أثار مؤسس موسوعة «ويكيبيديا»، جيمي ويلز، جدلًا واسعًا داخل المجتمع التحريري للموسوعة بعد تعليقه على الصفحة المخصّصة ل«إبادة غزة»، التي جرى تجميدها مؤقتًا بسبب ما وصفته الإدارة ب«خلافات تحريرية حادة» بين المحررين المتطوعين. وقال «ويلز»، إن الصفحة «تتطلّب تصحيحًا فوريًا»، معتبرًا أنها "تعكس مشكلة أوسع تتعلق بحياد ويكيبيديا. وجاءت تصريحاته بعد أن قام أحد المحررين، في 28 أكتوبر الماضي، بتفعيل خاصية «الحماية» على الصفحة لمنع ما يُعرف داخل الموسوعة ب«حروب التحرير»، وهى صراعات بين المستخدمين حول الصياغات والمصادر. وبموجب هذا الإجراء، أصبحت الصفحة مغلقة أمام التعديل المفتوح، ولا يمكن لأي مستخدم عادي تحريرها، غير أن تصريحات ويلز، التي قال فيها إن النص الحالي «يؤكد باسم ويكيبيديا أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية رغم أن هذا الادعاء محل جدل»، أثارت موجة من الاعتراض بين المحررين الذين اعتبروا تدخله «تجاوزًا غير مقبول» في عمل المجتمع التطوعي. واقترح ويلز، تعديل مقدمة الصفحة لتشير إلى أن «عددًا من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والهيئات القانونية وصفت أو رفضت وصف أفعال إسرائيل في غزة بالإبادة الجماعية»، دون الإشارة إلى الاستنتاجات الصادرة عن تحقيقات الأممالمتحدة وجمعية دراسات الإبادة الجماعية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، التي خلصت إلى أن ما يجري في غزة يرقى إلى إبادة جماعية ممنهجة. وفي مقابلة مع شبكة «سي. إن. إن»، وصف ويلز المقالة بأنها «واحدة من أسوأ صفحات ويكيبيديا منذ وقت طويل»، ما دفع عددًا من المحررين إلى اتهامه ب«التحامل وسوء النية»، تجاه نقاشات مطوّلة أجراها المتطوعون لتثبيت المادة وفق المعايير التحريرية المعتمدة. وردّ ويلز بالقول إن مهمة المحررين «ليست الانحياز لأي طرف، بل التوثيق الدقيق والمحايد للنقاش الدائر حول الموضوع». من جانبها، أصدرت مؤسسة ويكيبيديا، بيانًا أكدت فيه أن جيمي ويلز لم يشارك في قرار تجميد الصفحة، خلافًا لما نشرته صحيفة نيويورك بوست، موضحة أن «الحماية المؤقتة إجراء يتخذه المتطوعون بهدف الحد من التخريب في القضايا المثيرة للجدل». ويأتي هذا الجدل في وقت تتعرض فيه «ويكيبيديا»، لضغوط متزايدة من جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل ومن بعض المشرّعين الأمريكيين الذين يتهمون الموسوعة ب«التحيّز ضد إسرائيل» و«نشر محتوى معادٍ للسامية». وكان السيناتور الأمريكي تيد كروز قد وجّه الشهر الماضي رسالة إلى مؤسسة ويكيبيديا، يشكك فيها في «تحيّزها الأيديولوجي»، في حين أعلن رجل الأعمال إيلون ماسك إطلاق موسوعة رقمية بديلة حملت اسم «غروكيبيديا»، (Grokipedia) في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لمنافسة «ويكيبيديا» سياسيًا وإعلاميًا.