خرج ملايين الأمريكيين من مختلف الأعمار، أمس السبت، في مظاهرات حاشدة تحت شعار «لا للملوك»، في أكثر من 2600 موقع بمختلف أنحاء الولاياتالمتحدة، احتجاجًا على ما وصفوه بتنامي النزعة الاستبدادية والفساد في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ورغم الأعداد الضخمة، التي قدّرها منظمو الاحتجاجات بالملايين، سادت أجواء سلمية واحتفالية أغلب المسيرات، حيث شارك الآباء بأطفالهم، والبعض اصطحب حيواناته الأليفة، في مسيرات ملونة طغى عليها الطابع الأمريكي التقليدي من أعلام وملابس حمراء وبيضاء وزرقاء. ووفقًا ل«رويترز» قال مسؤولون في شرطة نيويورك إن أكثر من 100 ألف شخص تظاهروا سلميًا في المدينة دون تسجيل أي حالات اعتقال، فيما شهدت مدن كبرى مثل بوسطن وشيكاغو وأتلانتا تظاهرات مماثلة. انتقادات لسياسات ترامب واتهامات ب«تقويض الديمقراطية» اتهم المحتجون ترامب بتعيين شخصيات غير مؤهلة لمناصب عليا لمجرد ولائها الشخصي له، وبممارسة ضغوط على وسائل الإعلام، والجامعات، وحتى مكاتب المحاماة. وقالت ليه جرينبرج، مؤسسة حركة «إنديفيزيبل» التي شاركت في تنظيم الفعاليات: «لا شيء أكثر وطنية من أن نقول: لا نريد ملوكًا، وأن نمارس حقنا في الاحتجاج السلمي». وشهدت بعض المسيرات مشاهد رمزية لرفض الاستبداد، مثل ارتداء بعض المحتجين زي تمثال الحرية، ورفع لافتات تحمل عبارات مثل «لا لحكام يشبهون الديكتاتوريين»، بينما عبّر عدد من قدامى المحاربين عن خيبة أملهم في سياسات ترامب، رغم انتمائهم التاريخي للحزب الجمهوري. وقال كيفن برايس (70 عامًا)، أحد المحاربين القدامى: «طوال خدمتي، كنت أعتقد أنني أدافع عن قيم، لكني الآن أشعر أن هذه القيم باتت مهددة، رغم أنني جمهوري طوال حياتي، لا يمكنني دعم الاتجاه الحالي للحزب». وفي موقف مماثل، قال ستيف كلوب (74 عامًا)، المتقاعد من قطاع النفط: «انتميت للحزب الجمهوري منذ زمن، لكن ترامب دفعني للابتعاد عنه، فكرة أن شخصًا واحدًا يمكنه أن يغير ولائي السياسي أمر غير معقول، لكنه حدث». ترامب يرد: «أنا لست ملكًا» ورغم تجاهله المباشر للاحتجاجات، قال ترامب في مقابلة مع قناة «فوكس بيزنس»: «البعض يصفني بالملك.. لكنني لست كذلك». وكانت هذه التظاهرات امتدادًا لحركة بدأت في يونيو الماضي، حيث نُظمت حينها أكثر من ألفي مسيرة بالتزامن مع عيد ميلاد ترامب، الذي شهد أيضًا عرضًا عسكريًا نادرًا في العاصمة واشنطن. وفي المقابل، هاجم رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، المظاهرات ووصفها بأنها «تعبير عن كراهية لأمريكا»، فيما اتهمت شخصيات بارزة في الحزب منظمي الاحتجاجات بالتحريض على العنف السياسي، خاصة في أعقاب مقتل الناشط اليميني ومؤيد ترامب البارز، تشارلي كيرك، الشهر الماضي. ومن جانبها، قالت الباحثة في شؤون الحركات الاجتماعية، دانا فيشر، إن المظاهرات ربما لا تنجح في تغيير سياسات الرئيس، لكنها قد تعطي دفعة للسياسيين المعارضين داخل المؤسسات، مضيفة أن أعداد المشاركين قد تتجاوز 3 ملايين شخص، مما قد يجعلها واحدة من أكبر الاحتجاجات في تاريخ الولاياتالمتحدة الحديث.