يتواصل الغضب العالمى المحموم إزاء القرارات التي أعلنها الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بشأن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية أجمع قادة العالم أنها ستلقى بظلالها على الاقتصاد العالمى وتدفعه نحو الركود، وهددت بعض الدول بشن حربٍ تجاريةٍ على الولاياتالمتحدة، كرد على الرسوم الشاملة التي فرضها ترامب، قبل يومين، وعززت احتمالات حدوث تباطؤاقتصادى عالمى وارتفاعات حادةٍ في أسعارِ الكثير من السلع، بما ينهى حقبة من تحرير التجارة استمرت لعقود. وأعلنت كندا، الجمعة، أنها ستفرض رسومًا جمركية مضادة بنسبة 25% على المركبات المستوردة من الولاياتالمتحدة وغير المتوافقة مع اتفاقية الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، كما ذكرت وكالة «شينخوا» الصينية، الجمعة، أن الصين تعتزم فرض رسوم جمركية مضادة فيمتها 34% ردًا على الرسوم الأمريكية، كما ستمع تصدير بعض المواد المرتبطة بالمعادة النادرة إلى الولاياتالمتحدة، وتتوقف عن استيراد الدواجن من شركتين أمريكيتين. ودعا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الدول الأوروبية إلى تعليق استثماراتها في الولاياتالمتحدة. على صعيد متصل، أكد رئيس الوزراء الكندى مارك كارنى، أمس، أن بلاده ستتخذ إجراءات مضادة للرد على رسوم ترامب، وقال «الاقتصاد العالمى مختلف جذريا اليوم عما كان عليه بالأمس»، واعتبر أن الولاياتالمتحدة تخلت عن دورها التاريخى كداعم للتعاون الاقتصادى الدولى. وتعهدت الصين بالرد على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على واردات ثانى أكبر اقتصاد في العالم، وكذلك فعل الاتحاد الأوروبى الذي يواجه رسومًا جمركية بنسبة 20%. وفى اليابان، أحد أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، قال رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا إن الرسوم الجمركية الأخيرة التي أعلنتها واشنطن خلقت «أزمة وطنية»، حيث أدى انخفاض أسعار أسهم البنوك، إلى دفع سوق الأسهم في طوكيو نحو أسوأ أسبوع لها منذ سنوات. في المقابل، أكد شركاء تجاريون آخرون، منهم اليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك والهند، أنهم سيؤجلون أي رد فعل انتقامى في الوقت الحالى سعيًا للحصول على تنازلات. وصرح وزير الخارجية البريطانى بأنه يعمل على إبرام اتفاق اقتصادى مع الولاياتالمتحدة. ورغم تباين حدة وطبيعة ردود الفعل، فإن حلفاء واشنطن ومنافسيها على حد سواء أجمعوا على أن الرسوم الجمركية تهدد بضربة قاصمة للتجارة العالمية. وفى هذا الصدد قالت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولى، إن الرسوم الجمركية «تمثل بوضوح خطرًا كبيرًا على التوقعات العالمية في ظل تباطؤ النمو»، داعيةً واشنطن إلى العمل على حل التوترات التجارية مع شركائها والحد من حالة عدم اليقين. وبينما بادرت بعض الدول بالإعلان عن ردود فعل انتقامية وأخرى آثرت التفاوض، تضاربت تصريحات البيت الأبيض حول ما إذا كانت الرسوم الجمركية دائمة أم أنها مجرد تكتيك لكسب تنازلات. وفى هذا السياق، صرّح وزير التجارة الأمريكى هوارد لوتنيك، وكبير مستشاريه التجاريين بيتر نافارو، في تصريحات إعلامية، مساء أمس الخميس، بأن الرئيس لن يتراجع، وأن زيادات الرسوم الجمركية ليست مجالاً للتفاوض. في المقابل، قال ترامب للصحفيين: «الرسوم الجمركية تمنحنا قوة تفاوضية هائلة. لطالما كانت كذلك. لقد استخدمتها ببراعة في الإدارة الأولى، كما رأيتم، لكننا الآن ننتقل بها إلى مستوى جديد تمامًا». وأوضحت تقارير إعلامية أمريكية عديدة أن تهديدات ترامب المتقطعة بفرض رسوم جمركية منذ عودته للبيت الأبيض في يناير الماضى، أدت إلى زعزعة ثقة المستهلكين والشركات. وأشارت «رويترز» أمس إلى أن ترامب قد يتراجع مجددًا، إذ لن تدخل الرسوم الجمركية المتبادلة حيز التنفيذ قبل 9 أبريل.