منذ أيام قليلة تمكن نادى مسار من تحقيق إنجاز تاريخى، بحصوله على بطولة الدورى للمرة الثانية على التوالى، المبُهر لم يُكمن فى حصول مسار على البطولة رغم الخروج دون خسارة أى مباراة خلال الموسم كاملا، بل فى الاستمرارية، والهدوء، والعمل الجاد، والنساء الطامحات القادمات من الأقاليم بالشغف والأمل والأحلام، بالإضافة للإدارة التى تعرف ماذا تريد جيدًا وتعرف واجبتها تجاه لاعبات مغتربات، أغلبهن من محافظات تبعد عن القاهرة بعشرات الكيلومترات. تقول ياسمين عبدالعزيز، لاعبة مسار، فى أول حوار خاص بعد التتويج بالبطولة، ل «المصرى اليوم» إن ما يدفعنا للأمام أكثر، ولاستمرار الطموح والعمل بشغف، أن أغلبنا مغتربات ومن محافظات مختلفة بعيدة عن القاهرة، نمارس المران فى ملعب النادى الذى يطل شباك غُرفنا فى الفندق عليه، نأكل فى نفس المكان، نشرب أيضًا فى نفس المكان، وننام أيضا، تركنا منازلنا وعائلتنا من أجل ذلك، إذا لا يوجد لدينا طريق آخر غير النجاح والعمل بضمير وجهد. ورغم حرص الأهلى على دفع الملايين لبناء فريق جديد، ورغم اسم النادى الكبير، لكنه لم يستطع الصمود أمام فتيات مسار، اللاتى تحدين كل الصعاب، والظروف، ولمعن وكتبن أسمائهن بحروف من ذهب تليق بمسيرتهن، وطموحهن، ليتغلبن ويهزمن الأهلى والزمالك ودجلة وكبار الدورى جميعًا. بعد التتويج بالبطولة للمرة الثانية، وقبل انتهاء الدورى بشكل رسمى، ووسط استعدادات الفريق لنهائى كأس مصر يتحدث أبطال الإنجاز. بداية من المدير الفنى عبدالرحمن عايد والمدير الرياضى للفرقة مريم هشام، واللاعبتان ياسمين عبدالعزيز وميرفت إبراهيم يفتحون قلوبهم فى حوارهم مع «المصرى اليوم»، عن الموسم وما حدث فيه، أبرز المعوقات وأهم التحديات، شعور الفوز بالبطولة للمرة الثانية، الاستعدادات لنهائى الكأس، وطبيعة المرحلة القادمة. تبدأ ياسمين الحديث قائلة: ربنا أكرمنا الموسم الجارى، وحققنا بطولة الدورى، رغم أنه مازال تتبقى مباراة أخيرة، لكن نسعى لحصد الثلاث نقاط فيها، خاصة أنها مباراة أمام النادى الأهلى، والأهلى ناد كبير والفوز عليه انتصار كبير. وتوضح ياسمين: بالتأكيد الموسم كان صعبا وشاقا، لكن استطعنا الاستمرار، لدينا شغف وطموح كبير، والجميع لديه هدف واحد، وهو تحقيق الفوز وحصد البطولات، أغلبنا من محافظات بعيدة عن القاهرة، على سبيل المثال أنا من الشرقية، تحديدًا الزقازيق، وأصدقاء آخرون من المنيا، وبنى سويف، وبورسعيد وغيرها من المحافظات، نرى أهالينا مرة واحدة أسبوعيًا، نمارس التمرين أحيانًا فى النهار، وأحيانًا بالليل، ونواجه صعوبة كبيرة فى ممارسة بعض الأشياء، لذلك لا مجال لدينا سوى للنجاح. الإدارة توفر لنا كل ما نحتاج إليه من مأكل وملبس ومشرب، ولا أحد يطلب منا شيئا إلا ويجده أمامه، الغرف الخاصة بنا تطل على الملعب، والجميع بداخل الملعب يقدم كل ما لديه، ليرد جزءا من دين الإدارة وما تفعله معنا، مرتباتنا ثابتة، بل أحيانًا تصل فى مواعيد مبكرة فى أوقات المناسبات والأعياد وغيرها. وتضيف