أرست المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر، مبدأ قضائيًا جديدًا بشأن الاختصاص النوعي في منازعات تسجيل العلامات التجارية، مؤكدة أن الفصل في النزاعات القائمة بين أشخاص القانون الخاص حول تسجيل العلامة التجارية أو استحقاق الحماية المقررة لها، يندرج ضمن اختصاص جهة القضاء العادي، دون غيره. حكم المحكمة الدستورية بشأن تسجيل العلامة التجارية وجاء في حكم المحكمة، الصادر اليوم السبت، الاعتداد بحكم محكمة القاهرة الاقتصادية في هذا الشأن، دون الحكم المقابل الصادر عن محكمة القضاء الإداري والمؤيد لاحقًا بحكم المحكمة الإدارية العليا، والمتعلق بالنزاع الدائر بين شركتين من أشخاص القانون الخاص حول أحقية تسجيل إحدى العلامات التجارية. وشددت المحكمة، في أسباب حكمها، على أن المشرع أناط بالجهة الإدارية مسؤولية مباشرة إجراءات تسجيل العلامات التجارية ونشرها، كما نظم قانون حماية حقوق الملكية الفكرية سُبل الطعن على تلك القرارات أمام محاكم القضاء الإداري، بوصفها قرارات إدارية تصدر عن جهة الإدارة. غير أن المحكمة أوضحت أن هذا التنظيم لا يمتد إلى المنازعات التي تنشأ بين جهات خاصة بشأن أحقية التسجيل، أو الانتفاع بالحماية القانونية، أو طلب التعويض عن التعدي وسوء الاستعمال، إذ إن هذه المنازعات تندرج في أصلها ضمن مسائل القانون الخاص، ولا تتعلق بقرارات إدارية، بل تتصل بحقوق ومراكز قانونية متنازع عليها بين أطراف غير إدارية. واستندت المحكمة إلى ما تقضي به المادة (188) من الدستور، والتي تقرر الولاية العامة لمحاكم جهة القضاء العادي في نظر جميع المنازعات والجرائم، باستثناء ما يختص به القضاء الإداري أو أية جهة قضائية أخرى بنص صريح. ويعد هذا الحكم تأكيدًا لمبدأ التمايز بين الطعن على قرارات إدارية خالصة وبين المنازعات المدنية التي تنشأ بين أشخاص القانون الخاص، حيث رأت المحكمة الدستورية أن الثانية لا يجوز أن تؤول إلى محاكم مجلس الدولة، بل تظل من اختصاص المحاكم المدنية والاقتصادية، بحسب طبيعة النزاع. ويمثل الحكم توجيهًا قضائيًا مهمًا يسهم في حسم التداخل القضائي الذي قد يطرأ عند تعارض أحكام صادرة من جهتين قضائيتين مختلفتين بشأن منازعات تتعلق بالملكية الفكرية، خصوصًا العلامات التجارية، ويؤكد على ضرورة الرجوع إلى طبيعة أطراف النزاع وموضوعه لتحديد الاختصاص القضائي السليم.