اعتقد المصري القديم أن الحياة تبدأ فى الشرق «حيث يشرق النيل»، ربما قبل أن يظهر إخناتون ويجهر بدعوته للتوحيد، التى كانت الشمس فيها أصل الحياة، لذلك أنشأ معظم مدنه شرق هذا النيل، فإذا مات المصري أوصى أن يدفن غرب النيل، حيث تغرب الشمس هناك، وتنام، لذلك كانت معظم مقابر المصريين - من العصور الفرعونية وحتى الآن - على الشاطئ الغربى للنيل. ولأن منطقة ميت رهينة، فى الشرق، وسقارة فى الغرب، باتت الأولى رمزا للحياة، فيما استقر الموت عند الغرب فى سقارة، التى تعّج الآن بالحياة والحضارة ودفء ومحبة استقبال أهلها لكل وافد. كانت «سقارة» جزءًا مهمًا من جبانة منف، ويقال إنها أخذت هذا الاسم من «سُكر» المعبود الخاص بالجبانة. سقارة، متحف مفتوح، يضم بين جنباته معظم آثار التاريخ المصري القديم، فهنا مقابر ملوك وكبار موظفي الأسرتين الأولى والثانية، وهنا الهرم المدرج، «أقدم بناء حجرى ضخم فى التاريخ»، وبها أهرامات أهم ملوك الأسرتين الخامسة، والسادسة، حيث هرم الملك أوناس، أول من نقش غرفة دفنه بنصوص الأهرام، لحمايته خلال رحلته فى العالم الآخر. احتوت سقارة، مقابر عصر الانتقال الأول، ومقابر أفراد تعود للدولتين الوسطى والحديثة، من بينها نرى مقبرة حور محب، قائد الجيش، كما يوجد مدفن العجل المقدس أبيس «السرابيوم». وتعد المقبرة الجنوبية، الأكبر فى جبانة الدولة الحديثة، ولم يكن موقعها معروفًا، حيث اكتشفت أوائل القرن التاسع عشر، ثم أعيد اكتشافها مرة أخرى فى 1975.