بالأمس كنتَ سجيناً.. طريداً.. مجلوداً من كل مملوك ومالِك.. واليوم.. أنتَ مالك.. قل لى بربك.. أىُّ شىء خيرٌ من ذلك..؟!.. كم فرحت لك.. ليس لاستبعاد مرشح النظام الإجرامى المنافس فقط كما يقولون.. الأولى وادٍ.. والثانية وادٍ.. ويا بُعد ما بين الواديين.. أو تعلم؟ أنا من هذه العشيرة التى تحدثت عنها.. أنا لست مستاءً أبداً من نبرة خطابك، ولا من كلمات القرآن التى زينت معانيك.. وهل يفعل من لديه سهم من الورع ؟ يا الله.. لا أصدق.. لقد شاخ الناس فى انتظار لحظة كتلك، وما كانوا يأملون.. أول رئيس مدنى لمصر؟!.. أحقاً أنك أول رئيس عربى يحفظ قرآن ربى..؟!.. ما كل هذا الإعجاز..؟!.. أغبطك يا رجل.. أغبطك جداً.. وأشفق عليك أكثر.. سامحنى.. ولكن لن تحول شفقتى دون أن أترك العنان لضميرى.. للحق يا سيادة الرئيس.. لن ننسى أبداً ما وقع فيه حزبك من حفر ومزالق.. ثمة مشاهد أليمة تعلق بذهنى.. لن ننسى الاستقطاب الحاد الذى جررتم إليه المجتمع.. لن ننسى تعريتكم ظهور الثوار والعسكر يستأسد عليهم.. لن ننسى من قام بتخوين «البرادعى» وأنتم تزفونه زفاً، ولا موقفكم الجاحد ضد الأخير صاحب الضربة الثورية الأولى.. لن ننسى «العليمى» وأنتم تحدون له سيف القصاص الأدبى.. لن ننسى انشغالكم بالسفاسف والتفاتكم عن القضايا الكبرى التى بحت أصواتنا فى توجيهكم صوبها.. أتدرى؟ سننسى..! لأننا نريد حقاً أن ننسى. النسيان أحياناً إرادة.. والثوار لديهم القلوب الطيبة التى تتيح ذلك.. الشعب الأصيل لديه.. نريد الغد يا مرسى.. والغد لن يتحقق باجترار الماضى واستعذاب أناته وخياباته.. الغد لن يأتى إلا بالالتفاف حولك. فقط تذكر.. أن كتلة تصويتية لا يستهان بها ذهبت لخصمك وخصمنا.. كتلة لم تكن فى معظمها منتفعة أو موالسة أو ميالة للاستبداد بطبعها.. انسنا واجتهد فيها فقط.. هذه كتلة وطنية ذاقت مرارات البلطجة التى روجوها، ولقمة العيش التى عسروها، والاضطرابات التى أشعلوها، والأزمات التى فجروها، وخطايا التيار الإسلامى التى هولوها وضخموها.. اكسب هؤلاء يا مرسى.. هم كارت الجوكر الذى سينجحك باكتساح عندما يتربص بك غلمان الدولة العميقة وغمر النظام القمعى.. فلترهم منك ما يحبون.. علمهم أن الإسلام حب، والسياسة حب، والاختلاف الفكرى حب، والتعدد المذهبى حب.. وأن الحب هو الرسالة والمعتقد والبرنامج.. هذا ما تحتاجه قلوب المصريين.. صدقنى.. هذا ملفك الأخطر. أعلم أنك لا تنام.. لكن على قدر المشقة يكون الأجر، وعلى حجم الحلم يهون الألم. ادخل مصر مطأطئاً رأسك بعين خاشعة وجبين خجول.. لا تركن لدنيا أقبلت عليك، ولا تغتر بناس احتشدوا حولك، ولا تستكن لنجاح أتاك من حيث لا تحتسب.. لا شىء يبقى.. والله قد يفتح على الإنسان أبواب كل شىء، فإن لم يجد قصداًً خالصاً، خسف.. الحرس القديم يتمنى لك الهفوة التافهة. احذرهم يا ريس.. عش الدبابير الذى أوغلت فيه.. تلك معركتهم الأخيرة، فكيف لا تكون أشد المعارك شراسة؟.. ابن دولتك الجديدة بخطى ثابتة، ولا تستعجل.. نزع سلطات ترسانة المنظومة الأخطبوطية يتطلب وقتاً كثيراً.. ولولا حداثة قومك بجهل وفقر ومرض وتخبط لهان الأمر.. لا تنس الشهداء.. هناك من ضحى بنفسه لتصل أنت.. هناك من رقد تحت التراب لتجلس على العرش أنت.. هناك من قهر الأهل والأحباب ليحتفل بك أهلك وأحبابك أنت.. ابذل، واستمت، وخطط، واصبر، و.. اقترب يا سيادة الرئيس.. اسجد واقترب..!