أسرارك في خطر.. كيف تحمي خصوصية محادثاتك مع الذكاء الاصطناعي؟

تفتح شاشة هاتفك، تكتب ما يدور في بالك، تفضفض وكأنك تحكي لأقرب الناس إليك… عن همومك، أسرارك، وحتى مخاوفك. ملايين حول العالم أصبحوا يلجأون إلى روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي ك«رفيق افتراضي»، وبعضهم تعامل معها كأنها طبيب نفسي مجاني متاح 24 ساعة.
لكن وسط هذا الانفتاح، يبرز سؤال شديد الأهمية، هل هذه المحادثات الخاصة خاصة فعلًا؟ أم أن هناك عيونًا أخرى تراقب من خلف الشاشة، تخزن وتفهرس وتستطيع في لحظة أن تحوّل البوح إلى دليل قانوني أو مادة تحليلية؟
تأمين محادثات الذكاء الاصطناعي
خبراء الأمن السيبراني مثل إيفا جالبرين مديرة الأمن السيبراني بمؤسسة إلكترونيك فرانتييرحذروا في تقرير ل «bbc»، من هذه الشركات قد تُجري عمليات «تنقيب في البيانات»، أو تبيع محتوى المحادثات لمؤسسات أخرى. أما مايكل فيل، أستاذ القواعد الرقمية في لندن، فيؤكد أن حتى عندما تعطل خاصية استخدام محادثاتك في «التدريب المستقبلي»، تظل الشركات تحتفظ بالبيانات لأغراض «المراقبة».
بعض المستخدمين لا يعرفون أصلًا أنهم جعلوا محادثاتهم متاحة للآخرين. في تطبيقات مثل روبوت «ميتا»، مجرد الضغط على زر «مشاركة» قد يحوّل كلامك الخاص إلى محتوى علني يظهر في قائمة «Discover»، وربما على محرك بحث جوجل.
يقول خبير الذكاء الاصطناعي خالد جمالي الدين، ل «المصري اليوم»، الحقيقة أن روبوتات الدردشة مثل «تشات جي بي تي»، «كوبايلوت»، و«جيميناي»، لا توفر خاصية التشفير من طرف إلى طرف كما في واتساب أو سيجنال. ما يعني أن شركات الذكاء الاصطناعي قادرة، نظريًا وعمليًا، على الاطلاع على تلك المحادثات، أو حتى مشاركتها مع جهات إنفاذ القانون.
ويضيف أن غالبًا ما تقوم منصات الذكاء الاصطناعي بتجميع وتخزين محادثات المستخدمين لاستخدامها في تدريب نماذجها وتطوير أدائها. هذه البيانات لا تُستغل فقط لتحسين دقة الإجابات، بل قد تُحلَّل أيضًا لرصد أنماط السلوك وتحديد الاتجاهات الرائجة أو ما يُعرف ب«التريندات».
وكذلك يشير الدكتور مايكل فيل، أستاذ القانون الرقمي بجامعة لندن، إلى أن بعض روبوتات الدردشة تتيح إعدادات تقلل من استخدام المحادثات في التدريب، لكنها رغم ذلك تحتفظ بالبيانات لأغراض المراقبة. ويضيف أن كثيرين لا يدركون أنهم بمجرّد الضغط على زر «مشاركة» في تطبيقات مثل روبوت «ميتا»، قد يجعلون محادثاتهم متاحة علنًا ضمن محتوى «Discover».
هل يمكن اختراق الروبوتات؟
الإجابة: نعم. هجمات مثل (Prompt Injection) يمكنها خداع الروبوت واستخراج بيانات حساسة. والأسوأ أن دمج هذه الروبوتات في أنظمة تشغيل مثل أندرويد أو iOS يجعلها قريبة جدًا من ملفاتك ورسائلك الخاصة، وفقًا ل بي بي سي.
هل تستخدم ضدك؟
سام ألتمان نفسه اعترف سابقًا بأنك إذا تحدّثت مع الروبوت عن أسرارك، ثم رُفعت ضدك قضية، قد تُسلَّم تلك المحادثات للمحكمة. أي أنك لا تملك نفس الحماية القانونية التي يضمنها لك الحديث مع طبيب أو محام.
كيف تحمي خصوصية محادثاتك مع روبوتات الذكاء الاصطناعي؟
يقدم «جمال الدين»، مجموعة نصائح لحماية خصوصية مستخدمي الذكاء الاصطناعي أثناء التعامل مع هذه الأدوات، وهذه أهم النصائح التي قدمها:
1. تجنب مشاركة البيانات الحساسة مثل الأرقام القومية، كلمات المرور، الحسابات البنكية أو التفاصيل الطبية الدقيقة.
2. استخدام بريد إلكتروني منفصل للتعامل مع منصات الذكاء الاصطناعي، بعيدًا عن البريد الأساسي المرتبط بالعمل أو الحسابات الشخصية.
3. مراجعة سياسات الخصوصية لكل منصة، وتفعيل خيار «عدم استخدام المحادثات في التدريب» إذا كان متاحًا.
4. الاعتماد على النسخ المحلية (Self-Hosted) من نماذج مفتوحة المصدر، عند الرغبة في ضمان بقاء البيانات داخل الأجهزة الشخصية.
5. تأمين الجهاز المستخدم عبر برامج الحماية وتشفير الاتصال باستخدام VPN.
6. فصل الهوية عن المحادثة عبر صياغة الأسئلة بصفة عامة دون الكشف عن تفاصيل شخصية مباشرة.
7. متابعة التطورات القانونية في مجال حماية البيانات لمعرفة الحقوق والواجبات.