دائماً ما تقاس نهضة أى أمة بقدر رقيها علمياً وبالمدى الذى يصل إليه أبناؤها من وعى وثقافة بما يؤدى إلى نشأة أجيال قادرة على أن تقود مسيرة الإصلاح والتقدم من أجل مواكبة متغيرات العصر والصعود بتمكن على سلم التنمية بجميع جوانبها. ولما كانت الميزانية المخصصة للبحث العلمى فى مصر تكاد تكون شبه معدومة وهو الأمر الذى لا يسمح للكثير من ذوى المهارات والقدرات بمجرد التفكير فى خوض هذا المجال. فإن ذلك الأمر يعد واحدة من أخطر الآفات التى ألمت بالواقع المصرى وهو ما لا ينبغى السكوت عليه من أجل الوقوف على محاور الخلل ومواطن الخطأ بتداركها وتصحيحها، ثمة العديد من الأسئلة المنطقية الدالة على صدق ما نقول إذا ما بحثنا عن إجابة لتساؤلات هدفها البحث عن سبب وصول ميزانية البحث العلمى إلى حالة من شبه الانعدام فى مصر؟ ولماذا لا تشكل الأجواء المصرية مناخاً مهيأ يحتوى الخبرات والمعارف العالمية؟ بل والأهم لماذا يتركنا علماؤنا ويتجهون إلى الخارج لاكمال مسيرتهم العلمية؟ والحقيقة التى لا يستطيع أحد أن ينكرها أن الأوساط الغربية وبعض البلاد العربية تعطى للبحث العلمى واحتواء الخبرات والمهارات العلمية قدراً لا يستهان به من ميزانيتها فضلاً عن توافر الإمكانات اللازمة لذا نجدها ملاذا للعلماء حيث تهيئ لهم المناخ المناسب فتكون هى أول المستفيدين من جدوى بحوثهم وإبداعاتهم فى شتى المجالات. وعلى ذلك فإننى أناشد الحكومة المصرية بتخصيص ميزانية كافية للبحث العلمى وأيضاً شركات القطاع الخاص بأن تسهم بجزء من أرباحها للبحث والابتكار بما يكفل الحفاظ على علمائنا من خطر الاستقطاب الخارجى والاستفادة من خبراتهم وقدراتهم التى نحن فى أمس الحاجة إليها. كما أنادى أيضاً بفتح المجال أمام ذوى المواهب والقدرات والكفاءات العلمية من الشباب المصرى خاصة طلبة كليات العلوم ورعايتهم حتى نتيح لهم الفرصة ونكفل لهم ثقافة التكرار والتجريب ومحاربة الفشل والتحدى للوصول للهدف وذلك من أجل تنمية وإعداد كوادر علمية مؤهلة قد تصبح فى المستقبل فخراً لنا فكم من عالم لم ينل قدره فى مصر لكنه وجده فى الخارج، وكم من بحوث واكتشافات لم تجد عندنا للأسف سوى سلة المهملات لكنها حظيت بمكانتها الرفعية داخل المجتمع الدولى، وكم من أرفف مليئة بمثل هذه الأبحاث لا تجد عليها إلا التراب. فهل تستجيب لنا حكومتنا المصرية؟