ألغت محكمة النقض حكم الإعدام الصادر بحق هشام طلعت مصطفى، رجل الأعمال، ومحسن السكرى، ضابط أمن الدولة السابق، بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم فى دبى، وقبلت طعنهما وقررت إعادة محاكمتهما أمام دائرة جنايات القاهرة. عقب النطق بالحكم انتفضت القاعة بتصفيق وتهليل وزغاريد من أنصار وأقارب «طلعت» و«السكرى»، رددوا «يحيا العدل.. يحيا العدل»، واتصل فريد الديب، المحامى، بعد 10 ثوان من إعلان الحكم بهشام طلعت داخل السجن وهنأه، لم يحضر غير خال «هشام طلعت» من أسرته فقط، وغاب الجميع عن الجلسة، وكانوا على اتصال متواصل مع المحامين. وقررت محكمة النقض إرسال ملف القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، غداً، تمهيداً لتحديد جلسة أمام دائرة جنايات القاهرة غير التى أصدرت الحكم من قبل، ومن المقرر أن تصدر المحكمة حيثيات حكمها بإلغاء الإعدام خلال أيام، إلا أن مصادر قضائية أكدت أن قصوراً فى التسبيب وفساداً فى الاستدلال دفعاً المحكمة إلى نقض الحكم وقبول الطعن. رصدت 4 مشاهد فى مبنى دار القضاء العالى، بوسط القاهرة، تفاصيل يوم فارق فى حياة هشام طلعت ومحسن السكرى: المشهد الأول منذ الساعة الخامسة صباحاً كان اصطفاف رجال الأمن المركزى خارج المحكمة يشير إلى وجود حدث مهم داخل المحكمة، أكثر من 10 سيارات أمن مركزى تحيط بالمبنى، وبوابات إلكترونية لتفتيش المترددين عليها، ولواءات وضباط فى كل مكان، وكلاب بوليسية جاهزة للاستخدام داخل سيارة خاصة بالأمن، لا حديث داخل أروقة المحكمة، وعلى سلالمها سوى الحكم المرتقب فى قضية هشام والسكرى. البعض يردد «أكيد هيطلعوه منها.. ده راجل واصل».. وآخرون يردون «لا.. التهمة ثابتة فى حقه.. وهياخد إعدام». داخل ساحة المحكمة، كان التمركز الأمنى أكثر مما هو فى الخارج، قرابة 100 شرطى يصطفون أمام القاعة الرئيسية لمحكمة النقض، التى استعدت لاستقبال القضية، الموظفون قضوا ليلة أمس الأول، بداخلها يمسحون ويلمعون المقاعد والمنصة. فريق من رجال أمن القاهرة استقروا أمام قاعة المحكمة «غير مسموح بالدخول لأى شخص لا يحمل تصريحاً مسبقاً من المحكمة».. تلك هى الجملة التى رددها أفراد الأمن لكثيرين حاولوا الدخول لمتابعة القضية، واللحظة التى سيتابعها الملايين فى الوطن العربى، لحظة عودة الحياة مؤقتاً أو لحظة نهاية هشام طلعت، رجل الأعمال الشهير، ومحسن السكرى، ضابط أمن الدولة السابق. المشهد الثانى بمجرد أن وصلت الساعة إلى الثامنة صباحاً كانت قاعة المحكمة قد امتلأت بالمحامين من أنصار هشام والسكرى وآخرين من المدعين بالحق المدنى، وعدد من أقارب المتهمين، ووسائل الإعلام، قرابة 35 قناة فضائية، إضافة إلى 70 صحفياً مصرياً وأجنبياً، تابعوا الجلسة من داخل القاعة، فريق الدفاع عن هشام غاب عن الحضور ولم يحضر منهم سوى فريد الديب، المحامى، وجلس فى المقعد الأول، يصوب نظراته تجاه مقاعد هيئة المحكمة، يجرى اتصالات بين الحين والآخر ب«هشام» ولم يخف على أحد أنه