سعر الخضار والفواكه اليوم الثلاثاء 7-10-2025 فى المنوفية    المجموعة الوزارية الاقتصادية: معدل التضخم الأساسى ينخفض ل10.7% فى أغسطس 2025    وزير الخارجية يؤكد ضرورة إطلاق مسار سياسى يفضى إلى تنفيذ حل الدولتين    محافظ الشرقية عن الدكتور أحمد عمر هاشم: فقدنا مفكرا مستنيرا وداعية    وزير الخارجية: مفاوضات شرم الشيخ تبحث إطلاق سراح الأسرى    مصر والسعودية تاريخ من الدعم المتبادل.. محللون سعوديون لليوم السابع: المملكة أول مساند لشعب مصر فى رفض وجود الإخوان.. ويؤكدون: دعمت أمن مصر المائى.. وسلاح البترول كان ناصرا للجيش المصرى فى حرب أكتوبر 1973    إسرائيل دخلت «العزل»    صور وصول بعثة منتخب مصر إلى المغرب لمواجهة جيبوتى فى تصفيات كأس العالم    حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بقرية ناهيا.. محافظة الجيزة توضح    طلاب الثانوى العام والبكالوريا يسجلون الدخول على منصة كيريو لدراسة البرمجة.. صور    حالة الطقس بكفر الشيخ الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    محمد ثروت يشعل مسرح الأوبرا في احتفالية نصر أكتوبر بمشاركة محمد الحلو وهاني شاكر    بدعم من الرئيس السيسى مصر على قمة اليونسكو.. العنانى أول عربى يتولى رئاسة المنظمة منذ تأسيسها.. الفوز ثمرة رؤية استراتيجية للرئيس المصرى.. ويؤكد أن العرب ليسوا متفرجين بل شركاء فى صنع القرار    جائزة خاصة لفيلم الوصية في مهرجان الإسكندرية السينمائي    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالى المؤهلين تخصصيًا لوظائف إشرافية    نائب وزير الصحة يُحيل مقصرين بوحدة طب الأسرة بالكرادوة للتحقيق    وزير الاستثمار يبحث مع جهاز مستقبل مصر التعاون بمجالات دعم سلاسل الإمداد    جامعة قناة السويس تطلق الصالون الثقافي "رحلة العائلة المقدسة.. كنزا تاريخيا واقتصاديا وسياحيا"    عاجل- جوتيريش يدعو لوقف الهجمات الإسرائيلية في غزة واغتنام خطة ترامب لإنهاء الصراع    اليوم.. نظر محاكمة شقيقين متهمين بقتل سائق توك توك فى إمبابة    وزارة الدفاع الروسية: تدمير 184 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    فنزويلا تعلن إحباط هجوم على السفارة الأمريكية في كاراكاس    تصاعد الاحتجاجات أمام منازل وزراء الاحتلال للمطالبة بصفقة فورية لإعادة المحتجزين    زاهي حواس عن اختفاء اللوحة الأثرية: كل واقعة تُثار لفترة قصيرة ثم تُنسى دون حلول حقيقية    أسعار الحديد في المنيا اليوم الثلاثاء7 اكتوبر 2025    8 مواجهات قوية في الجولة السادسة من دوري الكرة النسائية اليوم    أيمن الرمادي يدعم الزمالك في بيان مؤثر    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في محافظة قنا    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الدقهلية    مصدر من ريال مدريد يحسم الجدل: لهذا السبب رفض النادي فكرة ضم رودري    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الدقهلية    عاجل.. وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم| وهذا موعد ومكان صلاة الجنازة    رسائل تهنئة 6 أكتوبر 2025 مكتوبة للاحتفال بعيد القوات المسلحة    غادة عادل عن عملية التجميل: قلت للدكتور مش عايزة أبان أحلى من الطبيعي    ضبط رئيس مجلس إدارة شركة شهيرة بتهمة النصب على المواطنين بالقاهرة    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بشبرا    هل يمكن ل غادة عادل الدخول في قصة حب جديدة؟.. الفنانة ترد    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    شواطئ مطروح ليلة اكتمال القمر وطقس معتدل    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    اشتغالة تطوير الإعلام!    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استلهام غاندى

نجح الزعيم الهندى الكبير غاندى فيما فشل فيه كثيرون من قادة التحرر الوطنى فى العالم الثالث، فقد حصل لبلاده على الاستقلال وحافظ على الديمقراطية، دون أن يدعو للعنف ولا الثورة إنما استخدم كل ما أوتى من «أسلحة» سلمية شديدة الوداعة والتأثير.
