيعون أن يرووا شهاداتهم فيرويها من كان شاهدا لها كحادث مقتل الشاب أحمد أو حادث مقتل الموسيقيين أو ضحايا يروون شهاداتهم لما وقع لهم هم شخصيا، وهو ما يتكرر مع النساء والفتيات اللائى تم الاعتداء عليهن.. محاولة تصوير الأمر على أنه مجرد شائعات لاغتيال الإسلام السياسى فى مصر محاولة ساذجة ومرفوضة، لأن الرد عليها يأتى من توالى الحوادث نفسها وآخرها واقعة اعتداء عدد من الملتحين على مقهى بمدينة نصر، وهى واقعة مصورة ومنشورة صورها على الإنترنت، وشهودها موجودون.. المطلوب هو التحقيق والتصدى والعقاب الرادع، وليس الدفاع عن المتشددين، وكأنما تلصق بهم تهمة ليست أصيلة بهم.. المشكلة أن هذا الدفاع لا يعنى سوى الإحساس بالرغبة فى الدفاع عن النفس وليس الدفاع عن المجتمع الذى صار مستهدفا من المتشددين بوصول «مرسى»، وهنا تصبح المسؤولية مزدوجة: مسؤولية السلطة الحاكمة، ومسؤولية الاستقواء بها، أما المثقفون الذين يرددون هذه النظرية، فأنا لا أحب تصوير الأمر على أنه مهادنة لسلطة تحكم، بل أريد أن أراه إما محاولة للظهور بمظهر الموضوعية أو تصور أنهم بهذا يدافعون عن مسار الثورة، ولهم أقول: إن مسؤوليتكم هى الدفاع عن هذا الوطن ضد الفاشية الدينية، وهى ليست بأقل خطراً لا من «العسكر» ولا من «مبارك».