وزير التعليم العالي: جاهزية مكتب التنسيق الرئيسي بجامعة القاهرة لبدء أعماله    الأزهر الشريف: سحبنا بيان غزة حتى لا يؤثر على المفاوضات الجارية    زلزال يضرب بحر "أندامان" في الهند    غزل المحلة يخوض 3 مباريات ودية في معسكر بالقاهرة    تعيين اللواء أسامة نصر مديرًا لأمن الغربية    «سينما يوليو».. شاهد على تأسيس الجمهورية الأولى    الكشف على 394 مواطنًا وإجراء 10 عمليات جراحية في اليوم الأول لقافلة شمال سيناء    تجدد القتال لليوم الثالث بين كمبوديا وتايلاند ووقوع ضحايا ومصابين    رئيس هيئة قناة السويس: نلتزم بالدور المحوري للقناة في تحقيق الاستدامة لسلاسل الإمداد العالمية    الأهلي يعلن إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى فاركو    محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية    عقوبة الإيقاف في الدوري الأمريكي تثير غضب ميسي    وزير الشباب: تتويج محمد زكريا وأمينة عرفي بلقبي بطولة العالم للاسكواش يؤكد التفوق المصري العالمي    مصر تستورد 391 ألف طن من الذرة وفول الصويا لدعم احتياجات السوق المحلية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو طفل يقود سيارة وتضبط المتورطين في الجيزة    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    كلمتهم واحدة.. أبراج «عنيدة» لا تتراجع عن رأيها أبدًا    سميرة عبدالعزيز في ندوة تكريمها: الفن حياتي.. وبرنامج «قال الفيلسوف» هو الأقرب لقلبي    دور العرض السينمائية تقرر رفع فيلم سيكو سيكو من شاشاتها.. تعرف على السبب    عالم أزهري: تجنُّب أذى الأقارب ليس من قطيعة الرحم بشرط    بنك الأهلى فاروس يقترب من إغلاق إصدارين للصكوك ب8 مليارات جنيه فى الاستثمار الطبى والإنشاءات    تقرير فلسطيني: إسرائيل تسيطر على 84% من المياه بالضفة    ناهد السباعي تتربع على عرش التريند بسبب إطلالة جريئة    وكيل صحة الدقهلية يوجه المستشفيات برفع كفاءة الأداء والتوسع في التخصصات الدقيقة    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي يؤكدان ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة    صور| ترامب يلعب الجولف في مستهل زيارته إلى أسكتلندا «قبل تظاهرات مرتقبة»    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    أكسيوس عن مصادر: أعضاء بإدارة ترامب يقرون سرا بعدم جدوى استراتيجيتهم بغزة    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    الأزهر يرد على فتوى تحليل الحشيش: إدمان مُحرّم وإن اختلفت المُسميات    محافظ البحيرة: 8 سيارات لتوفير المياه في المناطق المتضررة بكفر الدوار    محافظ المنيا يضع حجر الأساس المرحلة الاولى من مبادرة "بيوت الخير"    نجاح جراحة ميكروسكوبية دقيقة لاستئصال ورم في المخ بمستشفى سوهاج الجامعي    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    الإنجيلية تعرب عند تقديرها لدور مصر لدعم القضية الفلسطينية    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    حبس أنوسة كوته 3 أشهر وتعويض 100 ألف جنيه في واقعة "سيرك طنطا"    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    وزير الزراعة اللبناني: حرب إسرائيل على لبنان كبدت المزارعين خسائر ب 800 مليون دولار    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن تطبيق الشريعة؟ (12-12)
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 03 - 2010

 إن استقراء هذه الآيات يوضح لنا أن القرآن الكريم إنما يمثل الحق، وبالطبع فهذا يسرى على ما أنزل الله، كما وضحت الآيات أن هذا الحق هو الذى يحكم بين الناس، وعندما يراد تطبيق الحق وجعله أداة للفصل بين الناس فإنه يتحول إلى «العدل» لأن العدل هو إعطاء كل ذى حق حقه، ويؤكد القرآن هذا المعنى وينص عليه صراحة عندما يذكر أن العدل وهو ما يحكم به بين الناس أو أن يذكر «الميزان» – رمز العدل- جنبًا إلى جنب الكتاب.
ولكن هناك جانبًا جديدًا يلزم تجليته، لأن هذا الجانب يمثل شرطاً ضروريًا لإمكان تحقيق العدل وبدونه فإن العدل يهدر تمامًا، ولا يجد سبيله للتطبيق، وينطبق عليه أن ما لا يتحقق الواجب إلا به، فإنه يعد من الواجب نفسه.
هذا الجانب هو الحرية.
■ ■ ■
فى كتابنا «نظرية العدل فى الفكر الإسلامى وفى الفكر الأوروبى» لاحظنا أن العدل لم يكن من القيم الحاكمة فى الحضارة الأوروبية التى قامت على قيمتى الحرية والقوة كما لاحظنا أن العدل يكاد يكون القيمة الأعظم بين قيم الإسلام بحيث يكاد يكون العدل هو الطابع الرئيسى، ولو كان للأديان «بصمة» لكان العدل هو بصمة الإسلام.
