وزيرة البيئة ومحافظ جنوب سيناء يطلقان مبادرة الوعي البيئي لتحويل شرم الشيخ إلى نموذج للاستدامة    كتائب القسام تعلن استهداف دبابة إسرائيلية جنوبي قطاع غزة    توقف مباراة أوكلاند سيتي وبوكا جونيورز بسبب العاصفة    محافظ القليوبية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 83.14%    السقا وفهمي يجتمعان في مغامرة مشوقة.. العرض الخاص لفيلم "أحمد وأحمد" 1 يوليو    لاعب برشلونة يدخل حسابات ميلان    أحمد القاصد ببحث التعاون المشترك بين جامعة المنوفية والجامعات الصينية    المغرب.. إنتاج 45%من احتياجات الكهرباء بالطاقة المتجددة    "رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمي صيفي للأطفال بمتحف شرم الشيخ    زيارة مفاجئة لرئيس الشئون الطبية بالتأمين الصحي لمستشفى النيل لمتابعة جودة الأداء والتطوير    نوتنجهام يفتح محادثات مع يوفنتوس لضم وياه ومبانجولا    الأهلي يجهز تقريرا طبيا عن إمام عاشور لإرساله إلى المنتخب    هولندا تقدم حزوة مساعدات لصناعة المسيرات في أوكرانيا    القبض على سيدة القروض الوهمية بالمحلة بعد استيلائها على 3 ملايين جنيه من 40 ضحية    أوقاف شمال سيناء تطلق مبادرة توعوية بعنوان "احمى نفسك"    بريطانيا تعرب عن قلقها العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة في طرابلس    البطريرك يوحنا العاشر يستقبل المبعوث الأممي بيدرسون في دمشق    جائزة لرجل الصناديق السوداء    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر بعد هجوم إيران.. ويطالب بضرورة احترام سيادة الدول على كامل أراضيها    السعودية: قيمة الصادرات البترولية تفوق 205 مليارات ريال بالربع الأول من 2025    عملية نادرة تنقذ مريضة من كيس مائي بالمخ بمستشفى 15 مايو التخصصى    العرض الأفريقي الأول لعائشة لا تستطيع الطيران بمهرجان ديربان السينمائي الدولي    وقف مؤقت للغوص بجزر الأخوين لتنفيذ برنامج تتبّع لأسماك القرش    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    مجلس جامعة الإسكندرية يعتمد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد    «بسمة بوسيل» من الغناء إلى الكاميرا.. و«بيج رامي» يشعل صيف السينما    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    محمد مطيع يناقش خطة اتحاد الجودو مع المجلس العلمي لوزارة الرياضة    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    «الداخلية» تمد فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة «كلنا واحد» لمدة شهر    ماكرون يخشى من خطر تزايد «تخصيب اليورانيوم» سرّا في إيران    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    تنفيذ 7234 عملية عيون للمرضى غير القادرين بالأقصر    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    الصين: عرض عسكري لإحياء الذكرى ال80 للانتصار فى الحرب العالمية ضد الفاشية 3 سبتمبر    «ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة» في احتفالية ب أسيوط    جنايات دمنهور تؤجل محاكمة عامل بكفر الدوار لاتهامه بخطف أطفال والتعدى عليهم    «متى سنتخطى التمثيل المشرف؟».. خالد بيومي يفتح النار على إدارة الأهلي    خلال فعاليات قمة مصر للأفضل.. «طلعت مصطفى» تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    تحرير (153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    تبدأ 26 يوليو.. محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للنقل والشهادة الإعدادية    محافظ القاهرة يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجرى الجديد غدا نائبا عن الرئيس    وزيرة البيئة: مشروع تطوير قرية الغرقانة نموذج متكامل للتنمية المستدامة الشاملة    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    إزالة 1883 حالة تعدٍ بالبناء المخالف على أملاك الدولة ببني سويف    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    يعزز التزامها بالناتو.. لندن تنفق 5% من ناتجها الإجمالى على الدفاع بحلول 2035    قافلة طبية مجانية بحى الصفا فى العريش تشمل تخصصات متعددة وخدمات تثقيفية    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    القومي للمرأة يشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    رسائل قوية من بوجبا عن أزمة المنشطات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد هجرس يكتب: صرخة احتجاج من قلب الصعيد الجوّانى

دون لف أو دوران.. يجب علينا- نحن الصحفيين والإعلاميين المصريين- أن نعترف بأننا شركاء فى جريمة إهمال صعيد مصر، الذى يعانى- تاريخياً- من الظلم الاقتصادى الاجتماعى، وجئنا نحن فقمنا بزيادة الطين بلة وأضفنا إليه التهميش الإعلامى.
