تعلن اليوم جوائز مهرجان برلين ال62، أول مهرجانات العالم الكبرى كل سنة، وبه تبدأ جوائز سينما 2012 فى الوقت الذى تقترب فيه جوائز 2011 من نهايتها بإعلان جوائز الأوسكار الأسبوع المقبل «26 فبراير». الباحث عن «التحف» لا يجد فى رأيى سوى فيلمين فى المسابقة، وهما الإيطالى «قيصر يجب أن يموت» إخراج الأخوين تافيانى، والألمانى «ميتورا» إخراج اليونانى سبيروس ستاتوبوبولوس، ولكن بالطبع هناك العديد من الأفلام الجيدة، وبالطبع المستوى العام للأفلام داخل وخارج المسابقة يليق بمهرجان دولى كبير، وإن غلب «الكم» على «الكيف». حسب استفتاء النقاد ال7 الدوليين فى «سكرين إنترناشيونال» الفيلم الأول الألمانى «باربارا» إخراج كرستيان بيتزولد، والثانى «قيصر»، والثالث البرتغالى «محرم» إخراج ميجيل جوميز، والرابع السويسرى «أخت» إخراج أورسولا ميير، والخامس الفرنسى «العودة إلى المنزل» إخراج فردريك فيدو. أول فيلم عن ثورة اليمن مثل الهولندى يوريس إيفانز، والروسى رومان كارمن، وغيرهما من فنانى السينما التسجيلية الكبار، اعتبر البريطانى شون ماكليستر العالم كله مسرحاً لأفلامه، ولذلك لم تقتصر أفلامه التسجيلية السبعة منذ عام 1997 على تناول قضايا فى بلاده، وإنما امتدت اهتماماته إلى حرب العراق، فأخرج عام 2004 «تحرير بغداد»، وإلى اليابان فأخرج عام 2008 «اليابان: قصة حب وكراهية». وفى فيلمه الجديد «الثورى غير المرغوب» الذى عرض فى برنامج «بانوراما» يعود ماكليستر مرة ثانية إلى العالم العربى، ويقدم أول فيلم فى العالم عن الثورة فى اليمن، التى بدأت 31 يناير أثناء ثورة مصر، حيث ذهب إلى هناك فى مارس وصور الفيلم، كما يقول فى تعليقه على شريط الصوت، وقد ذهب بعد ذلك إلى سوريا، وربما يصبح فيلمه عن ثورتها أول فيلم فى العالم أيضاً. تم تصوير الفيلم «سراً»، بمعنى أنه حصل على تأشيرة دخول كسائح وليس كصحفى، وإن انكشف أمره بعد ذلك للسلطات، وهذه المعلومات من التعليق أيضاً، أى من داخل الفيلم، وأهمية هذا الفيلم ليست فقط فى أنه أول فيلم، والوحيد حتى الآن، عن ثورة الشعب اليمنى ضد نظام الديكتاتور على عبدالله صالح الذى استمر فى الحكم 33 عاماً، ولم يتفوق عليه فى ذلك سوى ديكتاتور ليبيا القذافى «42 عاماً فى الحكم»، وإنما لأنه عن ثورة أثناء صناعتها، ولم تنته مع نهاية الفيلم الذى تم فى شتاء 2011، ولا يريد الشعب اليمنى أن تكون النهاية بخروج الديكتاتور من الحكم فى 22 يناير 2012، وإنما أن تستمر الثورة حتى إسقاط النظام برمته. وعنوان الفيلم يدل على موضوعه وعلى الوعى العميق لصانعه، فالثورى فى اليمن غير مرغوب من قوى كبيرة فى المنطقة، وعلى رأسها السعودية والخليج، وما يرضى هذه القوى هو ما يرضى القوى الكبرى فى العالم حيث أكبر احتياطى للبترول على الأرض، فيما يطلق عليه «الشرق الأوسط». ومثل أغلب الأفلام التسجيلية الحديثة لم تعد الأفلام السياسية منها تسرد وتحلل الوقائع، وإنما تعبر عنها من خلال شخصيات تقوم ب«تمثيل» دورها أمام الكاميرا، ولكنها شخصيات حقيقية، بل مع وجود شخصية محورية كما فى الأفلام الروائية، والشخصية المحورية هنا الشاب اليمنى قيس «35 سنة» الذى يعمل فى الوكالة السياحية التى يملكها والده كمرشد سياحى، وهو يرافق المخرج طوال الفيلم، ويحميه عندما تكتشف السلطات أمره، ويصيران صديقين، ويشكو له قيس من خلافات مع زوجته. ويتميز الفيلم بالقوة الدرامية حيث يتحول موقف البطل من الانزعاج من الثورة إلى تأييدها والاشتراك فيها مع شقيقه عبدالرحمن، وكانت نقطة التحول «جمعة الكرامة» التى استشهد فيها 52 فرداً من المتظاهرين السلميين، وإلى جانب المشاهد التى صورها الفنان البريطانى لأحداث ثورة اليمن، هناك عدد من «الوثائق» التى استخدمها لاستكمال هذه الأحداث بحيث يصبح الفيلم وسيلة لتعريف من يريد أن يعرف حقيقة ما حدث ويحدث فى اليمن، ويعتمد أسلوب الإخراج على حركة الكاميرا السريعة والإيقاع اللاهب الذى يحقق متعة المشاهدة والمعرفة فى آن واحد، وينتهى بالمخرج يغنى النشيد الوطنى مع الثوار فى ميدان التغيير فى صنعاء، ومن أجل استمرار الثورة. أخبار و أصدقاء :- ■ صدرت ثلاث نشرات يومية أثناء المهرجان هى ملاحق لأكبر جريدتين لصناعة السينما فى أمريكا والعالم «فارايتى» و«هوليوود ريبوتر»، ولأكبر جريدة لصناعة السينما فى بريطانيا «سكرين إنترناشيونال»، وهو ما يعكس قوة سوق الفيلم الأوروبى هذا العام، لأن هذه النشرات تعتمد على الإعلانات عن الأفلام، وقد صدر من «هوليوود ريبوتر» 7 أعداد حتى يوم الأربعاء وتوقفت من الخميس، وصدر من كل من «فارايتى» و«سكرين إنترناشيونال» 8 أعداد حتى الخميس، وتوقفتا الجمعة. ■ فى العدد الأخير من «فارايتى» نشرت التغطية الوحيدة فى النشرات الثلاث لندوات محور «من وعن العالم العربى» عن الندوة التى اشتركت فيها من مصر هالة جلال ونورا يونس، ومن تونس نادية الغانى، ومن لبنان هانية مروة. ■ وفى العدد الأخير من «سكرين إنترناشيونال» نشر النقد الوحيد عن فيلم من أفلام المحور العربى، وهو الفرنسى التسجيلى الطويل «العذراء والأقباط وأنا» إخراج الفرنسى المصرى نامير عبدالمسيح الذى عرض فى «بانوراما» خارج المسابقة. وجاء النقد إيجابياً، قال الناقد «لى مارشال» فى مقاله «إن الفيلم يستخدم ألعاب ما بعد الحداثة لكى يمنحنا لمسات مؤثرة عن حياة وأحلام الفلاحين فى منطقة نائية فى مصر»، وأنه «جعل من صناعة الفيلم هى العمل ذاته» واهتم بأن يكون «ممتعاً بالنسبة إلى جمهور كبير». [email protected]