هذا الرجل هو «موهانداس كارامشاند غاندى»، أو المهاتما غاندى الزعيم والفيلسوف صاحب النفس العظيمة أو القديس»، الذى آمن بمبدأ اللاعنف، وآمن بقوة الروح أكثر من قوة الجسد والسلاح، وعمل كثيراً من أجل منح الحرية للهنود والتعرف على مشاكل شعبه واحتياجاته الحقيقية، بعيدا عن أمنياته كما يفعل كثير من السياسيين فى دول العالم الثالث.
وقد لد غاندى فى الثانى من أكتوبر عام 1869م فى بلدة بورباندر التى تعنى «المدينة البيضاء»، وتقع فى ولاية صغيرة بشمال غرب الهند، ولأسرة ميسورة الحال محافظة، وعلى مستوى عال من الثقافة، وكانت أسرته تؤمن بفكرة عدم العنف بأساسها الدينى الهندوسى وهى الفكرة التى تمسك بها غاندى بعد ذلك.
ولم تمنعه آراؤه التحررية من السفر إلى البلد المستعمر إنجلترا لتلقى تعليمه، فسافر فى عام 1888م إلى لندن لكى يدرس الحقوق، وبعد أن أتم دراسته عاد مرة أخرى إلى الهند وذلك فى عام 1891 ليبدأ فى ممارسة عمله السياسى والقانونى ونضاله من أجل التحرر والاستقلال.
وكانت وسائل غاندى بالنسبة لعصره استثنائية وفريدة، فهو بطل تحرر وطنى من العالم الثالث، ورافض لاستخدام القوة المسلحة رغم أن الاستعمار جاء لبلده بالقوة المسلحة، أما هو فرفض كليا استخدام العنف كوسيلة لجلب الاستقلال، واعتمد المقاطعة والاعتصام والامتناع عن تناول الطعام والعصيان المدنى، وغيرها من وسائل الضغط السلمى التى يجب أن يكون المناضل على اقتناع كامل بها حتى لو أدى هذا إلى موته فى سبيل قضيته، ولا يعنى هذا بشكل أو بآخر الخوف من المواجهة المباشرة، فقد كان يرى من خلال أسلوب اللاعنف إبراز ظلم المحتل ومحاولة كسب الرأى العام فى جانبه، كل هذا كخطوة مبدئية للقضاء عليه وإبعاده تماماً من البلاد.
ويمكن اعتبار المهاتما بمثابة باعث الحياة فى الحركة الوطنية الهندية، حيث لعب دورا هائلا فى جمع شتات الهنود ودفعهم من أجل هدف واحد هو الكفاح «اللاعنفى» من أجل الاستقلال وتحرير الوطن، وإيجاد حلول لمشاكلهم ومعاناتهم، فذابوا جميعاً فى بوتقة واحدة وهدف واحد رغم اختلاف قومياتهم ومذاهبهم وأديانهم.
واعتبر غاندى أن سياسة اللاعنف لا تعنى الجبن أو الخوف من المواجهة المباشرة مع العدو بل على العكس فهى وسيلة لإظهار ظلم الطرف الآخر وأساليبه القهرية، وكانت الفكرة المسيطرة على عقله أن «الامتناع عن المعاقبة لا يعتبر غفرانا إلا عندما تكون القدرة على المعاقبة قائمة فعليا».
ولكن ما هو معنى استلهام مسيرة رجل مثل غاندى بكل ما تحمله من خصوصية ثقافية وسياسية فى بلد مثل مصر؟ الحقيقة أن مصر فى هذا التوقيت تمر بلحظة صعبة فى تاريخها تعانى فيها من ظلم اجتماعى وسياسى مؤكد، وفى نفس الوقت من ضعف مذهل فى أداء القوى والأحزاب السياسية القديمة والجديدة خاصة التى اختار بعضها الشعارات الراديكالية والثورية كمدخل للتغيير فى مصر، ونسيت أو تناست طبيعة واقعها الاجتماعى والسياسى الذى لم يتقبل فى أى لحظة خطاب قوى الاحتجاج السياسى.
