يسري نصر الله: أحسن فيلم أخرجته في حياتي

من واقع ما عاشته مصر والمصريون خلال ثورة 25 يناير وما بعدها نسج المخرج يسري نصر الله أحداث فيلمه «بعد الموقعة»، الفيلم الذي كتب نصر الله سطوره الأولى دون أن يدري في أي اتجاه ستطيح به الأحداث، وما هي النهاية المتوقعة؟ ولكنه حمل كاميراته وانتقل بها من مظاهرة إلى أخرى، من مؤتمر إلى آخر يصاحبه أبطال فيلمه ليخرطهم في هذه الأحداث ويكشف معهم عن إجابة السؤال الصعب: مصر إلى أين؟
تبدأ أحداث الفيلم في شهر مارس 2011 مع الاستفتاء على الدستور وتنتهي في شهر أكتوبر الماضي بعد أن حسم الأمر كما يقول نصر الله: وعلم الجميع من سرق الثورة؟ وفي أي اتجاه نحن نسير وأنا حاسس إني عملت أحسن فيلم في حياتي. عبر يسري نصر الله ل«المصري اليوم» عن سعادته باختيار فيلمه «بعد الموقعة» في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» الذي يوصف بمهرجان الكبار وأهم مهرجان سينمائي في العالم.
وعن توقعه بهذه المشاركة قال «نصر الله»: بالتأكيد التوقع في هذا الأمر يشبه المستحيل لأنك تدخل في منافسة مع ثلاثة آلاف فيلم يتم مشاهدتها لاختيار 20 منها فكيف تتوقع إلى أي تصفية قد يصل الفيلم، خاصة أنني قمت بإرسال نسخة عمل وليس نسخة نهائية.
وأضاف «نصر الله»: أعتقد أن العرض في مهرجان بحجم «كان»، وفي المسابقة الرسمية هو تكليل لمجهود كبير استمر لعدة أشهر صورنا خلالها أحداث الفيلم، وفي ظروف صعبة للغاية وأشكر كل من وثق في شخصي لتحمل هذه المغامرة.
وقال «نصر الله»: اهتمامي بعرض أفلامي بشكل عام في المهرجانات أعتبره في الأساس وسيلة لتسويق الفيلم، كما أنه وبصراحة «كان نفسي أروح كان» لأنه أهم مهرجان سينما في العالم والتواجد فيه يطرح اسمك وأعمالك بشكل قوي.
وعن هذه التجربة قال «نصر الله»: بصراحة «حاسس إني عملت أحسن فيلم في حياتي» لأنني لأول مرة أصور فيلمًا بحرية كاملة بممثلين حرفيين يتحركون معك أينما تريد، وفي أي وقت دون أي تخطيط مسبق ودون أن يكون هناك سيناريو مكتوب وأشكر الرقابة التي وافقت لنا على التصوير بعد تقديمنا مجرد 10 ورقات فقط ترصد فكرة وشخصيات الفيلم فقط وأيضًا شركة إنتاج قررت أن تخوض مثل هذه المغامرة.
وعن تغيير عنوان الفيلم من «ريم ومحمود وفاطمة» إلى «بعد الموقعة» قال «يسري» منذ بداية الفكرة وأنا مصر على عنوان «بعد الموقعة» ولكن عندما اخترنا عنوان «ريم ومحمود وفاطمة» ليتناسب مع الكوميديا والرومانسية الموجودة في الأحداث، وكان أيضًا لهدف تجاري ولكن بعد انتهاء الفيلم كنت مصرًا على العودة إلى اسمه الحقيقي وهو «بعد الموقعة».
