تصدر الفيلم الكويتى «وحش حولى» قوائم الأكثر مشاهدة على منصة «نتفليكس»، ليعيد تسليط الضوء على واحدة من أكثر الجرائم المروعة التى شهدتها الكويت عام 2008، إذ إن العمل مستوحى من أحداث حقيقية، ويأتى ضمن سلسلة الدراما الواقعية «وحوش» التى تتناول قصصًا مستلهمة من وقائع وملفات جنائية حقيقية هزت المجتمع الكويتى. قصة «وحش حولى» لم تُكتب فى الأصل كعمل سينمائى، إذ سبق أن عُرضت ضمن حلقة من مسلسل «وحوش» الذى قدّم فى كل حلقة جريمة حقيقية بأسلوب درامى مكثّف، وقد أثارت تلك الحلقة عند عرضها جدلًا واسعًا بسبب جرأتها فى الطرح وقربها الشديد من تفاصيل الواقع، مما دفع صناع العمل إلى تطويرها وتحويلها لاحقًا إلى فيلم مستقل بمعالجة درامية أوسع. تستند أحداث الفيلم الذى أخرجه المخرج المصرى محمد سلامة إلى واقعة حقيقية شهدتها منطقة حولى عام 2008، حيث اتُّهم رجل يُعرف إعلاميًا باسم «وحش حولى» باغتصاب 17 طفلًا، وكان الجانى يعمل مدرب كمال أجسام، ما صعّب على السلطات تحديد هويته فى البداية، قبل أن تكشف التحقيقات المتواصلة عن تفاصيل مهمة، من أبرزها وجود سن مكسورة ساعدت على ربط الشهادات وتحديد المشتبه به. ويقدّم الفيلم صورة درامية مكثّفة لرحلة التحقيق المعقدة، مسلطًا الضوء على الأساليب التى استخدمها المجرم لاستدراج الأطفال، وعلى التأثير النفسى والاجتماعى لتلك الجرائم على أسر الضحايا والمجتمع الكويتى بأسره، ويوازن العمل بين التشويق البوليسى والبعد الإنسانى، فى إطار من الدراما والإثارة المستوحاة من وقائع حقيقية. وأخرج الفيلم محمد سلامة، وشارك فى بطولته بشار الشطى ومحمد يوسف أوزو، حيث نال الشطى إشادات واسعة بفضل تجسيده المعقّد لشخصية الضابط الذى يسابق الزمن لإيقاف المجرم قبل أن يرتكب جريمة جديدة. وكذلك محمد يوسف أوزو الذى أدى دور «حجاج» ببراعة كبيرة، وحصد إشادات عديدة منذ بداية عرض الحلقة فى رمضان الماضى، بالإضافة إلى الإخراج المتقن الذى جمع بين الدراما الممتعة والواقعية القاسية. من جانبه علق المخرج محمد سلامة على تصدر الفيلم، كاشفًا عن تفاصيل العمل وكواليس تصويره، ومشيرًا إلى ارتباط الفيلم بسلسلة الدراما الواقعية «وحوش» التى عُرضت لأول مرة فى رمضان 2025، وقال «سلامة» إن السلسلة تضم 4 قصص مستوحاة من جرائم واقعية هزت المجتمع الكويتى فى فترات مختلفة، وهى: عرس النار، ووحش أم أمينة، ووحش البنوك، ووحش حولى. وأوضح أنه تولّى إخراج قصتى «عرس النار» و«وحش حولى»، بينما أخرج زميله سعيد الماروق قصتى «وحش أم أمينة ووحش البنوك»، وكان الماروق أيضًا المشرف العام على السلسلة (Showrunner) من تأليف الكاتب فيصل البلوشى. وأوضح «سلامة» أن أعماله ضمن السلسلة «عرس النار» و«وحش حولى» تستند إلى وقائع من أبشع الجرائم فى تاريخ الكويت، لكنه سعى من خلالها إلى استكشاف البعد النفسى للإنسان أكثر من التركيز على تفاصيل الجريمة نفسها. وقال: «كان سؤالى الدائم أثناء العمل: هل يمكن أن يتحوّل شخص عادى إلى وحش؟ أم أن الظلام موجود فى داخلنا جميعًا، ينتظر فقط من يوقظه؟». وتحدث «سلامة» عن كواليس «وحش حولى»، موضحًا أن بطله كان يعانى من تشوه نفسى عميق نتيجة طفولة قاسية، قادته إلى ارتكاب أفعال مأساوية، وأضاف: «ما شغلنى أيضًا هو الضابط الذى يقاتل فى صمت من أجل العدالة، ثم يعود إلى بيته فى نهاية اليوم بلا ضوضاء أو مجد، فقط بالواجب، تمامًا كأبطال الكوميكس الحقيقيين». وأكد أن العمل على الفيلم كان صعبًا ومؤلمًا، خاصة فى المشاهد التى تتعلق بالأطفال، مشيرًا إلى أن الفريق تعامل معها بحذر شديد لضمان بيئة آمنة نفسيًا، حيث أُقيمت جلسات تمهيدية لكل من شارك فى التصوير لتجنّب أى ضرر أو توتر نفسى. وأشاد المخرج بأداء الفنان محمد يوسف فى تجسيد شخصية حجاج، واصفًا إياه بأنه قدّم واحدًا من أعقد الأدوار فى السلسلة: «كان محمد يغوص فى أدق التفاصيل قبل كل لقطة، وأتذكر بعد مشهد حرق حجاج للصحف التى تحمل صورته، لقد أبدع فى لحظة ارتجال عبقرى جمعت بين الضحك الهستيرى والبكاء والخوف، وكانت من أقوى مشاهد الفيلم».