تفاصيل كثيرة، فى كواليس العلاقة بين مجدى مهنا و«المصرى اليوم»، وصلاح دياب، مؤسس الجريدة العريقة، غير أن مقدمات وإرهاصات صدور «المصرى اليوم» والارتباط الأول والمبكر بينها وبين مهنا، بدأت مبكرًا، ووفق شهادة المهندس صلاح دياب وما ورد فى توثيقه لهذا الأمر، أنه فى أحد الأيام من عام 2002 جاء الصحفى حسين الشاعر، لصلاح دياب، يعرض عليه شراء رخصة جريدة «الزمان» مقابل 600 ألف جنيه، ورأى صلاح أن المبلغ مبالغ فيه، وذلك لأن الحصول على ترخيص إصدار صحيفة لم يكن بالأمر السهل آنذاك، إلى أن تحقق الدافع الثانى القوى لصلاح دياب لكى يؤسس «المصرى اليوم»، ففى إحدى جلساته فى الوفد تحدث مع الدكتور نعمان جمعة، رئيس الحزب آنذاك، وقال له شاكيًا وغاضبًا: «أنا أول مصرى يدخل منافسًا للأجانب فى خدمات البترول، وأجتهد وأنافس لأحقق ربحًا متواضعًا، ثم فجأة أجد شخصًا لا علاقة له بالبترول يقوم بإنشاء محطة «ميدور» للتكرير؟.. الغريب أنه بعد أن أقامها أدخل معه هيئة البترول بحصة 40٪ ودفعت له مبلغًا قدره مليار ونصف المليار دولار، ثم دفعت الدولة مبلغًا آخر لتزيد حصتها 60٪، كل ذلك دون مناقصات ومزادات بل بدون علم بحقيقة التكلفة، ومع الوقت صار البنك الأهلى شريكًا فى الشركة، وخرج منها مؤسسها بعد أن حصل على المليارات أضعاف تكلفة التأسيس حتى قبل بدء المشروع. صلاح منتصر وطلب صلاح من نعمان جمعة أن يثير تلك القضية على صفحات جريدة الوفد، فقال نعمان جمعة: «لو كتبنا فإن الأمر لن يمر على خير.. بل أتوقع تصفية جسدية لمن يكتب عن هذا الموضوع». لم يستسلم صلاح دياب، واتصل بالكاتب الصحفى مجدى مهنا، رئيس تحرير جريدة الوفد آنذاك، وكان يثق فى نقائه ونزاهته وشجاعته، وأمده صلاح بالمعلومات التى تعضد وجهة نظره فى هذه القضية المستفزة، وتناول مجدى مهنا الموضوع فى ستة مقالات نارية فى جريدة الوفد، ولم يمر شهر على نشر هذه المقالات حتى أُجبرت الصحيفة على إقالة مجدى مهنا، رئيس التحرير، فشعر صلاح دياب بالحزن، وربما التأنيب، لأنه كان سببًا فيما لحق بمجدى مهنا، فعاود التحرك فى تحقيق حلمه بإصدار الصحيفة التى كان يحلم بإصدارها على أن يكون مجدى مهنا رئيسًا لتحريرها. اشترى صلاح ترخيص صحيفة «الزمان» فى 2003، واتخذ مقرًا مؤقتًا فى المهندسين إلى أن توفر المكان الأفضل فى 11 شارع جمال أبوالمحاسن فى جاردن سيتى. بدأ مجدى مهنا تكوين فريق العمل فى الصحيفة، وأصدر منها عشرة أعداد تجريبية، ولكن صلاح لم يُعجب بها، حيث وجد محتواها يتشابه مع مدرسة «روز اليوسف»، وخلطتها الصحفية، وكان دياب يريد للصحيفة محتوى ومذاقًا وشكلًا يخصها وتنفرد به. واستشار صلاح دياب، الكاتب الصحفى الكبير صلاح منتصر، قائلًا له إن العشرة أعداد التجريبية لم تُضف جديدًا، ولا ترقى لميلاد صحيفة قوية متفردة قادرة على المنافسة، ولا تمثل مدرسة صحفية جديدة، وكان دياب منكبًّا على متابعة الصحف العالمية المرموقة التى كان يعود بها من الخارج، إلى أن وقعت عيناه على مجلة شهرية فى مصر اسمها «كايرو نيوز»، تصدر بالإنجليزية، مختلفة فى الشكل وفى المضمون، وسعى للتعرف على ناشرها وهو هشام قاسم، وذهب إليه فى مكتبه فى جاردن سيتى، وعرض عليه أن ينضم ناشرًا ل«المصرى اليوم»، فاشترط هشام أن يجلس أولًا مع مجدى مهنا، رئيس التحرير، وبعدها يقرر الرفض أو القبول، والتقيا معًا عدة مرات لكنهما لم يتفقا، وحاول صلاح تقريب المسافات بينهما دون جدوى، بل كان صلاح فى قرارة نفسه منحازًا لرؤية هشام قاسم، وقال لهشام إذا كان عدم اتفاقك مع مجدى نهائيًّا، فما الحل؟، هل ترغب فى أن يترك رئاسة التحرير وتتولى أنت مكانه؟ فكانت إجابة هشام مفاجئة حيث قال: «لا طلباتى أصعب من هذا بكثير، سيرحل مجدى مهنا ومعه فريقه كاملًا، والمكون من 200 صحفى، حيث أريد أن أبدأ بفريق جديد تمامًا من اختيارى»، واندهش صلاح لهذا الطلب، فهذا معناه أنه سيدخل فى معاداة 200 صحفى، وبعد تردد حسم القرار، وتم الاستغناء عن فريق العمل بعد ثلاثة أشهر، وتم تعويضهم ماليًا ومعنويًا. أما مجدى مهنا فكان، كما عهده صلاح دياب، فارسًا فى مهنته وأخلاقه، ولم ينعكس عدم اتفاقهما على علاقتهما الإنسانية، واتفقا أن يكون هناك عمود يومى فى الصحيفة لمجدى مهنا بعنوان: «فى الممنوع»، وبدأ صلاح رحلة البحث عن رئيس تحرير جديد، واقترح هشام قاسم اسم أنور الهوارى، الذى جاء رئيسًا للتحرير.