سعدت بنفسى كمصرى عندما أعلن قصر باكنجهام بالاس أن المكلة إليزابيث ملكة بريطانيا قد منحت وسام الملكة من الدرجة الرفيعة إلى مصرى الجنسية يعمل فى إنجلترا ويحمل أيضاً جنسيتها لما حققه من وثبات فريدة فى الرقى بالاقتصاد البريطانى عن طريق مصنعه الذى يمتلكه هناك، حيث حقق أعلى معدل زيادة فى التصدير، وتم تسجيل اسمه فى لوحة الشرف الملكية، وستتم مقابلة المكلة له ولأسرته فى القصر لتسليمه الوسام، والمفاجأة المذهلة أن هذا المصرى قد حصل أيضاً منذ ثلاث سنوات على وسام الملكة، أى أنه حصل على وسامين فى زمن ثلاث سنوات، وهذا يندر حدوثه، كما فاز بجائزة أحسن رجل صناعة فى المملكة المتحدة كلها «إنجلترا- أسكتلندا- أيرلندا- ويلز» وأصبح عضواً فى مجلس الاقتصاد البريطانى مع وزير التجارة الإنجليزى للتخطيط لمستقبل بريطانيا التجارى، وهو أيضاً نائب رئيس نادى «هال سيتى» لكرة القدم. وعندما احتفلت جامعة هال Hull بمقاطعة يوركشير بعيدها المئوى اختارت هذا المصرى كأحسن وأشهر خريج من الجامعة، حيث أنهى دراسة الماجستير بها وأطلقت اسمه على أكبر قاعة جديدة بالجامعة تسع 1200 طالب ومجهزة بجميع التقنيات الحديثة. لقد خرج هذا المصرى فى الستينيات من مصر مضروباً بالكرباج على ظهره، حيث هاجم النظام وقتها فى إحدى محاضرات الماجستير بجامعة القاهرة، أخذوه ليلاً مغمض العينين وأعادوه ممزقاً والدماء تسيل من ظهره بأوامر صارمة بألا يفتح فمه لأحد وأخفى عنى وعن أسرته وظلت علامات التعذيب على ظهره ثمانى سنوات. خرج هذاالمصرى بعدها يبحث عن وطن ورفض أن يكون لاجئاً سياسياً وعاش فى إنجلترا وحقق نجاحات مذهلة، هذا النموذج لرجل الأعمال يمكن أن يكون قدوة للشباب لتحقيق طموحاتهم، والحمد لله أنهم وقتها لم يضربوه بالرصاص كما طالب نائب الرصاص فى مجلس الشعب لأنه يجب أن يعلم أن الشاب الذى ينادى بقتله الآن ربما يكون عبقرياً أو نابغة أو رئيساً لمصر فى المستقبل. لقد سافر الزميل طارق حبيب- شفاه الله وعافاه- إلى إنجلترا ورصد بالكاميرا لحظات تتويج هذا المصرى، وحفلة عمدة المدينة الرسمية لتكريمه بالوسام الأول، وقال العمدة لطارق مداعباً باللغة الإنجليزية طبعاً «إحنا الإنجليز محظوظين أن هذا المصرى العظيم عندنا وليس عندكم»، لقد عشقه الإنجليز فلم يتأخر عن عطائه فى إنشاء معهد بحوث لاكتشاف دواء لمرضى السرطان متبرعاً بخمسة ملايين جنيه إسترلينى، وإسهاماته فى مجال الخير تتوالى، لم يعتقد يوماً أنه سيدخل الجنة ومن حوله من الديانات الأخرى سيدخلون النار، ولم يدخل أبداً فى مناقشات دينية لأنه يحترم الدين الآخر، وسخّر وقته لعمله الذى فتح بيوتاً كثيرة فى إنجلترا وفى قريته، ويتباهى فى كل مكان فى العالم بأنه فلاح ابن عزبة شرف الدين بسنديون الذى خرج من مصر يبحث عن وطن. هتسألونى طبعاً يا جلال من هذا المصرى؟؟ اسألوا السفير جهاد ماضى، مساعد أول وزير الخارجية وأشهر سفراء مصر فى لندن عن اسمه وقيمته الدولية فى إنجلترا والعالم. إن قصته بين التعذيب والإصرار والكفاح والنجاح أمر لا يمكن تجاهله.