وتضافرت قيمتا الحرية والقوة لدفع المجتمع الأوروبى لأن يحقق القوة فى كل شىء، وسمح له مناخ الحرية بأن يحقق ذلك، فاستهدف القوة فى الجسم وفى سبيل ذلك تقبل، بل نَظّمَ المصارعة الحرة والملاكمة الطليقة والعدو والسباحة وحمل الأثقال.. الخ.. وحقق القوة السياسية فكان هدف الدولة من أثينا حتى روما حتى المرحلة الاستعمارية هو قتال الدول الأخرى والاستحواذ على أرضها وخيراتها،
وحقق قوة العقل وبفضله استطاع أن يستغل قوى الطبيعة، وأن يفتح له العلم أسرار «الطاقة» وبهذا وصل إلى الصناعة الآلية التى كانت انقلابًا فى تاريخ طرق الإنتاج، ثم تطرق حتى وصل إلى الذرة، كما سمح مناخ الحرية بأن يتوصل المجتمع إلى إشباع أهواء النفوس وما تشتهيه من صور عديدة للاستمتاع، كما مكنت الحرية أصحاب العقول من التفكير المطلق.. الخ.
باختصار حققت أوروبا إنجازاتها العظيمة التى تميزها عن كل الحضارات الأخرى وتجعلها تفوقها بفضل الحرية.
ولكن لما لم يكن العدل من القيم الحاكمة، فإن الحرية الطليقة ورغبة القوة مكنتا الأقوياء من سحق الضعفاء، والأغنياء من استغلال الفقراء، وظلت هذه السوءة مما وسمت الحضارة الأوروبية حقبة من حياتها.
ولكن الحرية فى الوقت الذى سمحت فيه للأقوياء بأن يتوصلوا إلى الوسائل التى تحقق لهم «القوة» فإنها سمحت للضعفاء بأن يتوصلوا إلى الوسائل التى تحقق لهم القوة أيضًا ووصلوا إلى ذلك بالفعل بعد تضحيات عديدة وتجارب فاشلة، وبعد أن استهلك الاستغلال ثلاثة أو أربعة أجيال من العمال، استطاع العمال أن يكونوا النقابات التى توصلت – بشق الأنفس وبفضل الإبداع - إلى أن يكبح العمال جماح الرأسمالية المستقلة، وأن يجلسوا إلى جانب الرأسماليين على مائدة «المفاوضة الجماعية» ليضعوا شروط العمل وساعاته وأجوره والأمن الصناعى.. الخ. بل حققت لهم الحرية أن يكونوا حزب العمال،
فاستطاع هذا الحزب بعد نصف قرن من الكفاح أن يسقط تشرشل المنتصر، ويتولى هذا الحكم سنة 1945م وأن يكون أول حكومة للرعاية. هنا نجد أن الحرية وإن سمحت حينا من الدهر للأقوياء باستغلال الضعفاء، فإنها أتاحت الفرصة للضعفاء بأن يتحدوا وأن يعوضوا ضعفهم كأفراد بقوتهم كجماعة وأن ينالوا الانتصاف.
وفعل النساء كما فعل العمال، فقد جردتهن حكومة الرجال من حق التصويت، فألفن الجمعيات التى تطالب بذلك، ولما أصمت الحكومة آذانها لجأن إلى صور من العنف حتى نلن أخيرًا حقهن.
بل لقد استطاع بحارة الأسطول البريطانى - الذين كانوا محرومين من كل الحقوق وكانت مرتباتهم الضئيلة تتأخر شهورًا، وكانت العقوبات هى الجلد بسوط ذى ثمانى شُعب ولم يكن لهم أمام ضباطهم إلا التسليم - أن «يضربوا» وتحدوا الأميرالية الرهيبة التى كانت دول العالم تخشاها، واستطاعوا فى النهاية أن يظفروا بمطالبهم .
إن الحرية التى مكنت الأقوياء من الاستغلال، مكنت الضعفاء من التكتل والتنظيم وأن يكتسبوا القوة وأن يظفروا بالانتصاف.
لم يكن العدل من قيم الحضارة الأوروبية، ولكن الحرية مكنت الذين يريدونه من أن يصلوا إليه، وأن يأخذوه غصبًا ويفرضوه فرضًا بفضل آليات العدالة كالنقابات فى مجال العمل والأحزاب فى مجال السياسة.
ولننظر الآن فى حال المجتمع الإسلامى فمع أن العدل هو القيمة الحاكمة فى الإسلام، فالمفارقة المحزنة أن العدل لم يتحقق فى المجتمع الإسلامى باستثناء فترة النبوة وعهد العمرين.
كيف حدث هذا؟
حدث لأن المجتمع الإسلامى لم يظفر بالحرية، وبالذات حرية الفكر والاعتقاد وبدأ هذا من سنة 40 هجرية حتى آخر الخلافة.
