انطلاق فعاليات المؤتمر الأول للسنة النبوية بأكاديمية الأوقاف بأكتوبر    حصاد أنشطة التعليم العالي في أسبوع    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    برلماني: ثورة 30 يونيو مهدت الطريق لتحويل مصر إلى دولة مدنية حديثة    الإسكان: إزالة التعديات عن 5 أفدنة ببرج العرب الجديدة واسترداد 146 فدانًا بالعاشر من رمضان    توجيهات جديدة بشأن البنزين والخبز.. توجيهات عاجلة من محافظة القاهرة قبل عيد الأضحى    الليمون ب40 جنيهاً والبامية ب50.. أسعار الخضروات في أسواق الإسكندرية اليوم السبت 8 يونيو 2024    البيئة: إجراءات هيكلية لدعم إشراك القطاع الخاص في الصناعة الخضراء    ارتفاع أعداد شهداء مدرسة تؤوى نازحين بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة ل41 شهيدا    المقاومة الإسلامية بالعراق تعلن قصف هدف حيوي داخل إسرائيل    اندلاع حريق كبير جراء قصف إسرائيلي لبلدة حولا حي المرج ووادي الدلافة في جنوب لبنان    المنتخب يخوض مرانه الأخير قبل السفر إلى غينيا بيساو    مدرب المغرب عن انفعال حكيمي والنصيري أمام زامبيا: أمر إيجابي    كيف يستعد الزمالك خلال فترة التوقف الدولي؟    السير على خطى فابريجاس؟ رومانو: ليفركوزن يقترب من ضم مدافع برشلونة    إحالة عاطل للجنايات بتهمة قتل صديقه في دار السلام    بالصور.. وكيل الأزهر يتفقد لجان امتحانات الثانوية ويشيد بالتزام الطلاب    وكيل الأزهر يتفقد لجان اللغة الإنجليزية بمصر الجديدة ويشيد بالتزام الطلاب    بسبب ارتفاع درجات الحرارة.. تخفيض سرعة القطارات على معظم خطوط السكة الحديد    إصابة 4 شباب في انقلاب سيارة ملاكي بطريق الأربعين بقنا    ضبط 449 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1059 رخصة خلال 24 ساعة    مهرجان جمعية الفيلم يعرض «وداعاً جوليا» بدار الأوبرا.. الليلة    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    بدأ بشخصية كشكش بيه.. أسرار ومحطات في ذكرى وفاة نجيب الريحاني(صور)    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    وزير الصحة يوجه بتكثيف الأنشطة الوقائية في المدن الساحلية تزامنًا مع قرب عيد الأضحى    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    وزير المالية: توسيع القاعدة الضريبية لدفع جهود الاستثمار في الصحة والتعليم    أسرة قهوجى أوسيم تؤكد عدم وجود شبهة جنائية حول وفاته    النائب العام السعودي: أمن وسلامة الحجاج خط أحمر    نجم الأهلي يوجه رسالة قوية إلى محمد الشناوي    أوكرانيا: عدد قتلى الجيش الروسي يصل إلى 517 ألفا و290 جنديا منذ بدء الحرب    رئيس فلسطين يرحب بدعوة مصر والأردن والأمم المتحدة لحضور مؤتمر الاستجابة الإنسانية بغزة    لمواليد 8 يونيو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    القاهرة الإخبارية: ليلة مرعبة عاشها نازحو رفح الفلسطينية بسبب قصف الاحتلال    فتح باب التقدم بمسابقة فتحى غانم لمخطوطة القصة القصيرة.. اعرف الشروط    «التضامن»: تبكير صرف معاش تكافل وكرامة لشهر يونيو 2024    هل يجوز الادخار لحم الأضحية؟.. تعرف على رأي الإفتاء    الحكومة: إصدار وإعادة تفعيل 2796 