«تراثنا».. بوابة مصر للحفاظ على الهوية ودعم الحرف اليدوية وتعزيز الصادرات

تعد الحرف اليدوية والتراثية جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المصرية، فهى ليست مجرد مهن تقليدية، بل كنوز حية تعكس تاريخنا وحضارتنا، وتحظى بتقدير كبير من قبل شعوب العالم، الذين يرون فيها أصالة وجمالًا لا ينتهيان، إلى جانب قيمتها الفنية والثقافية، التى تسهم بشكل كبير فى تمكين السيدات، خاصة الأميات منهن، من اكتساب مهارات تتيح لهن تحقيق الاستقلال المالى والمشاركة بفاعلية فى بناء المجتمع.
وتعمل الحكومة على دعم أصحاب هذه الحرف من خلال جهاز تنمية المشروعات الذى يوفر لهم خدمات متعددة، تشمل التدريب، والتوسع، والتسويق، ما يساعدهم على تنمية مهاراتهم والوصول إلى أسواق أوسع، سواء محليًا أو دوليًا، لتعزيز هذا التراث الثمين واستدامته.
ونظمت الحكومة معرض «تراثنا» للحرف اليدوية فى دورته السادسة لعرض منتجات أكثر من 1500 عارض من مختلف محافظات مصر والدول الأجنبية، والذين استعرضوا منتجات متنوعة بهرت الزوار بجمالها ودقتها، وتنوعت بين المشغولات النحاسية، والخزف، والنسيج اليدوى، والمنتجات الخشبية، والمشغولات الفضية والذهبية التى تعكس عبقرية الحرفيين المصريين وإبداعهم المتوارث عبر الأجيال.
وخلال جولة فى معرض «تراثنا»، استطلعت «المصرى اليوم» آراء العارضين، الذين أشادوا بالتنظيم والدعم الحكومى المقدم لهذه الفعالية التى أصبحت منصة رئيسية لترويج المنتجات التراثية.
وأعربت «أم محمد»، إحدى العارضات المتخصصات فى السجاد اليدوى من منطقة حلايب وشلاتين، عن سعادتها البالغة بالمشاركة، قائلة: «المعرض فرصة ذهبية لعرض منتجاتنا أمام جمهور واسع، وتنظيمه هذا العام كان مميزًا جدًا بفضل الدعم والترويج، وتمكنت من الوصول إلى عملاء جدد بجانب دعم الجهاز الدائم للمشاركة فى المعارض المحلية والدولية لترويج المنتجات المصرية».
وأضافت: «هذه الحرف مكنت الكثير من السيدات من فتح باب جديد لجلب الأموال عن طريق تصنيع تلك المشغولات بأقل الأدوات الممكنة.. أما بخصوص المصنوعات؛ فكلها بخامات محلية 100٪، وتختلف أسعارها من خامة إلى أخرى، حيث تتراوح الأسعار ما بين 1000 جنيه للقطعة و 100000 جنيه».
وأكد أحمد جابر، صانع الفخار من قرية تونس فى محافظة الفيوم، أهمية المعرض فى تسليط الضوء على الحرف اليدوية، قائلًا: «المعرض يبرز جمال الحرف التقليدية ويتيح لنا عرض مهاراتنا، وأود أن أشكر الحكومة على هذا الجهد الذى يساعدنا فى الحفاظ على تراثنا وتوسيع أعمالنا وهذه الفرصة تساعدنا فى بناء علاقات وشراكات جديدة»، وهو ما اتفقت معه هند عبدالرحمن، التى تعمل فى مجال المشغولات الفضية، معبرة عن سعادتها بالإقبال الكبير من الزوار، الذين أشادوا بمنتجات المعرض وعبروا عن انبهارهم بجودة التصاميم.
وقالت عبير ماهر، صانعة الحرف الخشبية، إن جهاز تنمية الشروعات قام بعدة تسهيلات لعرض المنتجات، الأمر الذى مكن جميع العارضين من تحقيق أرباح كبيرة، فيما أوضح عادل أحمد، أحد مصنعى الفضة والأحجار الكريمة، أن مشاركتهم فى المعرض تدر عليهم أرباحًا كبيرة، حيث إن الجهاز يقوم بتسويق المنتجات بشكل جيد، ما مهد لهم الطريق أمام التصدير للخارج.
وأضاف: «الخامات تمتزج بين المحلى والأجنبى على حسب طبيعة المنتج، والدولة بدورها وضعت تيسيرات كبيرة للحصول على الخامات المطلوبة وفتح أسواق أكبر لتصدير، حيث إن الأسعار متفاوتة؛ وتتراوح بين 300 جنيه و75 ألف جنيه».
من جهته، أوضح يوسف حمد البلوشى، نائب رئيس غرفة رأس الخيمة لتنمية مشروعات الشباب فى البحرين، أنه يشارك للمرّة الرابعة بالمعرض، إذ إن استمرار تنظيم المعرض يؤكد استمرار نجاحه من قبل الجانب المصرى، ولفت إلى أنه حقق نسب مبيعات كبيرة خلال مشاركته فى السنوات الماضية، متوقعًا زيادة معدلات المبيعات بنسبة 20٪ خلال مشاركته العام الجارى.
وتابع «البلوشى»: «مشاركة الوفد البحرينى بالمعرض منحته فرصة جيدة لتبادل الخبرات مع المشاركين من جميع الدول المشاركة، خاصة الجانب المصرى المنظم للمعرض، علاوة على أن هناك متابعة جيدة ولقاءات مكثفة لنجاح المعرض».