وهو ما عبرت عنه خلود محمد فى صحيفة «الصعايدة» الإلكترونية بقولها إنه «يبدو أن اهتمام الصحف القومية والمستقلة بأخبار الصعيد لا يتعدى حوادث الثأر وبعض أخبار العلاقات العامة وما يرد من دواوين السادة المحافظين وليس كما يطمح أهله بمناقشة مشكلاته وعمق تفاصيل همومه.
وكأن شارع الصحافة لا توجد به منافذ لا تؤدى ولا ترتبط بالصعيد إلا من خلال الجرائم وبعض الأخبار الساذجة عن خطط المشروعات التى تدور فى أذهان السادة المحافظين وأنشطة بعض الجمعيات الأهلية وغيرها».
هذه الرؤية «الانطباعية» لمراسلة «الصعايدة» تؤكدها دراسة تحليلية مقارنة للصحف القومية والحزبية والخاصة عن «حدود التعدد فى المصادر وآليات تشكيل أجندة الأخبار الداخلية فى الصحف المصرية» قام بها الدكتور محمد سعد أحمد إبراهيم، الأستاذ بقسم الإعلام ووكيل كلية الآداب بجامعة المنيا، قدمها فى الملتقى الإعلامى الأكاديمى «الصعيد على أجندة الإعلام المصرى» الذى نظمته جامعة المنيا يوم الخميس الماضى برعاية الدكتور أحمد ضياء الدين، محافظ المنيا، والدكتور ماهر جابر محمد، رئيس الجامعة، وتم توجيه الدعوة للمشاركة فى أعمال هذا الملتقى لعدد من القيادات الإعلامية كان لى شرف التواجد بصحبتهم.
وقد خلصت دراسة الدكتور محمد سعد إبراهيم، مقرر الملتقى، إلى أن هناك «اختلالا فى توازن التوزيع الجغرافى فى حركة المصادر ونطاق التغطية الإخبارية فى الصحف المصرية - على اختلاف أشكال ملكيتها- حيث تستحوذ القاهرة وحدها على ما يقرب من نصف إجمالى حجم الأخبار المنشورة، وهو ما يمكن تفسيره بخصوصية الموقع السياسى والاجتماعى والثقافى للعاصمة كمقر للحكم والسلطات الثلاث، ومحور للنشاط السياسى والاقتصادى والثقافى».
كما تعكس نتائج الدراسة «الاختلال فى تدفق المعلومات على المستوى القومى، ومن ثم تناقص حجم المعلومات المتاحة عن واقع قطاعات عريضة من المجتمع» يحظى «الصعايدة» بنصيب الأسد منه.
وكأنه لا يكفى أن يكون للصعيد نصيب 794 من قائمة القرى الألف الأكثر فقرا فى مصر، فنأتى نحن الإعلاميين والصحفيين ونمنحهم أيضاً مركز الصدارة فى التعتيم الإعلامى والتجاهل الصحفى!
وليست هذه النتائج بالاكتشافات الجديدة، وإنما هى حقائق معروفة منذ سنوات وعقود. لكن التعبير عنها كان يتم فى الأغلب الأعم من خلال شكاوى فردية.
الجديد أن الصرخة هذه المرة جاءت من خلال واحدة من أهم المؤسسات الأكاديمية فى الصعيد، ألا وهى جامعة المنيا، ومن خلال دراسة تحليلية تمت مواجهة قيادات إعلامية «قاهرية» بها وفتح حوار حر حولها مع مئات من الطلبة والطالبات وعشرات من أعضاء هيئة التدريس.
وقد كان هذا الحوار تجربة مهمة جدا بالنسبة لى شخصياً، حيث لاحظت ارتفاع درجة وعى الأجيال الشابة المتهمة دائماً بالسطحية والعزوف عن الاهتمام بالشأن العام.
