«قفز من لوح التزلج ورفع إصبعه.. كأنه طائر اقترب من السماوات العُليا».. هكذا وصف مصوّر وكالة «فرانس برس»، الفرنسى جيروم بروييه، اللقطة التاريخية التي التقطها لراكب الأمواج البرازيلى جابرييل ميدينا، خلال أوليمبياد باريس 2024. كان «بروييه» يقف حينها مستعدًا بعدسة كاميرته لالتقاط صورة عادية، حسب وصفه، لكنه فوجئ بالساحر ميدينا «يمشى على الماء». وبالفعل كان أصدقاء «ميدينا» يمزحون معه بتلك الجملة «يمشى على الماء»، لكنهم لم يعلموا أيضًا أن عام 2024 سيأتى بدليل حى من الأوليمبياد بأن راكب الأمواج البرازيلى يمشى على الماء بالفعل، وليس تعبيرًا مجازيًا. ووصف «بروييه» ما التقطته عدسته بأنها الصورة التعريفية للانتصار في الألعاب الأوليمبية الصيفية 2024، و«الصورة الأكثر إثارة في أوليمبياد باريس 2024». وقال «بروييه»، ل«المصرى اليوم»، إنه كان واقفًا مثل باقى المصورين على سطح إحدى السفن، استعدادًا لالتقاط صورة لغابرييل ميدينا بشكل عادى، لكنه قفز سريعًا في لمح البصر ورفع إصبعه حتى كاد يلمس السماء، مضيفًا: «قمتُ بالتقاط الصورة سريعًا وأرسلتها لمحرر (فرانس برس)، ولم أكن أتوقع ما سيحدث بعد ذلك». مثل باقى الحاضرين، شاهد «بروييه» احتفال راكب الأمواج البرازيلى خلال منافسات الدور الثالث بتأهله إلى الدور ربع النهائى في منطقة «تاهيتى» الفرنسية، من خلال حركة استعراضية قفز خلالها ليبدو في الصورة طائرًا فوق الماء ويستقر على سحابة في المحيط الهادئ وخلفه لوح التزلج، ليحصل على 9.9 نقطة، وهى أفضل نتيجة في أوليمبياد باريس حتى الآن. مرّت لحظات، وفتح «بروييه» هاتفه ليتصفّح وسائل التواصل الاجتماعى، لكنه فوجئ بعاصفة من الإعجاب بصورته التي التقطها لجابرييل ميدينا، حسب قوله: «لم أتوقع ما حدث، لكنه أمر جديد بالنسبة لى، ورائع أيضًا»، ابتسم «بروييه» ثم أكمل: «الأمر مُخيف أيضًا، كيف يتحدث كل هؤلاء المعجبين بصورتى من كل أنحاء العالم». فور انتشار صورة «ميدينا» بعد فوزه وتأهله إلى الدور ربع النهائى، شارك صورة «بروييه» على صفحته على «إنستجرام»، وكتبَ: «أستطيع أن أفعل كل شىء مع المسيح الذي يقوينى»، وفى تصريحات صحفية، قال: «أشعُر بالقرب من الله عندما أركب الأمواج». تصريحات «ميدينا» تؤكد أنه ليس كأى راكب أمواج عادى، لكنه يحمل الله في قلبه مع كل موجة. أواخر ديسمبر 1993، فيما تتساقط الثلوج، وُلد جابرييل ميدينا في مدينة ساو سياستياو البرازيلية، وفى بيئة تُشبه الثلوج، عاش «ميدينا»، إذ كان يمارس ركوب الأمواج في صغره على الصناديق الخشبية التي كان يبيع والده الأسماك فيها: «لم يكن لدىَّ ما أفعله سوى ركوب الأمواج والنظر إلى السماء لمناجاة الله». وعندما وصل لسن السابعة، كان «ميدينا» يعمل ك«سائس» للسيارات، لمساعدة والدته لشراء الطعام، بعد انفصال والديه، لكن بعد زواج والدته من آخر تدرّب «ميدينا» على ركوب الأمواج أكثر وأكثر، فأصبح البطل العالمى الذي نراه الآن. يمتن «ميدينا» لركوب الأمواج: «لقد غيَّرت رياضة ركوب الأمواج حياتى»، إذ انتشلته من الفقر ومن الاكتئاب في بعض الأحيان عندما لا يحقق الأرقام الرياضية التي يحلُم بها، فلم يكُن مشهد «ميدينا» مجرد صورة عادية، وإنما هو مُلخص لحياته التي لم تخلُ من اللعب واللهو، لكنه يرى الله في كل موجة. سجل الرياضى البرازيلى نتيجة 9.90، وهى الأعلى في تاريخ الألعاب الأوليمبية في هذه الرياضة، ليحتفل بهذه الحركة الاستعراضية بتأهله إلى الدور ربع النهائى خلال منافسات الدور الثالث، وهى أفضل نتيجة في الأوليمبياد حتى الآن. وجرت مسابقة ركوب الأمواج في جزيرة تاهيتى، على بعد 16 ألف كيلومتر من باريس التي تحتضن الأوليمبياد الصيفية، ووصفت جريدة «تايمز» البريطانية اللقطة بأنها «الصورة التعريفية للانتصار في الألعاب الأوليمبية الصيفية 2024»، بينما اعتبرت وسائل إعلام أسترالية الصورة «أعظم صورة رياضية على الإطلاق». ونشر «ميدينا» الصورة على حسابه الخاص في «إنستجرام»، وسرعان ما جذبت أكثر من 2.4 مليون إعجاب.