لماذا أحب الطفل «يوسف» معتديه في «لام شمسية»؟ أخصائية تربية تكشف

طفل صامت بوجه مُجَهَّم، ردود أفعاله قليلة جدًا، وتفاعله شبه منعدم مع من حوله، سلوكيات عنيفة ترافقه أينما ذهب، وخلف عينيه القلقتين يحمل سرًا أثقل من سنه، هكذا ظهر الطفل «يوسف»، في مسلسل «لام شمسية»، الذي يطرح قضايا اجتماعية حساسة، مثل التحرش الجنسي بالأطفال، والصدمات النفسية، وأهمية العلاج النفسي والدعم الاجتماعي.
ينسج المسلسل خيوط حكاية مؤثرة، بطلتها نيللي، المعلمة الشابة التي تجسدها أمينة خليل ببراعة، والتي تجد نفسها في مواجهة تحديات اجتماعية ونفسية معقدة.
وتدور الأحداث حول يوسف، الطفل الذي يجسد دوره على البيلي، وهو ابن زوج نيللي، طارق الذي يجسده أحمد السعدني، يوسف يعاني من حالة نفسية غامضة، تتكشف أبعادها تدريجيًا مع تقدم الأحداث، ونيللي، بحسها المرهف وإنسانيتها، تحاول فهم ما يمر به الطفل، وتكتشف أنه وقع ضحية للتحرش الجنسي من شخص مقرب.
ويفتح النقاش حول كيف يمكن أن يقع الأطفال ضحايا لمشاعر مختلطة، تجمع بين الخوف من المعتدي والتعلق به، خاصة إذا كان شخصًا قريبًا من العائلة أو يشغل مكانة عاطفية في حياة الطفل.
يحلل «المصري اليوم»، حالة الطفل يوسف في مسلسل لام شمسية ويبرز علامات محددة للعائلات حول كيفية المعرفة مبكرًا بمرور الأطفال بمواقف مشابهة.
لماذا تعلّق يوسف بمعتديه؟.. عُقدة الخوف والحب في مسلسل «لام شمسية»
«علشان خاطري متموتش أنا بحبك».. هي الجملة التي أثارت تعجب الجمهور والتي أرسلها الطفل يوسف للشخص الذي اعتدى عليه وهو الفنان محمد شاهين، في دور «وسام»، وعن كواليس الأحداث الأولى من المسلسل، مع دخول «نيلي»، زوجة الأب واكتشافها أمر غير طبيعي يدور في الغرفة يرفض الطرفين أن يعترفا به، وبمشاجرة بين والد الطفل وصديقه المقرب للعائلة والمعتدي على الطفل، انتهت بغيبوبة لشخصية «وسام».
لكن كيف يُبدي الطفل عواطف لشخص مؤذي؟
تقول رضوى صفاء، أخصائي تربية وسلوك الأطفال، إن هناك عدة عوامل نفسية قد تفسر تعلق الطفل بالمتحرش، من بينها «التلاعب العاطفي»، حيث يستخدم المعتدي سلوكيات مثل اللطف والهدايا والاهتمام لكسب ثقة الطفل، ما يجعله يربط بينه وبين المشاعر الإيجابية، رغم الأذى الذي يتعرض له.
وتضيف أخصائي التربية: «الأطفال في هذه المواقف يصابون بارتباك عاطفي حاد، فهم لا يستطيعون استيعاب كيف يمكن لشخص يُظهر لهم الحنان أن يكون في نفس الوقت مصدرًا للألم، ما يدفعهم إلى التمسك بالعلاقة رغم الضرر».