ياسمين: التحديات الحقيقية، خلال الموسم الحالى، بدأت مع قدوم مدير فنى جديد، مما تطلب من اللاعبات مجهودًا إضافيًا للتأقلم مع أسلوب العمل الجديد، بالتأكيد كان الوقت صعبا وفى وسط الموسم، لكن الفريق تمكن من تجاوز تلك المرحلة الصعبة بفضل جهود كابتن الفريق «أميرة»، الداعم الكبير لنا، والتى لعبت دورًا كبيرًا فى توحيد الصفوف وتعزيز الروح الجماعية بين اللاعبات، وهو ما انعكس إيجابيًا على الأداء داخل الملعب، وساعد الفريق على استعادة توازنه. وأشارت ياسمين إلى أن الفريق واجه عددًا من العقبات خلال مشواره، أبرزها تلك التى سبقت وتلت مباراتى الفريق أمام نادى دجلة والنادى الأهلى، والتى اعتبرتهما من أقوى المواجهات التى خاضها الفريق هذا الموسم، وأكدت أن تحقيق الفوز فى هاتين المباراتين كان بمثابة مؤشر قوى على قدرة الفريق على المنافسة على لقب الدورى، خاصة فى ظل التغيرات الفنية التى طرأت فى تلك الفترة. وتتابع ياسمين: الجهاز الفنى السابق بذل جهدًا كبيرًا مع الفريق ونجح فى قيادته إلى صدارة جدول الترتيب قبل مغادرته، إلا أن الحفاظ على هذا المستوى كان تحديًا كبيرًا بعد رحيله، وتولى عبدالرحمن عايد المسؤولية جاء فى وقت صعب على الفريق، سواء من الناحية الفنية أو النفسية، إلا أن الجميع تكاتف من أجل تجاوز الأزمة وتحقيق الأهداف المرجوة. وتستكمل ميرفت إبراهيم، لاعبة الفريق، حديث زميلتها قائلة: فخورة بحصد البطولة مع الفريق للمرة الثانية على التوالى، رغم الإصابات المؤثرة فى الفرقة خلال الموسم، منها 2 صليبى، لكن اجتهدنا وكنا الأحق بحصد البطولة. وتتابع ميرفت: أغلقنا صفحة الدورى نهائيا، وبدأنا التركيز فى الكأس ونتمنى حصد البطولة أيضًا لضمان تحقيق إنجاز آخر، والاهتمام الجماهيرى والإعلامى بالدورى النسائى بالتأكيد قليل جدًا، لكن نتمنى زيادته فى الموسم المقبل، ونتطلع أيضًا لحصد البطولة. وتختتم: كانت هناك مباريات صعبة على مدار الموسم الحالى، منها مواجهة الأهلى والزمالك، لكن حققنا المطلوب منا، وإدارة النادى توفر لنا كل الاحتياجات، ونتمنى الأفضل فى القادم. فيما أعربت مريم هشام، المدير الرياضى للنادى، عن سعادتها الكبيرة وفخرها بتحقيق لقب الدورى للمرة الثانية على التوالى، مؤكدة أن هذا الإنجاز جاء نتيجة مجهود استمر لسنوات، وليس فقط خلال الموسم الحالى. وتعلق مريم هشام ل«المصرى اليوم» عن التتويج قائلة: «إحساس الفوز بالبطولة للمرة الثانية على التوالى إحساس بالفخر والانتصار والفرحة الكبيرة، الشغل اللى إتعمل مكنش بس فى السنة دى، لكنه بدأ من 3 سنين فاتت». وتضيف كابتن مريم قائلة: «التتويج ببطولة بحجم الدورى يتطلب عملاً طويل الأمد وجهدًا مستمرًا من كل أفراد النادى»، مشيرة إلى أن الفوز هذا الموسم يُعد تتويجًا لهذا العمل الجماعى المتكامل وتؤكد أن «إحنا ماشيين صح». وعن الاستعدادات لنهائى الكأس، تقول المدير الرياضى إن التحضيرات بدأت فور انتهاء مباراة حسم الدورى، قائلة: «بدأنا الاستعداد من تانى يوم