انتصار هارفارد!

أخيرًا، انتصرت جامعة هارفارد فى معركة قانونية شرسة ومهمة ضد البيت الأبيض، وحكمت المحكمة الفيدرالية باسترداد 2.6 مليار دولار كان البيت الأبيض قد استولى عليها. وقالت المحكمة بصراحة إن الإجراء كان انتقامياً، ولا يصح التعامل بهذه الطريقة مع الجامعة وطلابها، لأنهم يعبرون عن حريتهم وحقهم فى الرأى والتعبير. وضربت الجامعة مثالاً فى التعبير عن حقوقها فى الدفاع عن مواقفها المبدئية دفاعاً عن طلابها ومبادئها الأساسية! وكنت قد تابعت الأزمة من بدايتها وحزنت أن جامعة هارفارد بما لها من تاريخ عريق تُعامَل بهذه الطريقة فى أمريكا، واستنكرت أن يتعامل معها ترامب كأن إدارة الجامعة موظفون حكوميون، أو موظفون فى البيت الأبيض، وتركت الأمر حين لجأت الجامعة إلى القضاء، وكلى ثقة أنها ستنتصر لأن القضاء هناك لا يعرف ترامب، ولا ينشغل باسم الرئيس، وهذا هو شموخ القضاء!
وجامعة هارفارد هى جامعة أبحاث خاصة تقع فى مدينة كامبريدج فى ولاية ماساتشوستس فى الولايات المتحدة الأمريكية. تأسست فى عام 1636 باسم (كلية هارفارد) وسُميت على اسم المتبرع الأول لها وهو رجل الدين البروتستانتى جون هارفارد، وهى أقدم مؤسسة للتعليم العالى فى الولايات المتحدة ومن بين أكثر المؤسسات شهرة فى العالم! تمت الموافقة على إنشاء جامعة هارفارد من قبل محكمة ماساتشوستس العامة فى ولاية ماساتشوستس، وعللت ذلك قائلة: «مخافة أن يصبح خدام الكنائس أميين، عندما يصبح الخدام الحاليون تحت التراب»، أى خوفاً من ظهور رجال دين غير متعلمين فى الكنائس.
وعلى الرغم من عدم ربطها رسمياً بطائفة معينة، قدمت كلية هارفارد فى سنواتها الأولى التعليم لرجال الدين فى المقام الأول! طوال القرن الثامن عشر، تحول كل من مناهجها الدراسية وهيئة الطلاب تدريجياً نحو العلمنة. بحلول القرن التاسع عشر، برزت جامعة هارفارد باعتبارها المؤسسة الأكاديمية والثقافية الأبرز بين نخبة بوسطن. بعد الحرب الأهلية الأمريكية، توسعت الكلية بإنشاء العديد من المدارس المهنية التابعة لها، وتطورت إلى جامعة بحثية حديثة.
فى عام 1900، شاركت جامعة هارفارد فى تأسيس رابطة الجامعات الأمريكية، وخلال فترة الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية تولى جيمس كونانت رئاسة الجامعة وغير سياسات القبول الخاصة بالجامعة وجعلها أكثر انفتاحاً ومرونة! تُقدَّر قيمة المنح التى تقدمها جامعة هارفارد ب 41.9 مليار دولار مما يجعلها أكبر المنح المقدمة من مؤسسة أكاديمية. تساعد هذه المنح فى تمكين الكلية الجامعية من قبول الطلاب بغض النظر عن وضعهم المادى (القبول الأعمى) وتقديم مساعدة مالية سخية بدون قروض! تضم جامعة هارفارد أكبر عدد من الخريجين وأعضاء هيئة التدريس والباحثين الذين فازوا بجوائز نوبل (161 شخصاً) وميدالية فيلدز (18 شخصاً) أكثر من أى جامعة أخرى فى العالم، والعديد من خريجى الجامعة أصبحوا أعضاءً فى الكونجرس الأمريكى!.