وعن اختيار هذا العنوان بالتحديد قال «نصر الله»: كنت أقصد بهذا العنوان ماذا حدث في مصر بعد الثورة؟ أي بعد ال18 يومًا التي انتفض فيهم شباب مصر دون أي مصالح للقضاء على نظام فاسد ويرصد الفيلم للفترة التي كانت تسرق فيها الثورة وإلى أي اتجاه سنسير. كما نرصد حركة المواطن الذي أصبح يعيش لأول مرة دون وصي ودون سلطة أبوية وكيف استعاد توازنه ورغم كل هذه الأحداث كنت أريد أن أتحدث عن البني آدمين وليس عن الثورة لأن الثورة أخرجت منا حالة مختلفة رأيت أنها جديرة بالرصد، وقد اخترت عنوان «بعد الموقعة»، وليس بعد الثورة لأن الثورة لم تنته، ونفى نصر الله أن يكون فيلمه أحد أجزاء سلسلة أفلام عن مصر خلال هذه الفترة، وقال: الفيلم جزء واحد طرحنا خلاله حالة البني آدمين الشعورية والوقتية والأسئلة التي كانت تدور في أذهاننا، وقد نجحنا في جمع هذه الخيوط في النهاية وأعتقد أن الطريق قد اتضح ولا أحتاج أكثر من ذلك.
وأشار «نصر الله» إلى أن ما مرت به مصر طوال الأشهر الماضية كان أحداثًا أساسية في نسيج هذا الفيلم، ومنها أحداث مسرح البالون وماسبيرو وأحداث العباسية ومظاهرة 8 يوليو وأيضًا التحرش بالسيدات في مظاهرة 9 مارس، بالإضافة إلى العديد من المؤتمرات وقال: أحداث الفيلم وصلت إلى 4 ساعات واضطررت إلى حذف العديد من مشاهد المؤتمرات بعد أن اكتشفت أنها مجرد خطوط فرعية في الأحداث واضطررت أيضًا إلى حذف شخصيات من العمل ومنها دور والدة ريم والذي قدمته «ليلى عز العرب» واكتشفت أنه من الممكن التضحية به مقابل مشاهد أخرى وقد اعتذرت لها عن ذلك وأيضًا مشهد لريم «منة شلبي» في المطعم ومشاهد أخرى تجمع بين منة شلبي وباسم سمرة حتى وصلت مدة الفيلم إلى ساعتين ووجدت صعوبة بالغة في حذف أي مشاهد أخرى ولكن حرصي على كل المشاهد التي قمت بحذفها سيجعلني حريصًا أيضًا على إضافتها كمشاهد إضافية في الdvdالخاص بالفيلم. ويضيف نصر الله: الفيلم ارتبط تصويره بالأحداث الجارية دون تخطيط مسبق وكنت أقوم بوضع الممثلين ضمن هذه الأحداث حتى نخرج الشكل الدرامي للعمل وأحيانًا كانت المشاهد تكتب على الهواء.
وأكد «نصر الله» أن الفيلم حالة استثنائية ومن الصعب أن تتكرر وقال: أعتقد أنه كان من الصعب أن يتم دون وجود ثورة وضعتنا جميعًا في حالة انفعالية محددة وأعتقد أن الممثلين تحملوا هذه المغامرة أيضًا بناء على الثورة أيضًا لأنني لا أسحر لهم كي يوافقوني على هذه التجربة، وأعتقد أنهم كانوا أيضًا وبشكل شخصي يبحثون عن إجابات للأسئلة الحائرة التي انطلقت بعد الثورة.
وعما يضيفه اختيار الفيلم في المهرجان له كمخرج قال: ليس مهرجان «كان» أو غيره من سيعطيني الثقة بنفسي، ولكن ما أسعدني أن الفيلم خرج بشكل مؤثر وأن من اختاره قد وصلت إليه هذه الحالة لأننا عندما قدمنا الفيلم كنا جميعًا متأثرين وفي حالة وجدانية مختلفة وفريدة، وكنت أشعر وكل من معي أيضًا بأننا نقدم عمل حلو وصادق ولم نشكك لحظة في وجداننا أو أحاسيسنا.
وأكد «يسري» أن الفيلم لم يحدد حتى الآن موعدًا نهائيًا لعرضه في القاهرة مؤكدًا أن هناك اقتراحًا بعرضه في نهاية العام بعد انتهاء المواسم المعهودة، ومن الممكن أن يعرض بالتزامن مع فرنسا في نوفمبر المقبل.