حسبنا الله ونعم الوكيل.. أبدأ بها رسالتى إليك عن عجائب الإدارة المركزية لحماية الأراضى التابعة لوزارة الزراعة، وعن جبروت الإدارات المحلية فى المحافظات التى تستولى بالقوة الجبرية على ملايين الجنيهات من عرق الكادحين والغلابة دون أى سند من القانون». هكذا يبدأ الأستاذ محمد عبدالمجيد برغش، أمين الفلاحين فى حركة «مواطنون ضد الغلاء»، رسالته التى تقطر ألماً وحسرة من سعار الجباية الذى أصاب الجهاز التنفيذى للدولة فى تعامله مع المواطنين. ويشير الأستاذ عبدالمجيد فى رسالته المؤيدة بصورة ضوئية من مستندات رسمية، إلى أن وزارة الزراعة أصدرت منشوراً داخلياً فى 8 أكتوبر 2009 إلى كل مديريات الزراعة فى المحافظات تخطرها فيه بأنه «تم فتح الحساب رقم 10294 لدى بنك التنمية والائتمان الزراعى وفروعه بالمحافظات لتوريد المبالغ المقررة للتكاليف والمصروفات الإدارية المنوه عنها بمذكرة الإدارة المركزية لحماية الأراضى المؤرخة فى 5/10/2009 والخاصة بآليات تنفيذ القرار الوزارى رقم 985 لسنة 2009، الذى أصدره وزير الزراعة بشأن ضوابط البناء على الأراضى الزراعية خارج الأحوزة العمرانية المعتمدة للقرى والمدن، وتقترح المذكرة التى تم اعتمادها فعلاً، سداد مبلغ خمسة آلاف جنيه رسوم وتكاليف ومصروفات المعاينة المركزية على الطبيعة لجميع حالات البناء على الأراضى الزراعية خارج الأحوزة العمرانية». وتستند هذه المذكرة العجيبة إلى المادة 12 من القرار الوزارى المذكور والتى تنص فى الأساس على تحصيل خمسة آلاف جنيه عن كل طلب لإقامة أبراج تقوية شبكات المحمول وتنفيذ أعمال المحاجر والمشروعات الخاصة بالإنتاج الزراعى والحيوانى والمشروعات الاستثمارية الأخرى كمحطات المواد البترولية ومستوَدعات البوتاجاز.. ولكن هذه المادة اتسعت فجأة لتبتلع فى جوفها جميع المواطنين الكادحين فى كل قرى ونجوع مصر.. وساوت بين فلاح يفكر فى بناء حظيرة لمواشيه، وبين صاحب مشروع استثمارى ضخم يفكر فى إقامة فرع جديد لشركته العملاقة!. ولا يقتصر سعار الجباية على وزارة الزراعة، فقد دخلت الإدارات المحلية بالمحافظات فى سباق مع الزمن لامتصاص رحيق الحياة الباقى فى بيوت الغلابة، واستند كل محافظ إلى قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 فى فرض رسوم إجبارية على كل رخصة بناء تتراوح بين 50 جنيهاً و500 جنيه على المتر الواحد حسب الموقع الجغرافى للمبنى، ومؤخراً تفتق ذهن الإدارات المحلية عن حيلة إجرامية لتعويض العجز الشديد فى الموازنة العامة لكل محافظة، هى حيلة التبرع الإجبارى بعد سداد رسوم التراخيص، التى تتراوح الآن بين 20 و100 جنيه عن كل متر يدفعها كل مواطن صاغرا ومقهوراً لحساب صندوق الخدمات فى المحافظة، كشرط أساسى للحصول على رخصة البناء. وبعد أسابيع قليلة من تطبيق هذا التبرع الإجبارى على كل رخصة بناء، صدرت قرارات أخرى بتكرار فرض التبرع على كل طابق علوى، ومنذ أسبوع واحد فقط أصدر أحد المحافظين فى صعيد مصر قراراً بفرض 500 جنيه تبرعا عن كل متر من مسطح البناء بعد الطابق السادس فى عاصمة المحافظة وفى مدنها الرئيسية. أين تذهب كل هذه الأموال؟! وهل تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات؟ ومن الذى أعطى لهؤلاء الموظفين الحق فى هذه الجباية الإجرامية؟! أرجو أن يتدخل أى مسؤول فى هذا البلد لوضع حد لهذا السباق الفاضح فى السطو على عرق الكادحين.. قبل أن يصل الناس إلى حالة من اليأس ستؤدى حتما إلى فوضى عارمة. [email protected]