وقع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) اتفاقية تعاون ورعاية تمتد لثلاث سنوات، تهدف إلى دعم برامج الشباب التي يشرف عليها الكاف، وتعزيز حضور الاتحاد الأوروبي واستثماراته ضمن مبادرة «البوابة العالمية» في مختلف أنحاء القارة الإفريقية. وقع الاتفاق كل من جوزيف سيكيلا، مفوض الشراكات الدولية بالاتحاد الأوروبي، وباتريس موتسيبي، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وذلك على هامش حضورهما نهائي كأس الأمم الإفريقية للشباب تحت 20 عاما. ويأتي هذا التعاون في وقت يكثف فيه الاتحاد الأوروبي دعمه لمشروعات رياضية في إفريقيا، تتنوع بين أكاديميات تدريب كرة القدم الشاملة وبرامج تمكين الشباب، التي تدمج بين تطوير المهارات الرياضية والدعم التعليمي. وتهدف هذه المشروعات إلى إبقاء الشباب في المدارس، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتأهيلهم بالمهارات اللازمة لمستقبل أكثر استدامة. ويسعى الطرفان من خلال هذه الشراكة إلى موائمة برامج كل منهما واستثماراتهما، خاصة أن الجانبين يتقاسمان قيمًا مشتركة تتمثل في الاندماج، اللعب النظيف، وتكافؤ الفرص. وستسهم الاتفاقية الجديدة في مضاعفة تأثير هذه القيم عبر ربطها ببطولات كرة القدم ذات الانتشار الواسع والتفاعل الشعبي الكبير، مثل بطولتي كأس الأمم الإفريقية للرجال والنساء (AFCON) المقررتين في عامي 2025 و2027. وتعد بطولة المدارس الإفريقية التي ينظمها الكاف أحد الركائز الأساسية لهذه الشراكة، حيث تستهدف التأثير الإيجابي المباشر على الشباب داخل المدارس. وتدعم مساهمة الاتحاد الأوروبي توسيع نطاق هذه البطولة لتشمل ما يصل إلى 33،000 مدرسة في أنحاء القارة، مع التركيز على الدمج بين كرة القدم والتعليم، وتنمية المهارات القيادية، والمشاركة المجتمعية. وقد شارك في نسخة 2023-2024 أكثر من 880 ألف طالب وطالبة في البطولة. كما تشمل الاتفاقية دعم برنامج الحماية الخاص بالكاف، والذي يهدف إلى توفير بيئة آمنة لتطوير كرة القدم في إفريقيا، مع التركيز على حماية اللاعبين من استغلال وكلاء مزيفين خلال مراحل انتقالهم إلى الاحتراف. بالإضافة إلى ذلك، ستتعاون المفوضية الأوروبية مع الكاف في الترويج لبطولة كأس الأمم الإفريقية بين أبناء الجاليات الإفريقية المقيمة في أوروبا. يُذكر أن استراتيجية "البوابة العالمية" التي أطلقها الاتحاد الأوروبي تهدف إلى تعبئة 150 مليار يورو من الاستثمارات العامة والخاصة في إفريقيا بحلول عام 2027، لدعم النمو المستدام، وتعزيز البنية التحتية الرقمية والطاقة والنقل، إلى جانب تطوير قطاعات التعليم والبحث العلمي في القارة الأفريقية أكدت أنجلينا إيخهورست، رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر، أن توقيع اتفاقية التعاون بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) يمثل لحظة تاريخية، موضحة أن هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي يتعاون فيها الكاف مع منظمة دولية بهذا المستوى. وقالت إيخهورست، إن هذه الشراكة ترسل رسالة قوية عن العلاقة المتينة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، وحرص الطرفان على بناء روابط حقيقية تهدف إلى تمكين الشباب والمجتمعات المحلية، والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للشباب في القارة. وأضافت أن الرياضة، وخاصة كرة القدم، تمثل أحد أوجه هذا التعاون، لكنها ليست وحدها، مؤكدة أن العلاقة تتجاوز البعد الرياضي لتشمل التنمية، التعليم، والتأهيل المجتمعي، وهو ما يعكس رؤية الاتحاد الأوروبي لاعتبار الرياضة أداة للتغيير الاجتماعي الإيجابي. وتأتي هذه التصريحات في إطار توقيع اتفاقية رعاية وتعاون بين الاتحاد الأوروبي والكاف، على هامش نهائي كأس الأمم الإفريقية للشباب تحت 20 عامًا، والمقام في القاهرة. قال باتريس موتسيبي، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، إن توقيع اتفاق الشراكة مع الانحاد الأوروبي يعد حدثًا تاريخيًا، ليس فقط في المجال الرياضي، بل كخطوة رمزية تحمل في طياتها رسالة قوية عن الطاقة الهائلة والإمكانات العظيمة التي تملكها إفريقيا، مؤكدًا أن