«تل بسطة».. من هنا مرت العائلة المقدسة وسقطت الأصنام

«ولمَّا رَأَى هِيرُودسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضب جِدًّا، فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فى بَيْتِ لَحْمٍ وَفِى كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِى تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ»، كان السيد المسيح وقت خروجه من مدينة بيت لحم فى فلسطين عمره نحو سنة، وبعد أن قضت العائلة المقدسة بضعة أيام فى مدينة الفرما بشمال سيناء، ذهبت إلى مدينة تل بسطة، إحدى عواصم مصر القديمة.
توجهت العائلة المقدسة (السيد المسيح، مريم العذراء، يوسف النجار) إلى محافظة الشرقية، ودخلت فى يوم «24 بشنس» مدينة تل بسطة بالقرب من مدينة الزقازيق بالمحافظة، وتعتبر مدينة «تل بسطة» إحدى عواصم مصر القديمة، وقد وصفها المؤرخ هيرودت فى عام 450 ق.م، بأن بها معبدًا من أجمل المعابد فى مصر، معبد الإله «باستيت»، الذى شيده الملك خوفو، ومن بعده الملك بيبى.
وبُنيت فى منطقة تل بسطة حول ذلك المعبد، ثلاث كنائس؛ كنيسة السيدة العذراء، وكنيسة الملاك ميخائيل، وكنيسة الأنبا أنطونيوس، وتتميز الأخيرة بمعمار وبصمات فنية رائعة، كما يوجد متحف مفتوح يحتوى على تماثيل أثرية من عصور مختلفة من أيام الدولة المصرية القديمة، أيام الملك «خوفو»، وتم اكتشاف سبعة أحجار منقوش عليها المنشور «الكانوبى» الخاص بالملك بطليموس الثانى.
وبسبب ذلك المنشور تم اكتشاف اللغة المصرية القديمة «اللغة الديموطيقية» أيام الحملة الفرنسية، ومن أهم قطع المتحف: تمثال «ميريت آمون» وتمثال «رمسيس السادس» وأجزاء خاصة بصور الإله «حتحور»، وعدد من التيجان والأعمدة، كما يوجد متحف يحتوى على تماثيل للإله «باستيت» وهو إله على هيئة قطة، ويعتبر الإله الخاص بتلك المنطقة، وتم العثور على تماثيل متنوعة من القطط؛ منها البرونزية والحجرية.
«تل بسطة» كانت قديمًا مدينة مملوءة بالمعابد ويعود اسمها إلى «بر– باست» أى معبد باست، نسبة إلى المعبودة «باستيت»، ويرمزون إليها بالقطة وكانت المعبودة الرئيسية فى المدينة، وكان اسم المعبودة هو نفسه اسم المعبد والمدينة، وهى المحطة الأولى بشرق الدلتا التى استقبلت العائلة المقدسة قادمة من فلسطين عبر شمال سيناء، وهى إحدى خمس مناطق عبرتها العائلة المقدسة وتشمل شمال سيناء وشرق الدلتا ووادى النطرون ومنطقة حصن بابليون ومنطقة الصعيد.
وفيها أنبع الطفل «السيد المسيح» نبع ماء، وتم الإعلان فى 2 أكتوبر 1977 أن حفائر جامعة الزقازيق اكتشفت بئرًا للمياه فى تل بسطة شمال صالة الأعمدة للمعبد الكبير مبنية بالطوب الأحمر عمقها 6.60 م تعود إلى العصر الرومانى، وأثناء الكشف تفجرت المياه داخله من عين ماء جانبية، ويرجح أنها البئر التى أنبعها السيد المسيح، وفى تل بسطة تمت معجزة شفاء زوجة رجل اسمه كلوم أو أقلوم كانت مصابة بالشلل بعد استقباله للعائلة المقدسة.
وفى القرن السابع الميلادى، ذكر الأنبا زخارياس، أُسقُفُ مدينة سخا، أن العائلة المقدسة وقت دخولها تل بسطة، عطش الطفل «يسوع» وطافوا يطلبون ماء من أهل المدينة، ولم يستجب أحد لهم، فلم تبق العائلة المقدسة هناك كثيرًا لأنها لم تجد ترحابًا، لأن أصنام تلك البلد سقطت وتحطمت عند مرور العائلة المقدسة فى المكان، واستاء أهل المدينة منهم وطردوهم، وتوجهت العائلة جنوبًا نحو «مسطرد».