وبدا أمرا عجيبا إصرار كثير من قيادات حركات الاحتجاج السياسى على الاستمرار فى مسار «التظاهر خط ثابت» والثورة أو العصيان المدنى المليونى كخيار وحيد للتغيير، رغم فشل كل مظاهرات الحركات السياسية الجديدة فى التواصل مع قوى الاحتجاج الاجتماعى، وبدا الاثنان كأنهما عالمان منفصلان، فالعمال والموظفون وقوى الاحتجاج الاجتماعى (القابع فيهم غاندى الذى لم يعرفوه) منفصلون تماما عن نشطاء قوى الاحتجاج السياسى «الثورى» الذين يتحدثون عن شعب فى خيالهم غير موجود فى الواقع. فنفس الوجوه ونفس الفضائيات ونفس الشعارات لم تتغير تقريبا منذ 2004 وحتى يوم الاثنين الماضى، ونفس النظام ونفس آلة القمع والفشل بدورها أيضا لم تتغير.
والمدهش ألا يرى الكثيرون أى نموذج آخر لتغيير الحكم وإصلاح النظام، إلا الهتاف للثورة والعصيان المدنى، مدافعين عن نماذج استثنائية فى تاريخ حركات التغيير فى العالم حين تحركت الجماهير فى ثورات مليونية من أجل إسقاط النظام القائم، أما باقى دول العالم سواء بعض دول أوروبا الغربية أو دول أوروبا الشرقية أو أمريكا اللاتينية،
فتحولت نحو الديمقراطية عبر عملية تراكم سياسى واجتماعى عرفت أشكالا متنوعة من الاحتجاجات الشعبية والترتيبات السياسية بصورة مثلت عنصر ضغط على النظام دفعت قوى وتيارات إصلاحية من داخله إلى إجراء إصلاحات متدرجة عجلت بالتحول الديمقراطى وتغيير كثير من هذه النظم وإصلاح بعضها الآخر،
أى أنها لم تكن نتيجة ثورات شعبية أو عصيان مدنى، إنما كانت عبر تراكم لاحتجاجات شعبية متفرقة، شبيهة بالتى تشهدها مصر، مع فارق أساسى أن الاحتجاجات الاجتماعية المصرية ليس لها علاقة مباشرة بالسياسة، فى حين أن تلك التى شهدتها البلدان الأخرى كانت مسيسة وكان وراءها قوى سياسية منظمة وفعالة.
ولعل المفارقة أن حركات الاحتجاج السياسى الجديدة فى مصر والمتهمة بأنها حركات نخبوية، رفعت شعارات سياسية شديدة الثورية والراديكالية، فى حين أن احتجاجات الطبقات الشعبية المصرية وعلى رأسها العمال كانت أكثر هدوءا وحكمة وبساطة، استلهمت فى احتجاجاتها روح غاندى الذى لم تعرفه، فلم تعتبر الحكم عدوا إنما هو جزء ولو فاشل من هذا الشعب، كما إنها لم تتبن الاحتجاج السلمى مثل كل قوى الاحتجاج السياسى فى مصر إنما أيضا أو أساسا امتلكت ثقافة سلمية كانت مسار مزايدة كثير من السياسيين، وهى ثقافة وسلوك أربكا الحكومة ومنعاها من ممارسة نفس القمع الذى تمارسه مع العشرات من نشطاء الحركات السياسية الجديدة.
قد يكون مدعاة للتأمل حجم التأثير الذى أحدثه «النزول المسالم» للبرادعى فى الحسين والمنصورة للصلاة والسير على الأقدام وسط الناس دون هتاف أو خناقة بين «الرفاق»، مقارنة بمظاهرات السياسيين التى لم تتغير منذ 2004 فلم تزد فردا إنما نقصت أفرادا. تماما مثلما بدا لافتا تأثير استقبال البرادعى لدى عودته أول مرة من الخارج فى مطار القاهرة بالأعلام والنشيد الوطنى، وحرص الرجل على عدم توجيه إساءة شخصية واحدة لمن أساءوا له من كل الاتجاهات.
من الواضح أن هناك بعض السياسيين فى مصر يفضلون أن تبقى الحياة السياسية راكدة، ونشطاؤها بالعشرات، لأن فى ذلك ضمانة «لزعامتهم» الوهمية، تماما مثلما أن هناك سياسيين حريصين على أن يكونون جزءا من الحالة الاجتماعية لعموم المصريين، لا يتعالون عليها ويعملون على تطويرها مثلما فعل غاندى فى سياقه.
وفى النهاية من اغتال غاندى لم يكن من عملاء الاحتلال ولا المسلمين الذين انفصلوا عن الهند وأسسوا باكستان، إنما رجل هندوسى متعصب من قومه أطلق عليه الرصاص فى 30 يناير 1948م، فتوفى عن عمر يناهز 79 عاماً. فرحل الرجل وبقيت أمثولته حاضرة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.