كارت "تكافل وكرامة"    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    بعد حادث وفاته..7 معلومات عن رائد الفضاء الأمريكي ويليام أندرس    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    أسعار الأسماك اليوم 8 يونيو بسوق العبور    حاكم دونيتسك الروسية: القوات الأوكرانية تكثف قصف المقاطعة بأسلحة بعيدة المدى    «الصحة» تستعد لموسم المصايف بتكثيف الأنشطة الوقائية في المدن الساحلية    الجيش الأمريكي يدمر خمس مسيرات حوثية وصاروخين وزورق في اليمن    من جديد.. نيللي كريم تثير الجدل بإطلالة جريئة بعد إنفصالها (صور)    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    الفرق بين التكبير المطلق والمقيد.. أيهما يسن في عشر ذي الحجة؟    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    نجيب ساويرس ل ياسمين عز بعد حديثها عن محمد صلاح: «إنتي جايه اشتغلي إيه؟»    مفاجأة.. مكملات زيت السمك تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام ليس لها تاريخ (1)
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 08 - 2010

لمن يكتب التاريخ؟ للحكام أم للمحكومين.. للسلاطين والملوك والأمراء أم للعامة والدهماء والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة؟
هل قرأت يوما عن ملك من الملوك ما يسىء إليه وهو على قيد الحياة أو يشوه صورته فى كتب التاريخ؟ هل سمعت عن سلطان به عيب أو نقيصة إلا بعد مماته.
تاريخ العرب كله كذلك كتب من أجل الملوك والسلاطين وعلى مزاجهم، وتم تفصيله على مقاسهم ونسب إليهم من الخصال والصفات الحميدة ما ليس فيهم طالما كانوا أحياء، وورثوا كل ذميم وحقير بعد وفاتهم. وإذا أردت أن تتلمس شيئا من الأمر فى هذه العتمة فلن تجد مصباحا ينير لك الطريق، وليس أمامك إلا أن تعتمد على ذاتك فى كثير من الأحيان، ولن يكون أمامك إلا الإصغاء للحكايات التى توارثتها الأجيال.
الحاكم فى العالم العربى يتمتع بما لا يتمتع به أى من الحكام فى أى مكان آخر على ظهر الكرة الأرضية، والناس فى بلادنا تقدس صاحب السلطة -صاحب أى سلطة- كأنه ظل الله فى الارض ويعاملونه فى الجهر كأنه لن يموت أبدا، وفى الخفاء يسبونه ويلعنونه ويصورونه على أنه موطن الشرور ومصدر كل الموبقات. وقد مات ضميره سبع مرات قبل أن يموت صاحبه.
وعندما مات الخليفة الأموى فى دمشق أرسل الحاجب رسولا إلى ولى العهد الوليد بن عبدالملك يخبره بنبأ الوفاة، وكان يعيش منفيا فى قرية بعيدة تقع بين العراق والشام، فرد عليه ولى العهد الرسالة وأمره بالتحفظ على كل أموال وخزائن ومتعلقات دار الخلافة حتى يعود.
وأذاعوا الخبر على الناس أن الخليفة الجديد قادم على رأس جيش من رجاله ليتولى أمور الحكم بعدما انتهوا من فتوحاتهم، والحقيقة أن هذه الفتوحات التى كان يقوم بها ولى العهد لم تكن أكثر من إنها تسول أحيانا ابتزاز أحيانا أخرى، منذ غضب عليه الملك، وطرده من دار الخلافة، ولم يكن أصحابه سوى مجموعة من المتشردين.. لكن ما إن سمع الناس بأنه عائد حتى دعوا له بالعمر المديد والحكمة وتناقلوا الحكايات عن مآثره وحروبه العظيمة، وفتوحاته العظيمة، وتردد اسمه وجرى على ألسنة الخطباء ومن فوق المنابر.
