في عيد ميلاده ..محمد ياسين «مخرج التفاصيل» (تقرير)

يوافق اليوم عيد ميلاد المخرج الكبير محمد ياسين الذي استطاع أن يكون من أهم مخرجي مصر خلال السنوات الماضية، ورقم مهم في العملية الفنية، بأعماله الفنية المتميزة والتي على الرغم من قلتها إلا أنها دائمًا مؤثرة ومختلفة عن السائد، وهو الذي يتميز به ياسين طوال مشواره الفني.
وفي هذا التقرير قررنا أن نستعرض أبرز محطات المخرج محمد ياسين.
إبن عائلة فنية
محمد ياسين من عائلة المخرجين الكبيرين محمد عبدالعزيز وعمر عبدالعزيز، وكريم عبدالعزيز إبن عمته على الرغم من ذلك لم يعملا سويًا من قبل.
البداية: مساعد مخرج لعاطف الطيب ونادر جلال
تخرج ياسين من المعهد العالي للسينما عام1987 وعمل مباشرة كمساعد مخرج سواء تحت التمرين في أفلام مثل المجنونة، أو ملاحظ سكريبت في فيلم «الحكم آخر الجلسة»، ثم مساعد مخرج في أفلام كثيرة في عقدي الثماننينات والتسعينيات أبرزها «منزل العائلة المسمومة، لا تدمرني معك، الجلسة سرية،البنديرة»، ثم بدأ مشواره كمساعد مخرج في أفلام المخرج الكبير عاطف الطيب بداية من فيلم «ضربة معلم، البدرون، كتيبة الاعدام، ليلة ساخنة، وجبر الخواطر» آخر أفلام الراحل عاطف الطيب، كما عمل كمساعد مخرج في أفلام هامة جدًا في هذه المرحلة ومع مخرجين كبار مثل سمير سيف، نادر جلال، شريف عرفة، وأبرز تلك الأفلام :«كراكيب، المولد، حنفي الأبهة، الراقصة والسياسي، شمس الزناتي، يا مهلبية يا، الإرهاب والكباب، أرض الاحلام»، كما عمل كمساعد مخرج في فيلم «الإرهابي»، وظهر في لقطة من لقطات الفيلم.
الانطلاقة الفنية على يد وحيد حامد
وحيد حامد لم يكن كاتبًا مخضرمًا فقط بل كان كشاف مواهب في الإخراج والتمثيل والصحافة كذلك، وتخرج من تحت يديه العديد من الأسماء البارزة في الإخراج والتمثيل والصحافة.
وكان الراحل الكبير محبًا للعمل مع المخرجين الشباب واكتشافهم وإعطاءهم الفرصة لأول مرة وهو ما حدث مع شريف عرفة في خماسية أفلام التسعينيات مع النجم عادل إمام، وتكرر كذلك مع محمد ياسين عندما منحه الفرصة لإخراج فيلم «محامي خلع» لهاني رمزي، وليثبت من خلاله ياسين قدرته على خلق إيقاع كوميدي ومشاهد كوميدية ضاحكة، وهو ما حدث في مشهد :«صوت شخير لبدر النوساني» أثناء نومه واستطاع تلحينه بطريقة مميزة تبعث على الضحك.
بعدها، استمر ياسين في الكوميديا وأخرج فيلم «عسكر في المعسكر» للنجم محمد هنيدي، ثم عمل مع وحيد حامد مرة أخرى، وأخرج فيلم «دم الغزال» وظهرت قدراته في الإخراج الدرامي والسيطرة على ممثلين كبار مثل نور الشريف ويسرا، وظهر ذلك في مشهد وفاة جابر عميش في نهاية الأحداث، والذي كان أكثر مشاهد الفيلم إنسانية، كما أنه قدم صلاح عبدالله في ثوب جديد خلال هذا العمل.
بعدها، عمل مع وحيد حامد في تجربة لم تحقق نجاحًا كبيرًا، وهي فيلم «الوعد»، لكن كان أبرز ما ميزها هو مشاركة النجم الكبير محمود ياسين في العمل.
«الجماعة» والصورة السينمائية
قبل مسلسل «الجماعة»، كان الإخراج التلفزيوني له صورة معينة وطريقة تصوير قائمة على كاميرتين يقدم من خلالهما المشهد الدرامي، وزوايا محددة للتصوير مثل :«التصوير من ظهر الممثل» على سبيل المثال عكس السينما التي يتم التصوير فيها بكاميرا واحدة، في الجماعة استطاع ياسين أن يقدم صورة سينمائية مختلفة تمامًا لم تقدم في الدراما التلفزيونية من قبل حيث صور العمل بكاميرا واحدة وبطريقة سينمائية، فكان الأول من نوعه الذي يقدم هذا الاسلوب ومن بعد هذا العمل، انتقل الاسلوب السينمائي في الاخراج والتصوير إلى الدراما التلفزيونية.
كما أنه استطاع تقديم الممثلين بصورة مميزة للغاية، وكان الظهور الأول لأحمد مالك في دور حسن البنا وهو صغيرًا، وقدم كذلك إياد نصار بصورة مميزة في شخصية حسن البنا في شبابه، واستطاع تقديم مجموعة كبيرة من ضيوف الشرف ابرزهم أحمد حلمي وكريم عبدالعزيز، وقدم كذلك محمد فراج في مشهد مميز للغاية كان سبباً في إنطلاقته الفنية.
«موجة حارة» و«أفراح القبة» وعشق تقديم الروايات درامياً
محمد ياسين ليس مخرجاً سطحياً بل لديه وجهات نظر في الحياة ومثقف ومطلع على عدد كبير من الروايات، لذلك لا يقدم عملاً تلفزيونياً بسهولة، وليس متواجد على الساحة بكثرة لأنه يختار ما يقدمه، فبعد الجماعة بثلاث سنوات قدم مسلسل «موجة حارة» عن رواية الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة :«منخفض الهند الموسمي» بورشة كتابة تقودها الكاتبة مريم نعوم ومعها أسماء مهمة مثل الكاتب وائل حمدي، واستطاع أن يقدم العمل بصورة قد نعتبرها أكثر تميزاً من الرواية الأصلية، وقدم بيومي فؤاد في ظهور درامي مختلف عن ظهوره الكوميدي، وكذلك الراحلة معالي زايد، والفنان سيد رجب، واستمر بطله المفضل إياد نصار في التألق.
بعد 3 سنوات عاد ليقدم مسلسل «أفراح القبة» عن رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ ومع مرور العمل بمعوقات أبرزها خلافه مع كاتب العمل الأصلي محمد أمين راضي وانسحابه من العمل بعد كتابته لنصف الحلقات إلا أنه قدم صورة فنية غاية في الروعة، عبر من خلاله بالصورة عن عالم المسرح الملعون الذي يعيشه ابطال العمل، وقدم مشاهد تدرس في معاهد السينما من فرط جماليتها وإتقانها.
«المشوار»..مشوار لم يكتمل
وفي مسلسل «المشوار» ووسط طموحات عالية من الجميع بأن يقدم «ياسين» محمد رمضان في ظهور مختلف، لم يسر الأمر على التوقعات المأمولة وانسحب ياسين بعد عشر حلقات وأشرف على مونتاج الحلقات بسبب خلافات مع الجهة الانتاجية.
وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نعترف بأن محمد ياسين من المخرجين المهمين على الساحة الفنية، ووجوده يضفي قيمة كبيرة لموهبته وثقافته وتفاصيله وتفرده ولأنه تربى على يد آخر الأجيال المحترمين «فنياً».