إنذار بتفشى المرض نهاية 2022.. فزع لتوقف إنتاج لقاح الكوليرا فى إفريقيا

ذكرت صحيفة «جارديان» البريطانية، فى تقرير حصرى، أن هناك حالة من الفزع بسبب توقف إنتاج أحد اللقاحات المضادة للكوليرا، مما ينذر بتفشى غير مسبوق للمرض فى قارة إفريقيا.
وأوضحت الصحيفة، فى تقريرها، أنها علمت أن الشركة المصنعة لواحد من لقاحين فقط من لقاحات الكوليرا، المخصصة للاستخدام فى حالات الطوارئ الإنسانية، ستوقف الإنتاج فى نهاية العام الجارى، وذلك فى وقت يواجه فيه العالم سلسلة «غير مسبوقة» من تفشى الأمراض القاتلة.
وأضافت «جارديان» فى التقرير الذى انفردت به ونشرته على موقعها الإلكترونى، قبل يومين، أن شركة «شانسا بيوتيكنيكس (Shantha Biotechnics)»، وهى شركة هندية مملوكة بالكامل لشركة الأدوية الفرنسية «سانوفي» ستوقف إنتاج لقاح «شانشول(Shanchol)»، فى غضون أشهر، على أن يتوقف الإمداد تماماً بحلول نهاية عام 2023، الأمر الذى أثار قلق مسؤولى منظمة الصحة العالمية.
وفى هذا السياق، قال فيليب باربوزا، قائد فريق مكافحة الكوليرا بمنظمة الصحة العالمية، إن تحرك الشركة المنتجة للقاح جاء على الرغم من المناشدات المتكررة التى وجهها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم، للعدول عن القرار. وأضاف «بربوزا» تعليقاً على إصرار الشركة: «إنها حقاً استراتيجية مخيبة للآمال إلى أقصى حد.
لقاح «شانشول» هو أحد لقاحين فقط مضادين للكوليرا، يؤخذ عن طريق الفم، ومناسب للاستخدام ضمن مخزون الطوارئ العالمى الذى يوجه للبلدان التى تكافح تفشى المرض وكذلك لحملات التطعيم الوقائية، وشكل خلال العام الجارى نحو 15% من مخزون الجرعات.
الواقع أن تداعيات توقف إنتاج اللقاح ستكون مؤسفة، إذ يشير تقرير «جارديان» إلى أنه على الرغم من سهولة علاجها، فإن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن الكوليرا تقتل ما يصل إلى 143 ألف شخص سنويًا فى أفقر دول العالم، حيث لا يزال الوصول إلى المياه النظيفة صعباً والصرف الصحى الأساسى غير مكتمل.
وستكون التداعيات أكثر سوءاً للدول التى تكافح تفشى المرض ومن بينها هايتى وسوريا ولبنان ونيجيريا وملاوى وإثيوبيا. ففى ملاوى، تسبب المرض فى مقتل 110 أشخاص وإصابة ما يقرب من 4000 منذ مارس الماضى، عندما تم الإبلاغ عن الحالة الأولى، وفقًا لوزير الصحة فى ملاوى، خومبيز تشيبوندا.
وفى سوريا، حيث تم اكتشاف الكوليرا فى أواخر أغسطس الماضى، تم الإبلاغ عن أكثر من 13000 حالة مشتبه بها، بما فى ذلك 60 حالة وفاة، على الأرجح نتيجة لهذا التفشى، وسجل لبنان المجاور أيضًا حالاته الأولى منذ عام 1993.
فى المقابل، قال متحدث باسم «سانوفي» إن قرار وقف إنتاج اللقاح تم اتخاذه فى أكتوبر 2020، وأنه، بصفته «شريكًا مسؤولًا»، كان قد أبلغ المنظمات الصحية العالمية والمعنيين وأصحاب المصالح بحقيقة هذا الأمر قبل ثلاث سنوات من توقف الإمداد.
وأضاف المتحدث: لقد اتخذنا هذا القرار فى سياق كنا ننتج فيه بالفعل كميات صغيرة جدًا مقابل إجمالى الطلب على لقاحات الكوليرا، علماً بأن مصنعى لقاحات الكوليرا الآخرين (الحاليين والجدد) قد أعلنوا بالفعل عن زيادة قدرتهم على التوريد خلال السنوات القادمة، وتابع أن إنتاج شانشول سيتوقف نهاية العام الجارى، وبالتالى سيتوقف عرضه العام المقبل.
كان الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية قد حذر، الأسبوع الماضى، من أن أزمة تغير المناخ والأحداث المناخية القاسية التى وقعت مؤخراً مثل الفيضانات والأعاصير والجفاف أدت إلى انتشار الكوليرا بشكل أكبر نتيجة تقليل وصول الناس إلى المياه النظيفة. وقال إن ما يثير القلق بشكل خاص هو متوسط معدل الوفيات بسبب المرض، والذى اقترب هذا العام، وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية، من ثلاثة أضعاف معدله خلال السنوات الخمس الماضية. وحذر «تيدروس» من أنه «مع تزايد عدد حالات تفشى المرض، لا يمكن للإمدادات الحالية المتاحة من اللقاح مواكبة الطلب»، وحث الشركات المصنعة للقاحات الرائدة فى العالم على التواصل مع المنظمة من أجل مناقشة سبل زيادة الإنتاج.
على صعيد متصل، أوضح قائد فريق مكافحة الكوليرا بالمنظمة أنه نتيجة ارتباط المرض فى الأصل بفائض المياه وندرتها، فقد تسبب تغير المناخ خلال العام الجارى فى تفاقم العوامل المسببة للكوليرا. وقال «باربوزا»: ما هو غير مسبوق، فى رأيى، هو تزامن وتتابع حالات تفشى المرض على نطاق واسع فى أجزاء مختلفة من العالم، وكذلك تزايد معدل الوفيات، خاصة أن الكوليرا كانت سهلة العلاج نسبيًا عن طريق الترطيب الفموى أو الوريدى والمضادات الحيوية.
وتابع بربوزا: «فى عام 2022، يجب ألا يموت الناس من الكوليرا.. فهم ليسوا بحاجة إلى جهاز تنفس أو أى شىء معقد للغاية، إنهم يموتون لمجرد عدم حصولهم على الرعاية الصحية. وهذا غير مقبول».
تمنح جرعتان من لقاح الكوليرا الفموى مناعة ضد المرض لمدة ثلاث سنوات فقط عند البالغين، ولذا يعتبره مسؤولو الصحة أداة مهمة لمحاربة التفشى. غير أن الحل الجذرى طويل الأمد للكوليرا هو ضمان الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحى الجيد، إذ إن «اللقاح وسيلة لتغيير قواعد اللعبة فقط، كونه يسمح للبلدان بكسب وقت لتنفيذ حملات تلقيح أخرى».