رغم الكشف عن مئات الحالات من الاعتداءات الجنسية الشاذة على الأطفال داخل الكنيسة الكاثوليكية فإن تقارير صحفية تؤكد أن الأرقام الحقيقية والوقائع أفظع بكثير مما خرج وأذهل الكثيرين فى كثير من الدول بما فيها الفاتيكان ذاته. ففى الولاياتالمتحدةالأمريكية وحدها، تكشفت خلال الأسابيع الأخيرة اعتداءات جنسية شاذة على مئات الأطفال. وقبل ذلك دفعت الكنيسة الكاثوليكية فى أمريكا خلال السنوات الأخيرة نحو مليارى دولار فى شكل تعويضات مالية لأهالى الأطفال الضحايا، المعتدى عليهم من جانب الرهبان، وذلك كحل وسط لشراء صمت الأهالى، والتستر على فضائح الكنيسة ضد أطفالهم القصر. وبعد الفضيحة الأخيرة، التى فاحت رائحتها فى ألمانيا، ومست جذورها سمعة بابا الفاتيكان الحالى، سرعان ما تكشفت فضائح اعتداءات جنسية أخرى على ما لا يقل عن 350 طفلاً ضحية فى هولندا، بعد فضيحة الاعتداءات على ما بين 300 و400 طفل فى ألمانيا والنمسا. وفى إيطاليا، قادت الصدفة وحدها إلى فضح عنوان موقع إلكترونى يتحدث عن عمليات اعتداء على أطفال من جانب رهبان. وكان أول ضحية لذلك الموقع هو الذى كشف المستور علناً، عندما تحدث إلى صحيفة يومية كبرى فى إيطاليا، مشيراً إلى ألفاظ فاضحة دارت معه. ويحسب لأساقفة إيطاليا موقف بارز فى القضية فرغم تبعيتهم للفاتيكان، فإنهم رفضوا الادعاءات المعارضة لتدخل الشرطة والمحققين المدنيين فى تلك القضية، وركزوا على أهمية التعاون مع السلطات غير الدينية، من أجل إظهار المعتدين وعقابهم، معربين فى الوقت نفسه عن تضامنهم مع الأطفال الضحايا ضد الكهنة المتهمين، مؤكدين فى بيان مهم صدر لهم شعورهم ب«الرهبة والخيانة والندم مما أقدم عليه بعض رجال الكنيسة». وبينما عبر عدد من ممثلى الكنيسة عن تعاطفهم ودعمهم لضحايا الاعتداءات الجنسية، قام عدد آخر بالمقابل، بتوجيه التهم إلى الإعلام، معتبرين أنه بالغ فى معالجة تلك الفضائح، وكانت صحيفة الفاتيكان اليومية «لوسيرفاتورى»، هى التى عبرت عن هذا الاتجاه، ووصفته بأنه «شائعات جديرة بالازدراء ضد البابا». وقال الكاردينال كاميللو روينى، المسؤول الكبير السابق فى الفاتيكان الذى يحمل أيضا اسم «القديس بطرس» عبر الإذاعة الخاصة معلقاً، إن «البعض فى الآونة الأخيرة ظن أنه يقتلع من قلوب الناس جذرياً الإيمان بالكنيسة، وأخشى أن أقول الإيمان بالمسيح والله»، حسب تعبيره. وكان تجاهل البابا الحديث علناً عن فضائح الاغتصاب فى عيد القيامة قد أثار غضباً عارماً ببن الرأى العام العالمى، مما اضطره إلى الاستجابة قبل بضعة أيام ب«اتخاذ إجراءات» ضد مرتكبى تلك «الانتهاكات» ومعاقبتهم، وهى الكلمة التى استخدمها علانية للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة، فى محاولة منها لتطويقها. ورغم إعلان الكنيسة قبل أسبوعين فى ألمانيا عن فتح خط هاتفى ساخن لضحايا الاعتداءات، لتسلم بلاغاتهم أولاً بأول، أكد تقرير لجنة الدفاع عن الأطفال أنه نادراً ما يتم التبليغ عن حالات أساساً إلى السلطات الدينية، وإذا حدث، تواجه ب«ثقافة الصمت» والتجاهل.