مباشرة، وقلنا للاعيبة إن صفحة الدورى اتقفلت، وفتحنا صفحة جديدة فيها تركيز أعلى، استعدادًا لمباراة الأهلى ونصف نهائى ونهائى الكأس». وأشارت إلى أن دوافع اللاعبات ما زالت قوية رغم تحقيق البطولات، مضيفة: «اللاعبات مش بتشبع من البطولات، كل ما ياخدوا بطولة بيبقوا عايزين اللى بعدها، وفى التمارين بعد ماتش الزمالك كان واضح إن الفرقة جعانة بطولات وبتشتغل بقوة عشان تحقق أكتر». وبخصوص خطة التدعيمات الصيفية، أكدت مريم هشام أن النادى يعمل حاليًا على تعزيز صفوفه بأفضل العناصر، قائلة: «هنعمل تدعيمات قوية، لأن هدفنا مش بس نشارك فى إفريقيا، لكن نكسب البطولة ونمثل مصر وإفريقيا فى كأس العالم للأندية 2026، وده يتطلب شغل كبير وتدعيمات على أعلى مستوى محليًا، وكمان مع لاعبات محترفات». وعن أبرز التحديات التى واجهها الفريق خلال الموسم، قالت المدير الرياضى: «معندناش عقبات بالمعنى التقليدى، لأن فى سيستم وخطوات ثابتة بنمشى عليها من خلال الإدارة والمُلّاك، وده بيقلل كتير من فرص ظهور العقبات، لكن واجهتنا بعض المتغيرات». وتابعت موضحة: من ضمن التحديات كان تغيير الجهاز الفنى فى منتصف الموسم، وده أخد شوية وقت عشان الفريق يتأقلم، لكن حصل التأقلم بسرعة، كمان خسرنا لاعبتين مهمتين، هما شادية وساندرين، بعد انتقالهما للاحتراف، وهذا كان قبل الدور النهائى، واحتجنا إلى وقت لتعويض غيابهما، لكن الفريق تعامل مع الوضع بشكل مثالى. ويضيف عبدالرحمن عايد، المدير الفنى للفريق: الموسم كان صعبًا، حيث شهد تطبيق نظام جديد يقضى بتأهل أول عشر فرق فى المجموعة لتحديد بطل الدورى، والفترة الماضية شهدت بعض التغييرات فى إدارة النادى والجهاز الفنى، حيث توليت أنا مهمة الفريق فى 19 يناير، بينما كانت تتبقى ثلاث مباريات فقط قبل مرحلة الفصل للدورى الجديد. ويتابع: الفترة الزمنية كانت ضيقة جدًا لدراسة الفريق والفرق الأخرى، مما أثر على الانطلاقة، حيث بدأت المسيرة بالتعادل مع فريق دجلة، مما قلّص الفارق بين الأهلى وفريق مسار إلى نقطة واحدة، ومع ذلك، تمكن الجهاز الفنى من إعادة ترتيب الصفوف، واستعادة تماسك الفريق، ما أسفر عن تحقيق الفوز فى ثمانى مباريات متتالية، ليتمكن الفريق من توسيع الفارق إلى خمس نقاط عن أقرب المنافسين، مما حسم اللقب لصالحهم. ويوضح عبدالرحمن عايد أن الاستعدادات لخوض منافسات الكأس بدأت مبكرًا، حيث حرص الفريق على التجهيز لكامل الموسم بشكل شامل، وعقب الفوز بالدورى، يوم الأحد الماضى، تم غلق صفحة الاحتفالات، ليبدأ الفريق التدريبات بشكل مكثف اعتبارًا من يوم الاثنين، استعدادًا لمباراة الجمعة المقبلة، التى ستكون الأخيرة فى الدورى، ورغم حسم اللقب لكن المباراة ستحظى بأهمية خاصة، كونها جزءًا من مشوار الفوز بالكأس. ويكمل المدير الفنى لمسار: الفريق يسعى هذا العام لتحقيق ثلاثية الدورى والكأس والسوبر، بالإضافة إلى التتويج بلقب دورى أبطال إفريقيا، وذلك بفضل تكامل جهود الإدارة والجهاز الفنى واللاعبين. وفيما يتعلق بخطط