فى مشهد درامى أعاد للأذهان حكايات البحر وأسراره الغامضة، فوجئ أهالى مدينة القصير ورواد أحد فنادقها السياحية صباح أمس بظهور جسم معدنى ضخم على الشاطئ. تبين لاحقًا أنه حطام سفينة البضائع «VSC Glory»، التى غرقت قبل نحو 10 أشهر فى مياه البحر الأحمر، لتعود إلى الظهور على سطح المياه بشكل غير متوقع بعد أن ظلت مستقرة فى الأعماق منذ غرقها. وتُعد السفينة «VSC Glory» مخصصة لنقل البضائع والمواد التموينية بين موانئ البحر الأحمر والموانئ اليمنية. ووفقًا لمصادر بحرية، فقد تعرضت لعطل مفاجئ أثناء رحلتها فى أواخر العام الماضى أدى إلى تسرب المياه داخلها، ما تسبب فى غرقها على بعد عدة أميال من الشعاب المرجانية أمام شواطئ القصير. ورغم محاولات الإنقاذ التى جرت وقتها، فإن السفينة استقرت فى قاع البحر دون أن تسفر الحادثة عن خسائر بشرية، لكنها ظلت بمثابة «شاهد صامت» فى الأعماق. وبعد عشرة أشهر كاملة، دفعت التيارات البحرية العاتية والرياح الموسمية السفينة الغارقة إلى الحركة من مكانها الأصلى، لترتفع تدريجيًا حتى ظهرت أجزاء منها على سطح المياه ثم اندفعت إلى الشاطئ الرملى المجاور لأحد الفنادق السياحية جنوب القصير. المشهد أثار دهشة الأهالى والسائحين الذين سارعوا لتوثيقه بالصور، وتم إبلاغ الجهات المختصة لمعاينة الوضع وإجراء أعمال الفحص للتأكد من عدم وجود أى تسريبات من خزانات السفينة قد تؤثر على البيئة البحرية أو تضر بالشعاب المرجانية المنتشرة فى المنطقة. وأكد الخبير البيئى أيمن طاهر أن الواقعة تذكرنا دائمًا بأن البحر دائمًا مليء بالمفاجآت، وأن المسؤولية المشتركة تفرض على مصر التحرك السريع لحماية البحر، سواء من مخاطر التلوث النفطى أو من الحطام المعدنى الذى قد يبقى لعقود طويلة فى البيئة البحرية. وكانت «المصرى اليوم» قد نشرت تقريرًا الشهر الماضى أشار إلى أن السفينة الغارقة جذبت اهتمام السائحين من هواة الغوص الذين رأوا فيها مشهدًا فريدًا ومادة للتصوير والتوثيق، وتحولها إلى مكان لاحتضان الكائنات البحرية وموقع غوص جديد يثير حماسة المغامرين من محترفى الغوص، خاصة المهتمين باستكشاف الحطام الغارق فى الأعماق. وحسب بيانات السفينة، فإن طولها يبلغ نحو 100 متر، وكانت فى طريقها من اليمن إلى أحد الموانئ المصرية فى نوفمبر 2024، لكنها واجهت مشاكل فنية مفاجئة تزامنت مع رياح شديدة، ما أدى إلى انحراف مسارها واصطدامها بالشعاب المرجانية القريبة من شواطئ القصير. وعلى مدار أيام تالية، بُذلت محاولات مكثفة لإنقاذها، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وفى الثانى من ديسمبر 2024، غرقت السفينة بالكامل واستقرت فى قاع البحر الأحمر، لتبدأ قصة جديدة تحت الماء. وكانت محكمة جنح القصير قد قررت حبس مالك وربان سفينة بضائع غرقت فى الشعاب المرجانية بمنطقة القصير بالبحر الأحمر، وذلك لمدة سنة مع الشغل وكفالة 500 جنيه وغرامة لكل منهما 500 ألف جنيه، وألزمتهما بسداد نفقات إزالة آثار التلوث البترولى طبقًا لما تحدده الجهات البيئية المكلفة بالإزالة، وألزمتهما بأن يؤديا إلى المدعى بالحق المدنى وزارة البيئة مبلغ 24 مليونًا و654 ألف دولار أو ما يعادله بالجنيه المصرى ومبلغ 633 ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار البيئية، حيث قدرت لجنة التعويضات بوزارة البيئة قيمة التعويضات من الأضرار البيئية والشاطئية والشعاب المرجانية ب24 مليون دولار.