وأكد حمد الشندلى، فنان تشكيلى سعودى، متخصص فى صناعة العطور المباخر والخشبيات، أن المنتجات السعودية بالمعرض تتضمن مجموعة متنوعة من المنتجات الفنية المميزة وفقًا لأحدث التصميمات العالمية، منوهًا بأن الجناح السعودى يلقى إقبالًا كبيرًا بمعرض «تراثنا»، لا سيما أن الأوانى المنتجة من العود تلقى إقبالًا متزايدًا من المواطنين بالدول العربية.
وشارك اتحاد المستثمرات العرب، برئاسة الدكتورة هدى يسى، بجناح يضم معروضات مجموعة من الشركات المعتمدة لدى الاتحاد ضمن أجنحة 1164 عارضًا من مختلف المحافظات وبعض الدول العربية والأجنبية، كما تم استعراض مشروع «تيج»، الذى يدور حول أهمية الدمج البيئى فى استراتيجية التحول الرقمى.
وشهد الجناح زيارة كل من شريف محمد فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، وباسل رحمى، الرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، حيث أشادا بمشروع «كيانك» ل علا محيلبة، عضو الاتحاد عن الإسكندرية، والذى يتضمن تدريب 50 سيدة على الصناعات اليدوية.
وقالت «يسى» إن معرض تراثنا يعد ملتقى هامًا يضم المبدعين والحرفيين من مختلف محافظات الجمهورية والدول الخارجية، ما يساهم فى تعزيز الصناعات التراثية ودعم أصحاب المشروعات الصغيرة، غير أنه يساهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر تشجيع الحرف التراثية، وتسليط الضوء على الفنون التقليدية التى تمثل جزءًا هامًا من الهوية الثقافية لمصر، موضحة أن المعرض يأتى فى إطار توجهات القيادة السياسية نحو الاهتمام بالمشروعات الصغيرة وتشجيعها ودعم ريادة الأعمال.
وأشارت «يسى» إلى أن المعرض يجمع الحرفيين المتخصصين فى المشغولات اليدوية والتراثية، ليعرضوا آلاف القطع الفنية المستوحاة من التراث المصرى الأصيل، ولفتت إلى أن حرص اتحاد المستثمرات العرب على المشاركة فى المعرض يؤكد أهمية تلك الصناعات وإبراز الصناعات المتطورة فى هذا المجال ودعم الاتحاد لها، متابعة: «رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى للمعرض تعكس اهتمام الدولة بتلك الصناعات الحرفية اليدوية والعمل على تنميتها، حيث تعد عاملًا هامًا فى توفير فرص العمل والقضاء على البطالة وتنمية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة».
وأكد باسل رحمى، الرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات، أن رعاية الرئيس السيسى سنويًا لمعرض «تراثنا» تعطى تقديرًا عالميًا كبيرًا لفعاليات المعرض الذى وصل عدد الدول المشاركة فيه إلى 8 دول من مختلف أنحاء العالم، كما أن افتتاحه من قبل الدكتور مصطفى مدبولى يؤكد اهتمام الدولة بقطاع المشروعات الصغيرة ورعايتها الدائمة ودعمها المتواصل لمشروعات الشباب، ويمثل رسالة مؤكدة لتشجيع الفنانين التراثيين والحرفيين على العمل والاستمرار فى التطوير والإنتاج لزيادة مساهمتهم فى الاقتصاد الوطنى وتحسين جودة منتجاتهم للوصول بها إلى الأسواق العالمية.
وشهدت الدكتورة مايا مرسى، وزيرة التضامن الاجتماعى، توقيع مذكرة تفاهم بين جهاز تنمية المشروعات والمجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، بهدف التنسيق والتعاون بين الجهاز والمجلس، للعمل على تنمية وتطوير مهارات الأشخاص ذوى الإعاقة لتلبية متطلبات سوق العمل وتمكينهم اقتصاديًا من خلال إقامة مشروعات ذات جدوى اقتصادية تمكنهم من الاندماج السلس مع المجتمع ورفع مستوى معيشتهم من خلال فرص عمل مستقرة.
وأوضح «رحمى» أن حضور وزيرة التضامن فعاليات التوقيع ومشاركة الوزارة بجناح كبير فى معرض «تراثنا»، نتاج تنسيق وتعاون مستمر بين الوزارة والجهاز، بهدف تنفيذ العديد من التوجهات التنموية للدولة فى مقدمتها التمكين الاقتصادى، ودعم مشروعات ذوى الهمم، بالإضافة إلى الاهتمام المشترك بقطاع المشروعات التراثية والحرفية، والذى يشكل مصدر رزق للملايين من المصريين، خاصة الشباب والمرأة فى الصعيد والمحافظات الحدودية والعمل على التوسع فى تسويق منتجات هؤلاء الشباب والفنانين من خلال معرضى «تراثنا» و«ديارنا» اللذين يعتبران نافذة تسويقية هامة لتلك المشروعات للبيع داخل مصر أو إجراء التعاقدات للتصدير للخارج.
وأشار «رحمى» إلى التعاون الفعال مع وزارة التضامن فى وضع استراتيجية الحرف اليدوية والتراثية التى تتبناها الدولة لدعم هذا القطاع الهام وتلبية احتياجاته وتطوير منتجاته، بما يتلاءم مع متطلبات الأسواق الداخلية والخارجية، موضحًا أن الجهاز بدوره سيتعاون مع المجلس لتنظيم ندوات لتوعية الأشخاص ذوى الإعاقة بأهمية العمل الحر ومساعدتهم على استخراج مستندات إقامة المشروعات من خلال وحدات الشباك الواحد فى المحافظات كافة، والاستفادة من جميع خدمات الجهاز المالية والفنية لإقامة مشروعات فردية أو مشتركة بين الشباب من ذوى الهمم، بالإضافة إلى دعمهم بدورات تدريبية مجانية فى التسويق والإدارة.