وصلتنى رسالة من المستشار محمد الشيخ، القاضى بمجلس الدولة، معلقاً على مقال «النقاب بين القضاء الإدارى والدستورية العليا» ومجيباً عن سؤال: هل هناك تناقض بين الحكمين؟ تقول الرسالة: صدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى جلسة 18/5/1996 متضمناً تأييده لقرار وزير التربية والتعليم رقم 113 لسنة 1994 الذى يحدد مواصفات الزى المدرسى لطالبات الثانوية العامة «لابد ألا يحجب الوجه ويكون باللون الذى تختاره المديرية التعليمية»، وانتهى حكم الدستورية إلى أن ذلك القرار لا يخالف المادة الثانية من الدستور التى تقرر أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع، وكذلك المادة 41 من الدستور التى تكفل الحرية الشخصية لجميع المواطنين. لا خلاف - فقها وقضاء - على أن أحكام المحكمة الدستورية العليا - وكذلك ما تصدره من تفسيرات لنصوص تشريعية - ملزمة لجميع أجهزة الدولة بما فيها السلطة القضائية التى من بينها القضاء الإدارى أو قضاء مجلس الدولة، وهناك مبدأ مستقر عليه - فقها وقضاء - على أن القاضى لا سلطان عليه فى قضائه سوى القانون، ومن ثم فالقاضى حر تماماً فى تكوين عقيدته ورأيه ملتزماً فى ذلك بما يقرره القانون، ولذلك فمن الطبيعى أن نجد اختلافاً فى كثير من الأحكام فى نفس الموضوعات، وذلك لاختلاف آراء القضاة بشأن تلك المسألة، والاختلاف وارد فى جميع درجات التقاضى. أؤيد تماماً حق ولى الأمر فى منع النقاب تماماً، وضرورة كشف الوجه، وذلك لأن ولى الأمر إنما يفعل ذلك لمصلحة المجتمع، ومصلحة الجماعة تغلب على مصلحة الفرد، فجميعنا يعرف ما يرتكب من جرائم من وراء ذلك النقاب، ولذلك فإننى أؤيد تماماً حكم المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن، بل واعتبر أن هذا الحكم تاريخى - ويؤيدنى فى ذلك كثير من زملائى بمجلس الدولة. لا يجب أن نتعرض لأى حكم قضائى بل يجب أن نسلك الطريق الذى رسمه القانون لإزالة ما شاب ذلك الحكم من عيوب أو قصور، فالمشرع عندما وضع تدرجاً قضائياً فقد وضع القواعد الكفيلة لإعمال أحكام ذلك التدرج، فالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى يتم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، فإذا ما أيدت المحكمة الإدارية العليا ذلك الحكم أصبح الحكم باتاً غير قابل للطعن عليه بأى طريق إلا بالطرق الاستثنائية كدعوى البطلان الأصلية. وأخيراً فإنه لا سبيل - إذا أرادت الدولة منع النقاب - سوى إصدار قانون يحظر ارتداء النقاب فى الأماكن التى يحددها القانون ففى هذه الحالة لن يكون أمام القضاء الإدارى سوى الخضوع لأحكام القانون. انتهت اقتباسات رسالة القاضى المحترم ولكن فض الاشتباك بين حكمى الدستورية والإدارى لم ينته بعد.