كشف الرئيس السوري أحمد الشرع، ملامح المرحلة السياسية المقبلة في البلاد، مؤكدًا أن مستقبل سوريا سيستند إلى نظام جمهوري يضم حكومة تنفيذية وبرلمانًا يعملان ضمن إطار قانوني يحقّق المصلحة العامة. وشدّد الشرع، في مقابلة مع تلفزيون سوريا، على أن شكل نظام الحكم في سوريا سيكون منسجمًا مع القيم التي أُسستْ عليها الدولة منذ نشأتها، حيث ستتعاون السلطات الثلاث لضمان تحقيق العدالة والمساءلة. وعند سؤال الرئيس السوري عن تصوّره لشكل نظام الحكم سياسيًا، قال: «سوريا هي جمهورية، نظامها جمهوري فيها برلمان، وأيضًا فيها حكومة تنفيذية، وهناك قانون وسلطات تتعاون مع بعضها، وسلطات تشترك مع بعضها، ستكون سوريا طبيعية كما يعرفها الناس». وأضاف: «في المرحلة الأولى سيكون هناك برلمان مؤقت لأن البرلمان المنتخب متعذّر الآن، لأن الحالة الانتخابية في سوريا متعذّرة، فنصف الشعب موجود خارج سوريا وكثير منهم لا يملك وثائق، وفي سوريا ولادات كثيرة غير مسجلة، وفيها وفيات كثيرة غير مسجلة، وهناك مفقودون، كما أن بعض الأجزاء من سوريا ما تزال خارج سيطرة الدولة، فبالتالي، الانتخابات تحتاج إلى بنية تحتية»، وهذا قد يستغرق وقتًا طويلًا. حول المؤتمر الوطني، أعلن الشرع أنه سيتم تشكيل لجنة تحضيرية، ستجري مشاورات موسّعة مع مختلف الأطياف السورية قبل انعقاد المؤتمر. وأكّد أن هذا المؤتمر سيصدر بيانًا ختاميًا يمهّد الطريق نحو إعلان دستوري يحدّد مستقبل البلاد، مضيفًا أن صياغة الإعلان الدستوري لن تكون قراراً فردياً، بل نتيجة مشاورات واسعة تعكس إرادة الشعب. وأشار الشرع إلى أهمية إجراء مشاورات قبل الإعلان الدستوري لأن هذا «يحدّد شكل ومصير البلد، وفيه عناوين مهمة جداً، مثل شكل الهوية السورية، مثلاً مستقبل سوريا، كيف سيكون؟ فرأيت أن هذه المسائل لا ينبغي أن يتفرّد بها شخص واحد، ورأيت من الأفضل أن تكون هناك مشاورات متعددة نستضيء من خلالها بآراء الناس، ونعتبر هذه المشاورات كتوصيات تُعطى للجنة التحضيرية». وفيما إذا كان هناك جدول زمني لهذه المراحل وصولاً إلى مرحلة الانتخابات، قال الشرع: «لديّ تقدير أن المدة ستكون تقريباً بين أربع سنوات إلى خمس سنوات وصولاً إلى الانتخابات، لأن هناك بنية تحتية تحتاج إلى إصلاحات واسعة كما ذكرت، وهذا يحتاج إلى وقت». وتابع: «هناك كثير من الأدوات التقنية التي تحتاجها الدولة حتى تكون لدينا أرقام صحيحة وواضحة، دون هذا الأمر، أيّ انتخابات ستُجرى سيُشكّك بها، كثير من الناس طرحوا عليّ: أجْرِ انتخابات والناس سينتخبونني، قلت: يا أخي هذا لا يهمني الآن، المهم أن تكون العملية صحيحة، العملية إن لم تكن صحيحة، فسيُشكّك بها». أوضح الرئيس السوري أن العدالة الانتقالية ستتوازن بين الحفاظ على السلم الأهلي وضمان حقوق الضحايا، مشدّداً على أن العفو لن يشمل مرتكبي الجرائم المنظّمة. وشدد على متابعة القضايا المتعلقة بالمفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الجسيمة، لضمان تحقيق العدالة دون المساس باستقرار المجتمع. وأكد الشرع، أن معركة إسقاط نظام الأسد لم تكن ضربة حظ، بل نتيجة تخطيط استراتيجي استمر لخمس سنوات في إدلب. وأوضح أن القوى الثورية وحّدت صفوفها ونظّمت جهودها العسكرية لمواجهة قوات النظام، مشيراً إلى أن التحضير للمعركة شمل مراقبة دقيقة للأوضاع في مناطق سيطرة النظام، مع المتابعة الحثيثة للحالة السياسية والأمنية للنظام. أشار الرئيس السوري إلى أن جزءاً كبيراً من تفاصيل المعركة لم يُكشف حتى الآن، ربما يشكّل نحو 30 إلى 40% من مجريات الأحداث، لافتاً إلى أن النجاح تحقّق من خلال استخدام تكتيكات عسكرية مبتكرة وتضليل العدو بمعلومات مغلوطة عن التحركات العسكرية. وأضاف: «كنا نعتمد استراتيجية تضليل إعلامي وعسكري، نقلنا دبابات ومدرعات وقوات كبيرة، لكن أخفينا نقطة الهجوم الرئيسية، التي بدأت من منطقة الشيخ عقيل، حتى المقربون مني لم يكونوا على علم بهذه النقطة، باستثناء عدد محدود جداً». أكد الرئيس السوري، أن تشكيل حكومة تشاركية في البلاد سيكون خطوة أساسية نحو إعادة بناء المؤسسات وتعزيز مفهوم المواطنة، مشدداً على أهمية الكفاءات الوطنية في إدارة الشؤون العامة. وشدد الشرع على أن سوريا تمر بمرحلة إعادة بناء للقوانين وتفعيل دور المؤسسات، مؤكداً أن البلاد تفتقر حتى الآن إلى قانون ينظم عمل الأحزاب السياسية بشكل فعال. وأضاف: «نحن في مرحلة إعادة بناء القانون في سوريا، وحتى يُبنى القانون ويُمارَس بشكل عملي ويعتاد عليه فريق العمل، يحتاج الأمر إلى وقت، لكن هذا لا يمنع من مشاركة الكفاءات العالية في سوريا لتكون مصدر قوة للحكومة وليس نقطة ضعف لها». وأعرب الشرع عن رفضه لفكرة المحاصصة في توزيع المناصب الحكومية، معتبراً أن هذا النهج يؤدي إلى تعطيل مؤسسات الدولة ويهدد استقرارها. وأكد أن توزيع السلطة بناءً على الانتماءات الطائفية أو العرقية يخلق حالة من الانقسام ويمنح كل طرف حق الفيتو الذي يعطل سير العمل.