يحدثه، يطمئنه، وأخبره بأنه يتوقع إلغاء الحكم، ووعده بإبلاغه بمنطوق الحكم فى لحظتها، عدد من أقارب هشام جلسوا يقرأون القرآن، يتمنون إلغاء الحكم وعودة هشام، وجلس والد محسن السكرى منذ الصباح فى انتظار الحكم الذى يحدد مصير ابنه. وجاءت الساعة التاسعة صباحاً وخرجت هيئة المحكمة المكونة من 11 مستشاراً جميعهم نواب محكمة النقض، يترأسهم المستشار عادل عبدالحميد، رئيس المحكمة، رئيس مجلس القضاء الأعلى، ظن البعض أن الحكم قد حان، إلا أن رئيس المحكمة أكد أنه سيتم نظر عدد من القضايا، على أن يتم الحكم فى جميع القضايا، بما فيها قضية «هشام والسكرى» فى نهاية الجلسة، كل كلمة كانت تقال فى الجلسة، كانت تنقل مباشرة إلى هشام داخل سجنه، فريق الدفاع الجديد عنه غاب عن حضور الجلسة، وبقى فريد الديب وحده، من فريق الدفاع فى المحكمة، انعقدت الجلسة لمدة 4 ساعات تقريباً لنظر القضايا وكان الجميع فى انتظار القضية الأهم للرأى العام، ومرت الدقائق والساعات، ورفعت المحكمة الجلسة وقررت الدخول إلى غرفة المشورة للتداول، على أن تعود لإصدار الأحكام فى القضايا. المشهد الثالث انتبه الجميع لحظة أن دق جرس غرفة المداولة، حان وقت خروج هيئة المحكمة لتقول كلمتها الأخيرة فى القضية، عدد من أنصار هشام وضعوا أياديهم على وجوههم، يقرأون القرآن يدعون الله أن يكون الحكم لصالحه، لحظات فارقة تلك التى خرج فيها المستشارون واحداً بعد الآخر، ليصطفوا جلوساً على مقاعدهم ويتوسطهم رئيس المحكمة، وعلى الجانب الأيمن ممثلو نيابة النقض، وعلى الجانب الأيسر أمناء سر المحكمة. الجميع يترقب، صمت رهيب يسيطر على القاعة، بدأ سكرتير الجلسة فى الإعلان عن القضايا، ويرد رئيس المحكمة بالحكم، فى كل قضية على حدة، حتى جاء اسم السكرى، المتهم الأول فى القضية ووقتها وقف الجميع، ضباطاً ومحامين وصحفيين وإعلاميين ويتحرك فريد الديب من مقعده ويتجه إلى المنصة قليلاً، يبدو عليه القلق، وبمجرد أن نطق القاضى ب«قبول طعن طلعت والسكرى وإعادة محاكمتهما من جديد» انتفضت القاعة بأصوات وزغاريد عالية من أنصار هشام، وأمسك فريد الديب بهاتفه، واتصل ب«هشام» داخل السجن، مردداً «مبروك يا هشام.. ألف مبروك الطعن اتقبل»، وقال ضابط ل«المصرى اليوم» طلب عدم ذكر اسمه إنه شاهد طلعت يقفز إلى أعلى فرحاً بعد تلقيه الخبر.. وهلل داخل العنبر. المشهد الرابع انتهت الجلسة ودخل المستشارون إلى غرفة المداولة، وخارج القاعة تجمع المئات من أنصار هشام خارج المحكمة، يحيطون بالمحامين ويهللون لوسائل الإعلام، فرحين بالحكم الذى أعاد هشام إلى الحياة، حتى ولو بشكل مؤقت. قالوا إنه شخص محبوب من الجميع، جاءوا إليه من الإسكندرية، مسقط رأسه، لدعمه وللوقوف إلى جانبه، ليفرحوا بعد الحكم بإلغاء الإعدام، استمرت الزغاريد فى ساحة المحكمة قرابة ساعتين بعد الحكم، لتنتهى خطوة قضائية مهمة فى حياة هشام والسكرى لصالحهما، على أن يعودا إلى ساحة محكمة جنايات مرة أخرى بعد أسابيع لبدء نظر القضية من جديد.