تدعيم الفريق، لا توجد تعاقدات جديدة فى الوقت الحالى، إلا أن الجهاز الفنى قام بتحديد بعض الاحتياجات لتعزيز صفوف الفريق، لكن لم يتم اتخاذ قرارات نهائية بشأن الأسماء المرشحة، حيث ينتظر الفريق الانتهاء من بطولة الكأس لتحليل أداء اللاعبين بشكل أدق. وعن المراكز المستهدفة لدعم الفريق، تم تحديد بعض المراكز الرئيسية التى تحتاج إلى تعزيز، لكن القرار النهائى يعتمد على ما سيسفر عنه اجتماع الاتحاد المصرى لكرة القدم بخصوص زيادة عدد اللاعبات المحترفات، وأن هناك احتمالية لزيادة الدعم فى جميع الخطوط حال اتخاذ قرار بزيادة العدد المسموح به. وعن الصعوبات التى واجهت الفرقة يقول عبدالرحمن عايد أن الصعوبات التى واجهها فريقه خلال دورى الموسم كانت تتمثل بشكل أساسى فى الانسحابات التى حدثت فى الجزء الأول من الموسم، وأوضح أن اللعب ضد أندية ضعيفة يؤدى فى كثير من الأحيان إلى انسحابها من المباريات، مما يسبب إرباكًا ومشكلات تنظيمية. واقترح عايد أن يكون الحل الأمثل هو أن يكمل اتحاد الكرة الموسم الحالى بعد الانتهاء من الجزء الأول من الدورى، مع تصفية العشر فرق لتكمل المنافسات مع بعضها البعض، وأشار إلى أهمية زيادة فرق الهجوم من أجل رفع مستوى التنافسية، مؤكدًا أن الحل السريع يكمن فى تقليل عدد فرق الدورى إلى 12 فريقًا بدلاً من 16، لضمان وضع كل لاعب فى الدرجة التى تناسب إمكانياته الفنية والبدنية. ويتحدث عايد عن أهم المقومات التى يمتلكها نادى مسار، والتى تضمن استمراره فى مركز متقدم، مشيرًا إلى أن النظام الإدارى المحكم هو الأساس فى ذلك، ورغم تغيير الجهاز الفنى فى منتصف الموسم، إلا أن الفريق لم يتأثر وحافظ على مكانته فى الدورى، من مبدأ «الإيمان بالتخصص»، حيث يتولى مجلس الإدارة المتابعة الدقيقة لكل تفاصيل النادى، مع الاعتماد على المدير الرياضى، مريم، فى انتقاء اللاعبات اللاتى تمتلكن القدرات اللازمة لتطبيق طريقة اللعب المعتمدة فى النادى. وأوضح عايد أن نادى مسار يتميز بامتلاكه رؤية واضحة وأسلوب لعب منظما، مما يسهم فى الحفاظ على الهوية الرياضية للفريق ويعزز من استمراريته فى المنافسة، وحول المنافسة فى الدورى هذا الموسم، أكد أن أكبر المنافسين لنادى مسار هما الأهلى ودجلة، حيث كان الفارق بين نادى الأهلى ومسار خمس نقاط، وبين دجلة ومسار سبع نقاط، مما يجعلهما أكثر الفرق التى نافست بقوة على لقب الدورى هذا العام، كما أشار إلى بعض محطات مسيرته التدريبية، حيث تولى قيادة نادى المعادى وحقق معه المركز الثانى فى أحد المواسم، والمركز الرابع فى الموسم التالى، بالإضافة إلى المركز الثانى فى كأس مصر، ثم انتقل لتدريب نادى بيراميدز، وبعدها نادى توتال فى إنجلترا تحت ال 20 عاما شباب، وأخيرًا نادى مسار الذى يواصل معه مشواره الحالى، وسبب عودته مفاوضته إدارة مسار معه. وأخيرًا إذا كان يسيطر اللونان الأحمر والأبيض على كرة القدم للرجال، فيبدو أن هذين اللونين يختفيا تمامًا أمام مسار فى دورى الكرة النسائية الكبير والمسيطر.