أعلنت السلطات الإسرائيلية أن الحرائق المندلعة فى جبال القدس أحرقت أكثر من 24 ألف دونم (الدونم يساوى ألف متر مربع)، فى حين تواصل إجلاء السكان من البلدات المهددة بنيرانها، بعد إعلان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أمس، حالة الطوارئ الوطنية بسبب الحرائق التى عمقت الخلافات الداخلية فى إسرائيل. ورجّح قائد منطقة القدس بهيئة الإطفاء أن تكون الحرائق الحالية هى الأكبر التى تشهدها إسرائيل على الإطلاق، فى وقت تبادل فيه عدد من أعضاء الحكومة الاتهامات حول أسبابها، فيما قدّرت خدمة الطوارئ الإسرائيلية أن مئات المدنيين معرّضون للخطر بسبب الحرائق، مضيفة أنها أعلنت حالة التأهب القصوى، وعالجت فرقها 22 شخصًا، تم نقل 12 منهم إلى المستشفى جراء استنشاق الدخان. وأصدر وزير الجيش الإسرائيلى تعليمات بنشر قوات لمساعدة أجهزة الإطفاء على التعامل مع الحرائق المستعرة، وجاء، فى بيان مقتضب، عنه: «نحن فى حالة طوارئ وطنية، ويجب حشد كل القوى الممكنة لإنقاذ الأرواح والسيطرة على الحرائق». وباشر العمل، منذ ليلة أمس الأول، فى منطقة الحرائق 163 طاقم إطفاء و21 مركبة رباعية الدفع وطائرة شمشون، على أن تنضم اليوم 12 طائرة إطفاء من الجو، وأغلقت شرطة الاحتلال الطريق السريع الرئيسى بين القدس وتل أبيب، وقامت بإجلاء السكان على طول الطريق مع اندلاع حرائق الغابات مجددًا فى منطقة دمرتها الحرائق قبل أسبوع، وتم إخلاء التجمعات السكنية التى يسكنها آلاف الأشخاص. وأدت الحرائق الضخمة إلى فرار الإسرائيليين من سياراتهم على الطريق السريع، فيما طلبت السلطات الإسرائيلية مساعدة دولية للسيطرة على الحرائق، وأعلنت وزارة السياحة الإسرائيلية أنه جرى تشكيل غرفة عمليات خاصة لإدارة إجلاء السكان من بلدات تهددها الحرائق، بينما قدّرت تكلفة إعادة الإعمار بعد الحرائق بملايين الدولارات. واستمرت الحرائق- حتى «مثول الجريدة للطبع»- فى 9 بؤر، منها «بيت مئير وشورش وشعار هاغاى ونافيه إيلان ومسيلات تسيون ونافيه شالوم ومنتزه كندا وعانافا»، إذ انتشرت جراء ارتفاع درجات الحرارة والرياح القوية. والتهمت الحرائق أجزاءً من «غابة إشتاؤول» ومنتزه «كندا» الذى احترق بالكامل، ومنتزه «عانافا» ومنطقة «ديريخ بورما» و«غابة شوريش» غرب القدس، وأُصيب نحو 20 إسرائيليًّا جراء الحرائق واستنشاق الدخان، كما أُصيب 12 من عناصر الإطفاء، بينهم مفوض قائد الإطفاء، إيال كاسبى، فيما توقعت هيئة الأرصاد الإسرائيلية استمرار انتشار النيران بسبب الرياح. وجرى إخلاء مستشفى «إيتانيم» للأمراض النفسية الواقع بمنطقة الحرائق، ويضم 104 مرضى، حسب وزارة الصحة الإسرائيلية، كما تم إخلاء كل من «مؤسسة بروتيا» لرعاية المسنين و«مركز ريتورنو لإعادة تأهيل الشباب من الإدمان»، وأفادت الوزارة بأنها تستعد لاحتمال إخلاء «مستشفى هداسا» عين كارم فى القدس بسبب استمرار الحرائق. وقال قائد منطقة القدس بهيئة الإطفاء والإنقاذ، شموئيل فريدمان: «نواجه ربما أكبر حريق شهدته البلاد، وليست لدينا فكرة عن سبب الحريق، ولا ننشغل بذلك، وأثناء الحريق كانت هناك حرائق أخرى فى نقاط مختلفة». وأضاف، فى بيان: «نحن بحاجة إلى جلب أكبر عدد ممكن من سيارات الإطفاء وإنشاء حواجز للحرائق تتجاوز خطوط النار الحالية بكثير، نحن الآن فى حالة طوارئ وطنية، وليست محلية فقط، والأولوية الآن هى الدفاع عن القدس». من جهته، ألمح وزير الأمن القومى، إيتمار بن غفير، إلى احتمال أن يكون الإحراق العمد وراء الحرائق، إذ أعلنت الشرطة أنها ألقت القبض على أحد سكان القدسالشرقية، والذى ضُبط وهو يحاول إشعال النار فى حقل جنوبالمدينة، غير أنه لم يصدر أى بيان رسمى يربط بين الأمرين بشكل مباشر. وأكد «بن غفير» أن الشرطة ستعتقل أى شخص «متورط فى إرهاب الحرق العمد»، بينما تراقب أيضًا أى اضطرابات، كما أصدر تعليمات لقوات كبيرة من الشرطة ونحو 14 ألف عنصر من فرق الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد بالخروج فى دوريات، بعد تقييمه أن الحرائق جرى إشعالها بشكل متعمد. وأفاد مسؤولون أمنيون بأنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت الحرائق قد اندلعت نتيجة إشعال متعمد على خلفية قومية، والتى كشفت عن خلافات بين الجيش الإسرائيلى والشرطة تحت قيادة «بن غفير»، وفقًا لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية، التى أكدت أن سلاح الجو اتهم الوزير بتقديم رواية كاذبة فيما يتعلق بتنسيق استخدام طائرات شمشون فى جهود الإطفاء، ومفوضية الإطفاء بالإهمال وعدم الرغبة فى تشغيل الطائرات التابعة له فى الساعات الأولى من اندلاع الحريق، وذلك لتوفير المال. بدوره، اتهم المدير العام السابق لوزارة الأمن القومى الإسرائيلية، تومر لوتان، «بن غفير» ب«المساس بجاهزية قوات الإطفاء، ما أثر على التعامل مع الحريق الضخم فى جبال القدس»، فى حين أشار ابن رئيس الوزراء، يائير نتنياهو، إلى احتمال تورّط اليسار الإسرائيلى فى إشعال الحرائق لإجهاض الاحتفالات بما يسمى «يوم الاستقلال». وأفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية بأن جهاز الأمن الداخلى «الشاباك» يشارك فى التحقيق لتحديد أسباب الحرائق، وناشد وزير الخارجية الإسرائيلى، جدعون ساعر، عددًا من الدول الأوروبية وغيرها تقديم المساعدة فى مكافحة الحرائق. وتواصلت وزارة الخارجية الإسرائيلية مع دول مجاورة، منها اليونان وقبرص وكرواتيا وإيطاليا وبلغاريا طلبًا للمساعدة، فى حين أعلنت فرنسا أنها سترسل طائرة إطفاء إلى إسرائيل للإسهام فى إخماد الحرائق بجبال القدس.