لكن الخليفة المتوفى استيقظ فجأة فى المساء وتبين أنه كان مغمى عليه فقد كان رجلاً مريضاً، وبعد أن فتح عينيه تلفت حوله وطلب شربة ماء، فأتى إليه الخادم بشربة الماء فى كوز صفيح، وكان للخليفة طاسة من ذهب يشرب فيها، فطلب الطاسة الذهب، ولكن الخادم اعتذر له لأن الخليفة الجديد أمر بحفظ كل شىء حتى يعود وأمر بعدم استعمال أى شىء منها، وعندما سمع الخليفة ذلك توفى فى الحال. وبدون أن يشرب حتى شربة الماء.
والشىء العجيب أننا كعرب نصدق كل الروايات التاريخية وعكسها فى الوقت ذاته، وكل من كتب كتابا ونقل رواية نتعامل معه على أنه معصوم وكلامه منزل مع الوحى. لا نريد أن نقرأ شيئا بعين العقل ولا أن نزن رواية بميزان المنطق، وكل ما على هوانا نقبله بحماس لا مثيل له.
عمنا الجبرتى كتب ما كتب وهو يلاعب قدميه فى ماء النيل وقت العصارى عند رملة بولاق، والمقريزى كتب خططه ولم يناقشه أحد فى شىء ولم تراجعه لجنة علمية وابن أياس كتب ما كتب ولم تكن النظريات قد اكتشفت ولا المعايير العلمية قد تم وضعها ولا مناهج البحث.
ولم يكن ديكارت الفرنسى قد ظهر وعبر من الشك إلى اليقين من خلال عملية منهجية منظمة، وكتب عن سلة التفاح التى اعتبرها مثل عقولنا فيها الصالح والطالح يجب تفريغها مما فيها وبعد فرزها نعيد وضع التفاح السليم أى الأفكار الصحيحة فى السلة أى فى عقولنا.
التفكير بالنسبة لنا كعرب وإعمال العقل شىء من المحرمات وعندما نشر الدكتور طه حسين كتابه الشعر الجاهلى هاجوا وماجوا ورموا الرجل بكل نقيصة وكفروه وغالبية المكفراتية لم يقرأوا سطرا واحدا ولا حتى كلمة واحدة مما كتبها الرجل الضرير الذى كان يعادل آلاف المبصرين.
لم تكن لدينا عقول ناضجة ناقدة إلا فى عدد محدود من الناس، وتتعامل معهم الأغلبية دائما على أنهم قلة مندسة وسط الشعب يجب محاصرتها وملاحقتها ووأدها إن أمكن. وإذا أراد المرء أن يعرف شيئا دقيقا عن تاريخ بلاده، فإنه لا يمكنه الرجوع والاعتماد على ما كتبه مؤرخونا فقط، لكن عليه أن يستنير بما كتب الآخرون عنا، ولم أقرأ كتابا فى حياتى عن فتح مصر أهم من كتاب الدكتور ألفريد بتلر وقد شهد له الخصوم قبل الأصدقاء.
ومن هنا فإن تاريخنا مشوه إلى أبعد حد، مقلوب بدرجة غير بسيطة، خصوصا أن جميع من حكموا مصر طمعوا فى خيراتها واستراحوا لحكمها واستمرؤوه.
ولم ينغص عليهم شىء باستثناء بعض الهبات والثورات الضعيفة، وأى حاكم سقط من على كرسى مصر سقط نتيجة قصور ذاتى وإخفاق نفسى، حتى وإن خدعوك وقالوا ثورة أوقعته. ولم يتورع أى حاكم لمصر عن فعل أى شىء حتى يحمى كرسيه حتى عمرو بن العاص فعل ذلك، ولم يكن الخليفة عمر بن الخطاب مستريحا فى كثير من الأوقات لطريقة حكمه وكانت هذه نقطة خلاف دائم بينهما. لكن فى كل الأحوال شهدت الفسطاط ما لم تشهده من قبل ولن يحدث فيها من بعد وهو جلد ابن الخليفة لأنه جلد أحد المصريين.
نكمل الأسبوع المقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.