القواعد العسكرية أو رأس «الأسد».. خيارات سورية تحاصر روسيا لمواجهة النفوذ التركي

في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، قال وزير الدفاع السوري مرهف أبوقصرة، إن بلاده منفتحة على السماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها الجوية والبحرية على سواحل البحر المتوسط، ما دام أن الاتفاق مع «موسكو» يخدم مصالح «دمشق»، الأمر الذي يشير إلى أن المصلحة السورية تحتل المقام الأول من أهداف الإدارة الجديدة.
صراعات النفوذ والاختيارات الصعبة
أظهرت تصريحات «أبوقصرة» رغبة الإدارة السورية الجديدة في إعادة تقييم أولويات السياسة الخارجية للبلاد، فمن خلال تقييم سلسلة من الأحداث الأخيرة نجد أن سوريا تتجه نحو إقامة علاقات أوثق مع دول الجوار، خاصةً تركيا التي كان رئيس جهاز استخباراتها الوطنية، إبراهيم كالين، من أوائل المسؤولين الأجانب رفيعي المستوى الذين زاروا دمشق بعد 4 أيام فقط من تغيير السلطة في ديسمبر الماضي.
وفي منتصف يناير، قام وفد سوري برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني بزيارة إلى أنقرة، وضم الوفد أيضًا وزير الدفاع ورئيس جهاز المخابرات العامة السوري، ما يشير إلى أن الجوانب العسكرية هيمنت على المناقشات، فكانت الموضوعات الرئيسية للمحادثات هي آليات الأمن والمبادرات المشتركة المحتملة، وفقاً لصحيفة «news.az» الأذرية.
توجهات جديدة في السياسة العسكرية
والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع بنظيره التركي رجب طيب أردوغان في الرابع من فبراير الجاري، في تطور جديد للعلاقات بين البلدين، إذ ركزت المحادثات بين الرئيسين على اتفاقية دفاعية تسمح لتركيا بإنشاء قواعد عسكرية في سوريا.
وحدد المناقشات موقع المنشأتين في شرق البلاد، فضلاً عن منح تركيا الحق في استخدام المجال الجوي السوري للعمليات العسكرية، وفي المقابل تعهدت أنقرة بتقديم الدعم العسكري لدمشق في حالة التهديدات الخارجية.
علاوة على ذلك، أفاد ممثل رسمي للحكومة الانتقالية أن المناقشات تطرقت أيضًا إلى استعداد تركيا لتشكيل جيش سوري جديد، ما يعني مزيدًا من التقارب العسكري بين البلدين يُحتمل أن يثير تناقضاتٍ خطيرة مع الوجود الروسي على أرض سوريا، فوجود مركزين متنافسين للقوة داخل دولة واحدة يشكل صيغة للصراعات المحتملة وبناءً على ذلك يتحدد أمام سوريا الاختيار بين حليفين.
مساومة على رأس بشار الأسد
«ستحتفظ سوريا بالقاعدتين العسكريتين الروسيتين في طرطوس وحميميم إذا كان ذلك يتماشى مع مصالح البلاد»، هذا ما صرح به وزير الدفاع السوري مرهف أبوقصرة ل«واشنطن بوست»، مؤكداً أن العلاقات مع روسيا تحسنت بشكل كبير، إذ «لا يوجد أعداء أبديون في السياسة».
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن كلمات «أبوقصرة» أن النظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع قدّم بالفعل الشروط التي قد تبقى بموجبها القواعد الروسية، وتشمل تسليم الرئيس المعزول بشار الأسد إلى دمشق ودفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالشعب السوري خلال حكمه قبل أن يفر من البلاد بدعم روسي.
وتضيف صحيفة «news.az» الأذرية، أن هذه المطالب غير مقبولة بطبيعتها بالنسبة لموسكو، ومن غير المرجح أن تسلم روسيا «الأسد» طواعيةً لخصومه وهي تعلم أن مصيره سيكون محتومًا، وبالتالي قد تخسر روسيا قواعدها العسكرية في طرطوس وحميميم، وهو ما يعني تحول سوريا إلى منطقة نفوذ لتركيا، إن لم يكن حمايتها بحكم الأمر الواقع.
وكان التأكيد الدقيق على هذا التحول هو النشر الأخير لخريطة رسمية جديدة لسوريا، حُذفت منها مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، وكذلك منطقة الإسكندرونة التي تنازلت عنها لتركيا في عام 1939.