إن هذا الاستشهاد على أهمية العدالة يكشف عن سر المفارقة المأساوية ألا وهى عدم تحقيق العدل فى مجتمع جعل قرآنه العدل هو أوجب الواجبات. من هنا، فإن أى حديث عن العدل.. الذى هو روح الشريعة، لا يكون له معنى ما لم يصطحب بالحرية، فعدم وجود الحرية لا يسمح بقيام الآليات التى تجعل العدل حقيقة، ولكن يظل نصًا ، وهذا هو ما حدث فى المجتمع الإسلامى.
من هنا تعد الحرية شرطاً رئيسيًا ولا مناص عنه، ولا بديل له لإمكان تحقيق الشريعة، ودون هذه الحرية فإن كل حديث عن العدل، أو الشريعة، هو مجرد عبث وكلام أجوف.
إن الفقهاء عندما ابتدعوا حد الردة، وعندما صاغوا مقولتهم الشنيعة «من جحد معلومًا من الدين بالضرورة فقد ارتد»، إنما شلوا حرية الفكر بمختلف التعلات وهى القوة الوحيدة التى كان يمكن أن تحقق العدل وبهذا حققوا للحكم الإمبراطورى، المتسمى باسم الخلافة، حلمه فى البقاء والاستمرار، وأوقفوا حركة التقدم وكان حد الرد ومقولة هى أكبر جريمة اقترفت فى حق الإسلام، وجاءت من يد فقهائه أنفسهم وهم يحسبون أنهم يدافعون عن الإسلام فى حين أنهم قاموا بما لا يمكن لأشد أعدائه القيام به.
إن الدعوة للحرية فى القرآن وفى عمل الرسول لا تقل قداسة عن الدعوة للعدل، فإذا قيل وما سندك على لزوم الحرية فى الإسلام قلت إن القرآن الكريم قرر أعلى مرتبة للحرية، وهى حرية الاعتقاد فى آيات تكاد تنطق الحجر وتفهم البقر [فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا] {78 النساء}، وأن الرسول طبق فى حياته هذا المبدأ المقدس فلم يتابع عددًا كبيرًا ارتد عن الإسلام فى حياته بأى عقوبة، بل رفض محاولة أحد الأنصار ثنى أبنائه عن اعتناق النصرانية قائلاً «يا رسول الله أدع ولداى يدخلان النار؟!»، فلم يقل له الرسول إلا الآية [لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ].
إن الحق والعدل تكرر مرارًا فى القرآن وهما فى الحقيقة وجهان لعملة واحدة.. لأن العدل لا يمكن أن يتحقق ويصان ويدافع عنه إلا عندما تتوافر الحرية، وهذه الحرية لا تخص المفكرين وحدهم، لأنها أمر الشعب كله، أمر حاضره ومستقبله، وهى تخص أيضاً الشريعة وتعد شرطاً لا غناء عنه ولا بديل له لتحقيق الشريعة.
■ ■ ■
إن الصورة التى ستظهر بها الشريعة، بعد التأسيس الجديد لمنظومة المعرفة الإسلامية ستكون مختلفة تماماً عن الصورة التى تبرزها المراجع المذهبية المقررة لأنها:
أولاً: ستعتبر أن تقرير الحرية – وبوجه خاص – حرية الفكر والتعبير بما فيه من تأسيس للأحزاب والنقابات والهيئات والجمعيات والصحافة جزء لا يتجزأ من الشريعة، أو أن ذلك هو الآلية التى يمكن أن تطهر بها الشريعة.
وثانيًا: لأن الشريعة لن تأخذ التفسير الحروفى للنصوص، ولكنها ستفهمها فى ضوء مقصدين هما العدل والمصلحة وهو ما قرره النابهون من الفقهاء وما تقضى به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
وهذا التأسيس الجديد يقوم على أساس صلب من آيات القرآن وأحاديث الرسول وأقوال أبى بكر وعمر بن الخطاب حتى لا يمكن لأحد أن يطعن فى «أصولية» هذا التكييف.
وعندما ستظهر الشريعة متوشحة بالحرية، ومستهدفة العدل والمصلحة فلن تكون هناك مشكلة وسيمكن تطبيق الشريعة وستظفر بالحسنيين قداسة الدين ومصلحة الدنيا.
كلمات حق
وصيحات فى واد
فى صحف الخميس، وفى الصفحة الأولى قرأت أن وكيل لجنة الأمن القومى فى مجلس الشعب قال «نقدم للرئيس مبارك رقابنا وأعناقنا ورقاب شعبنا لأنه شخص غير عادى وديكتاتور عادل» الدستور 25/3/2010م، إن هذا معناه أن مصر قد نسيت تاريخها من سنة 1866م عندما تكون مجلس شورى القوانين،
وعندما كتب الخديو إسماعيل إلى شريف باشا «إننى بصفتى مصريا ونزولاً على إرادة شعبى»، كما نسيت ثورة 1919م التى أدت لظهور دستور 1923م وبدء الحقبة الليبرالية (1920 1952م) التى تعود إليها معظم أمجاد مصر الحديثة، وتوضح تمامًا أننا نتقدم بسرعة، ولكن إلى الوراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.