كرة القدم ليست مجرد رياضة، بل قوة توحيدية قادرة على بناء المستقبل. وتابع رئيس الكاف حديثه مؤكدًا: نحن في الكاف لا ندعم كرة القدم فقط من أجل الرياضة، بل من أجل التعليم والتنمية والمسؤولية الاجتماعية. لقد تبرعنا من خلال مؤسسة موتسيبي ب10 ملايين دولار لدعم المدارس، لأن واجبنا أن نرد الجميل للقارة، ونعيد الأمل إلى ملايين الأطفال." وأشار موتسيبي إلى أن نحو 400 إلى 500 مليون شاب إفريقي تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا، ما يشكل ما يُعرف ب"العائد الديمغرافي"، أي فرصة فريدة إذا ما تم استثمارها بشكل سليم. وأضاف: إن لم نوفر لهؤلاء الشباب فرصًا حقيقية، سنواجه اضطرابات اجتماعية واقتصادية، ولذلك فإن الاستثمار في التعليم والشباب والرياضة ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو مصلحة حيوية للقارة بأسرها. وكشف أن بطولة كأس الأمم الإفريقية الأخيرة جذبت 2.4 مليار مشاهد حول العالم، من 180 دولة، ما يؤكد أن كرة القدم الإفريقية تحظى بجاذبية عالمية فريدة، وأن لدى القارة القدرة على أن تنافس وتفوز بكأس العالم يومًا ما. وأضاف ممازحًا:قد نواجه فريقًا أوروبيًا في النهائي – لكننا جميعًا عائلة واحدة، والفوز سيكون فوزًا مشتركًا. واختتم رئيس الكاف كلمته بتوجيه الشكر للاتحاد الأوروبي على هذه الشراكة التاريخية، وقال: نيابةً عن 54 دولة إفريقية وقياداتها الكروية، أتقدم بخالص الشكر للمفوضية الأوروبية، هذه الشراكة ترسخ التزامًا طويل الأمد وتبشر بمستقبل مشرق لشبابنا، وأؤمن بأننا معًا سنصنع الفارق. قال جوزيف سيكيلا، مفوص الاتحاد الأوروبي للشىاكات الدولية :«إن أفريقيا تعد القارة الأصغر سنًا في العالم، حيث يقل متوسط عمر السكان عن 20 عامًا، مقارنةً بأوروبا التي يتجاوز فيها 40 عامًا. وأضاف: «ببساطة، إفريقيا هي القارة الأكثر شبابًا، هناك الكثير من الطاقة والطموح والأحلام، ومن واجبنا – كأفارقة وأوروبيين – أن نحول هذا الإمكان الهائل إلى فرص حقيقية، لأننا نؤمن بإمكانات هذه القارة». وأوضح سيكيلا، في كلمته على هامش توقيع، أن هذا هو جوهر استراتيجية "البوابة العالمية" الأوروبية، والتي تهدف إلى الاستثمار في الإنسان، وتعزيز الروابط المتبادلة، وتحقيق التنمية المستدامة والشاملة، مشيرًا إلى أن هذه الرؤية هي التي دفعت المفوضية الأوروبية إلى أن تصبح شريكًا رسميًا للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) لمدة ثلاث سنوات. وأضاف المفوض الأوروبي: أوروبا بالفعل هي الشريك الأول لإفريقيا، معًا، نخلق فرصًا جديدة، ربما مئات الآلاف من فرص العمل عالية الجودة، والشراكة مع الكاف، التي نحتفل بها اليوم، تبرز عمق التعاون بيننا، وتدعم جهود الكاف في تحويل مواهب الشباب الإفريقي وتصميمهم إلى مستقبل أفضل. وأشار سيكيلا إلى أن لكرة القدم قوة توحيدية لا مثيل لها في كل من أوروبا وإفريقيا، حيث تصل بطولات مثل كأس الأمم الإفريقية إلى جمهور يقدر بنحو ملياري مشاهد حول العالم، موضحًا أن دمج هذه القوة الجماهيرية مع استثمارات استراتيجية من خلال "البوابة العالمية" سينتج فوائد ملموسة وفرصًا حقيقية تعزز الروابط بين القارتين. وشدد على أهمية بطولة المدارس الإفريقية التي ينظمها الكاف، وقال: لقد شارك أكثر من مليون طالب وطالبة بالفعل في هذه المبادرة الملهمة التي أطلقها رئيس الكاف باتريس موتسيبي، ومن خلال شراكتنا، نهدف إلى توسيع هذه البطولة لتشمل 33،000 مدرسة في مختلف أنحاء إفريقيا، لربط كرة القدم بالتعليم، وتنمية المهارات الشخصية والقيادية." كما تطرق إلى دعم الاتحاد الأوروبي لبرنامج "حماية اللاعبين" الذي يشرف عليه الكاف، والذي يهدف إلى ضمان انتقال آمن واحترافي للاعبين الشباب من الهواة إلى عالم الاحتراف. وختم سيكيلا كلمته بالقول: «أوروبا هي الشريك الأول لأفريقيا لتحويل الإمكانيات إلى فرص، والطاقة إلى وظائف، والطموح إلى شهادات جامعية، والمهارات إلى خدمات عامة ورعاية صحية أفضل، وأؤمن أن هذه الشراكة، التي تركز بقوة على الجيل الشاب في إفريقيا، ستساعدنا في تحقيق هذه الرؤية: مستقبل تتاح فيه الفرص بالتساوي لكل فتاة وفتى، ومعهم للقارة بأكملها».