«مفيش حاجة تبرر اللي حصل».. ضحية مشاجرة «تلاميذ الطالبية» تروي تفاصيل ليلة مرعبة

لم يكن يومًا دراسيًا استثنائيًا، بل بدا للوهلة الأولى كأي يوم آخر في شهر رمضان، حتى لحظة خروج التلاميذ من بوابة إحدى المدارس الإعدادية في الطالبية بالجيزة، دقائق قليلة كانت كافية لتتحول مشادة عابرة بين طلاب إلى سلسلة أحداث متلاحقة، انتهت بهجوم على منزل عائلة أحدهما.
الساعة تقترب من الواحدة ظهرًا. تقف «ر» على الرصيف المقابل للمدرسة، عيناها تبحثان عن شقيقها التوأم بين جموع الطلاب المتدافعين إلى الخارج، لكن اللحظة التالية حملت مفاجأة غير متوقعة، حينما اقتربت منها زميلة تُدعى «ج» واتهمت شقيقها بأنه تسبب في إفساد ملابسها بالماء خلال فترة الاستراحة.
«شفتها جاية علينا غاضبة، بتزعق وتقول إن أخويا رشّ عليها ميه»، تحكي الفتاة، التي حاولت إيضاح أن الفاعل الحقيقي شخص آخر، لكن الحديث لم يدم طويلًا، إذ تحول الجدل إلى اشتباك جسدي انتهى بسقوط «ر» أرضًا، بينما تعرض شقيقها لضربة في وجهه.
إدارة المدرسة تدخلت سريعًا، مستدعية أولياء الأمور، في محاولة لإنهاء الخلاف واحتوائه قبل أن يتفاقم. جلس المدير مع الآباء، محاولًا تهدئة الأمور، لكن النقاشات ازدادت توترًا، ولم يكن أحد يعلم أن المواجهة لم تنتهِ بعد، بل بدأت لتوّها.
قبل الغروب بساعات، كانت «نور»، الأخت الكبرى، في طريق عودتها من العمل. خطت نحو مدخل البناية حيث تسكن عائلتها، لتجد أمامها مجموعة من الأشخاص، وجوههم تحمل مزيجًا من الغضب والترقب. «كانوا كتير.. واقفين وبيسألوا عليّ وعلى بابا»، تحكي الشابة، التي أدركت على الفور أن الأمر لم ينتهِ بعد.
في تلك اللحظة، لم تجد سوى الاتصال بوالدها، «يحيى»، الذي كان على بُعد دقائق من المنزل، فأخبرته أن الوضع متوتر، وأن عليه القدوم سريعًا، لم تكن تعلم أن حضوره لن يهدئ الأمور، بل سيشعلها أكثر.
وصل الأب بصحبة ابنه الأكبر، وما إن وطأت قدماه مدخل العقار حتى اندفع نحوه أفراد من الحشد، ليبدأ الاعتداء. «كانوا بيضربوه بإيديهم، وعصي خشب»، تروي «نور»، التي لم يكن أمامها سوى محاولة الهروب، لكن محاولتها لم تكتمل.
ركضت نحو المصعد، ضغطت الزر في محاولة للنجاة، لكن قبل أن تُغلق الأبواب، امتدت أيدي المهاجمين، وجذبوها إلى الخارج. «حاولت أفلت منهم، بس كانوا كتير، وقعت على الأرض، وبدأوا يضربوني». وسط الفوضى، سمعت صوت امرأة تصرخ: «هنقلعها هدومها في الشارع!»، لتدرك أن الخطر أكبر مما توقعت.
والدها، رغم تلقيه الضربات، حاول التدخل، لكن أحد المعتدين كان يحمل سكينًا، ولوّح به في وجهه. تقول «نور»: «كان بيحاول يطعنه، بس ناس تانية كانت بتضربه في نفس الوقت». لم يستطع الرجل مقاومة الهجوم العنيف، وسقط على الأرض فاقدًا وعيه.
لم يمر وقت طويل حتى حضرت الشرطة بعد بلاغ من العائلة. في مكان الحادث، لم يكن هناك سوى آثار الدماء وكاميرات المراقبة التي وثّقت المشهد من زوايا مختلفة.
بدأت عمليات البحث عن المتورطين، وخلال ساعات، تمكنت قوات الأمن من تحديد هوية بعضهم. خمسة أشخاص كانوا أول المقبوض عليهم، فيما استمرت التحريات لملاحقة البقية.
في تحقيقات النيابة العامة، قال المتهمين إن ما فعلوه كان رد فعل على اعتداء التوأم على ابنتهم، لكن الأدلة المصورة قدمت رواية أخرى، حيث أظهرت الاعتداءات بوضوح، من لحظة وصول الأب وحتى سقوطه مضرجًا في دمائه.
النيابة العامة أمرت بحبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيق، فيما تستمر التحريات للوصول إلى جميع الضالعين في الاعتداء.
تقول «نور»، التي لا تزال تعاني من الكدمات والصدمة: «مافيش حاجة تبرر اللي حصل.. إحنا كنا بندافع عن نفسنا، وما تخيلتش إن مشكلة في المدرسة توصل لكده».
أما والدها، الذي يتلقى العلاج من إصاباته، فيؤكد: «ده ما كانش مجرد خناقة، كان محاولة اعتداء جماعي على أسرة كاملة».