السودان بين التقسيم والانتخابات وأزمات الحكم (4)

يعد تاريخ الانتخابات البرلمانية السودانية من الأهمية بحيث يثبت أن عاملا مهماً من التوتر الداخلى السودانى مرتبط ارتباطا وثيقا بعدم الحسم التاريخى أو التغير المستمر للمكونات السياسية والاجتماعية السودانية وفى الانتخابات البرلمانية الأولى 1953، بالنسبة لمجلس النواب جاءت النتائج كالتالى: الحزب الوطنى الاتحادى 51 مقعدا، حزب الأمة 22، مستقلون جنوبيون 4، الحزب الجمهورى الاشتراكى 3، تحالف الجنوب السياسى 3، الجبهة المعادية للاستعمار 1، المجموع 97 . مجلس الشيوخ:الحزب الوطنى الاتحادى 32: تعيين 22 وانتخاب 10، حزب الأمة 7: تعيين 3 وانتخاب 4، مستقلون جنوبيون 4: تعيين 3 وانتخاب1، الحزب الجمهورى الاشتراكى منتخب واحد فقط، تحالف الجنوب السياسى 4: تعيين 3 وانتخاب 1، الجبهة المعادية للاستعمار 3: تعيين واحد وانتخاب 2، المجموع 51: تعيين 32 وانتخاب 18.
أما بالنسبة للانتخابات البرلمانية الثانية 1958، فقد أجرى الإحصاء السكانى فى السودان عام 1956، وعلى ضوء نتيجته تمَّ تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 173، بينما ألغيت دوائر الخريجين التى منحوا بموجبها 5 مقاعد فى انتخابات 1953. ويلاحظ أن عدد الدوائر الانتخابية زاد عما كان عليه فى أول انتخابات برلمانية، ألغى نظام الانتخاب غير المباشر بموجب قانون الانتخابات لعام 1957، واقتصرت انتخابات 1958 على نظام الانتخاب المباشر فى جميع دوائر البرلمان، واختفت قوى سابقة مثل (حزب الشعب الاشتراكى والجبهة المعادية للاستعمار) وظهرت قوى جديدة هى: (حزب الشعب الديمقراطى وحزب الأحرار).
 وجاءت نتائج انتخابات 1958 كالتالى: نال حزب الأمة عدد (57) دائرة، متفوقاً على غريمه الحزب الاتحادى الديمقراطى الذى حاز (14) دائرة انتخابية. ونال الحزب الاتحادى أكبر نسبة بلغت 340.410 مقابل 310.019، بسبب عدم الأخذ بنسبة التمثيل السكانى للناخبين، بدلاً من الصوت الواحد لكل ناخب. ثم جاء انقلاب الفريق عبود.
بالنسبة لانتخابات المجلس المركزى (1958- 1964)، وأسدلت فترة حكم الفريق عبود الستار على مرحلة المؤسسات الدستورية التى شكلتها انتخابات 1953 واستمر ذلك حتى قيام ثورة أكتوبر 1964 وسقوط نظام عبود الذى سعى لتكوين مؤسسات تشريعية، أهمها المجالس المحلية للقرى ومجالس مديريات والمجلس المركزى.
 تكونت مجالس المديريات السودان التسعة بتاريخ 1/7/1961، وأعلن الفريق فى 17/11/1961 أن الحكومة عازمة على تكوين لجنة لوضع قانون المجلس المركزى.. وفى الوقت الذى قاطعت فيه جميع الأحزاب الوطنية، خاض الحزب الشيوعى السودانى انتخابات المجلس المركزى ولم يحالفه الحظ فى أى دائرة فى العاصمة رغم مشاركة الحزب الشيوعى الانتخابات فى حين قاطعها حزبا الأمة والاتحاديين، إلا أن الاتحاديين دخلوا بأعداد كبيرة المجلس. وقامت الحكومة الانتقالية التى تشكلت عقب ثورة أكتوبر 1964 بإجراء انتخابات الجمعية التأسيسية عام 1965، وأعيد مجلس الشيوخ الذى تكون بموجب قانون الحكم الذاتى لعام 1953، وعدِّل مجلس النواب إلى الجمعية التأسيسية.
لجنة الانتخابات والدوائر الانتخابية: تم تعين لجنة الانتخابات، وأعادت النظر فى توزيع الدوائر الجغرافية حيث تم تقسيمها إلى 218 دائرة، بواقع 158 دائرة فى المديريات الشمالية و60 دائرة فى المديريات الجنوبية. فخرجت بالموجهات والأسس التالية: أن تتَّم إعادة تقسيم الدوائر الجغرافية على أساس الإقليم، بحيث تنحصر الدائرة فى منطقة معينة من الأرض تشمل كل الأشخاص المقيمين بها دون اعتبار لانتماءاتهم القبلية.
لا يشترط أن يكون تقسيم الدوائر وفق حدود الإدارات الأهلية أو المجالس المحلية داخل المديرية الواحدة. يجب أن يتراوح النصاب السكانى لكل دائرة انتخابية بين 50 و70 ألف نسمة من السكان المقيمين فى الدائرة. أن تتم عملية إعادة تقسيم الدوائر الجغرافية داخل نطاق المراكز بقدر المستطاع، بحيث لا تقع دائرة واحدة مركزين.
ولا يجوز أن تقسم دائرة واحدة بين مديرتين. ويستحسن أن تكون حدود الدائرة الانتخابية محصورة فى جزء متصل من الأرض دون أن تفصلها عوائق طبيعية، وأتيح للمرأة حق الانتخابات فى 1965، استجابة للتحولات الاجتماعية والسياسية فى الفترة التى أعقبت ثورة 1965.