وجاءت المناقشات الحية لتقدم لنا وجها آخر لهؤلاء الشبان المظلومين ظلم الحسن والحسين.
هذا التهميش لصعيد مصر لا يمثل جريمة إعلامية ل «الصعايدة» فقط، وإنما يمثل أيضاً إهانة لعقل مصر بأسرها، كما يمثل أحد أوجه الخلل التى يعانى منها الإعلام والخطاب الإعلامى المصرى فى الوقت الراهن.
فهو خطاب «قاهرى» إلى حد بعيد، يهتم بأحوال العاصمة على حساب الاهتمام بأحوال المصريين خارج القاهرة، قبلى وبحرى. وليس «الصعايدة» هم المهمشين الوحيدين إعلامياً، وإنما هو نفس وضع إخوتنا وأخواتنا فى سيناء وإخوتنا وأخواتنا أبناء النوبة..
رغم أن هؤلاء وأولئك قدموا تضحيات عظيمة من أجل الوطن، حيث ضحى السيناويون بدمائهم من أجل استقلال البلاد عبر كل الحروب مع العدو الإسرائيلى، وحيث ضحى النوبيون بمسقط رأسهم وموطن ذكرياتهم من أجل ترويض نهر النيل وإجراء أكبر جراحة جغرافية له وبناء أكبر بنك مائى يؤمّن للمصريين احتياجاتهم من المياه بعيداً عن المخاوف من موجات الجفاف أو غوائل الفيضان.
وبدلاً من أن نكافئ هؤلاء على تضحياتهم أعطيناهم جزاء «سنمار».
نفس الشىء فعلناه مع أبناء الصعيد الذين قدموا أعظم الإسهامات فى بناء الحضارة المصرية عبر القرون، والذين كانوا ولايزالون فى مقدمة البنائين العظام ولم يحصلوا على شىء سوى التجاهل والإهمال!
مثل هذه السياسات المهينة لا تساعد على تعزيز الاندماج الوطنى، وإنما تعمل على تنشيط فيروس التفكك، الذى هو بمثابة «إيدز» سياسى واقتصادى واجتماعى وثقافى مدمر.
ومن غير المفترض أن يكون الإعلام الواعى جزءا من «المشكلة»، بل الأولى به أن يكون جزءا من «الحل».
وهناك مبادرة من الفنان التشكيلى الكبير عدلى رزق الله الذى أصر على الاحتفال ب«سبعينيته» من خلال معرض «الصعيدى والصعيديات» الذى يقدمه بقوله: «صعيدى حتى النخاع، رغم أننى قضيت فى أبنوب الحمام- مسقط رأسى- الخمس سنوات الأولى فقط، ثم هاجرت الأسرة إلى القاهرة.. صعيدى وهذا أولاً.
ابن بلد تربى فى حوارى القاهرة ودروبها.. وهذا ثانيا. مثقف مصرى تقاسم مع كتاب وشعراء وفنانى جيله المعرفة والعلم وهذا ثالثا. حضارة العالم حضارتى، ساهم فيها جدى الأول بأول حضارة زراعية، استقر بفضلها الإنسان وبنى مدينته، وساهم الجميع بحضارات توالت حتى وصلنا إلى القرن الحادى والعشرين. أنتمى إلى تلك الحضارة ولا أقتصر على الموروث بشكله العتيق والمحدود، وإن كنت أتباهى به لنفسى وللآخرين».
ولا يمكن أن نتحدث عن مبادرة الفنان التشكيلى الكبير عدلى رزق الله دون الإشادة بدور أحمد مجاهد، رئيس الثقافة الجماهيرية، الذى أنار الضوء الأخضر لمبادرة عدلى رزق الله وفتح قصور الثقافة المهجورة أمام نور الإبداع ولعل الفنانين والأدباء المصريين يفعلون ما فعله رزق الله من أجل إعادة الاعتبار إلى جذورنا.
إذن.. الصورة ليست قاتمة بالمطلق، وإنما هناك مصابيح مضيئة هنا وهناك.. لا يجب أن نتركها متفرقة ووحيدة فى وجه عواصف التخلف وجحافل الظلام.
حاشية لابد منها: كاتب هذه السطور ليس صعيدياً.. وبالتالى لا يمكن اتهامه بالتحيز القبلى ل«الصعايدة».
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.