وتوضح أن هناك أيضًا ما يُعرف ب«الارتباط النفسي بالمعتدي»، وهو نوع من التبرير الداخلي الذي قد يلجأ إليه الطفل لحماية نفسه نفسيًا من إدراك حقيقة الموقف المؤلم، فيقنع نفسه بأن المعتدي «مش دايمًا وحش» أو أن ما حدث كان «غلطة عابرة»، مشيرة إلى أن «الشعور بالذنب والخوف من فقدان العلاقة» من الأسباب الأخرى، خاصة إذا كان المعتدي يُشعر الطفل أن البوح بالحقيقة سيؤدي إلى مشاكل كبيرة.
وتابعت: «للأسف، في بعض الحالات، قد يصل الطفل إلى حالة أشبه بمتلازمة ستوكهولم، حيث يتعاطف الضحية مع المعتدي كآلية دفاعية نفسية لمواجهة الخوف والصدمة»، مضيفة: أن كل هذه التفاصيل جعلت يوسف يشعر باحتياجه لوسام، وأن يظل دائمًا بجانبه رغم كل الأذى الذي تعرض له.
الأعراض الخفية: كيف تكشف الأم تعرض طفلها لأذى نفسي أو جسدي؟
وقفًا ل«صفاء»، فإن هناك مجموعة هامة من العلامات التي تبدو على الأطفال وتشير لتعرضهم للأذى وتتضح في اللآتي:
1. تغيرات سلوكية مفاجئة
قد يصبح الطفل انعزاليًا أكثر من المعتاد، يرفض اللعب أو الحديث مع الآخرين، أو يظهر عليه الغضب والعنف دون أسباب واضحة.
يلاحظ الأهل أن الطفل يتجنب أشخاصًا بعينهم أو يخشى الجلوس معهم.
2.مشاكل نفسية وعاطفية
يعاني الطفل من كوابيس أو اضطرابات في النوم، أو يظهر عليه القلق والخوف المستمر.
قد يشعر الطفل أيضًا بالذنب أو بالخجل من نفسه، دون وجود سبب واضح لذلك.
3.تغيرات جسدية أو شكاوى صحية متكررة
الطفل قد يشتكي باستمرار من آلام في البطن أو صداع، رغم عدم وجود مشكلة طبية واضحة.
يمكن ملاحظة كدمات أو علامات غير مفسرة على جسده.
في بعض الحالات، قد يعود الطفل لسلوكيات طفولية مثل التبول اللا إرادي، رغم أنه تخطاها سابقًا.
4.تغيرات في اللعب أو التعبير عن نفسه
يمكن أن يرسم الطفل رسومات غريبة أو مخيفة، أو يلعب بعنف أو بسلوكيات غير مناسبة لعمره.
وقد يوجه أسئلة غير مألوفة عن العلاقات بين الكبار، أو يتحدث عن «أسرار» لا يستطيع شرحها.
ما الذي ينبغي على الأم فعله؟
1. على الأم ألا تضغط على الطفل ليتحدث، بل تكون إلى جواره وتطمئنه أنه في مكان آمن.
2. يمكنها فتح حوار مبسط عن الحدود الجسدية، مثل: «هناك أشياء لا يجوز أن يقوم بها أي شخص معنا، حتى لو كنا نحبه».
3. يجب أن يشعر الطفل أن الحديث عن الأمر لن يجلب له أي ضرر أو عقاب.
4. من الضروري أيضًا مراقبة تفاعله مع الآخرين وملاحظة إن كان يتجنب شخصًا بعينه.
5. وفي حال وجود شكوك، يُفضل استشارة مختص نفسي، لمساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره والتعامل مع الموقف بأمان.
بينما أشار القائمين على العمل إلى أن الاهتمام بسلامة الأطفال أثناء التصوير كانت أهم الأولويات، لذلك حضرت دكتور سارة عزيز مديرة ومؤسسة Safe Egypt وعضو مجلس إدارة في المجلس القومي للأمومة والطفولة كواليس التصوير للتأكد من السلامة النفسية للطفل الذي يؤدي الدور، مع تدريب جميع أفراد فريق العمل على التعامل مع الأطفال في موقع التصوير.